النباء اليقين

الكيان السعودي وأطماعه في الحديدة بين عام 1934 وعام 2018م

الهدهد / مقالات

بقلم: احلام عبدالكافي

بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية قسم البريطانيون الجزيرة العربية واستقل شمال اليمن عن الإمبراطورية العثمانية عام 1849، وقامت المملكة المتوكلية عام 1918… وكان الأدارسة من بقايا العثمانيين، موالون لآل سعود و يسيطرون على جيزان والسواحل الغربية حتى الحديدة وعقدوا معاهدة صداقة مع الإنجليز عام 1915 وبدأوا بتلقي المساعدات المالية عام 1917 وأقاموا معاهدة مشابهة مع بن سعود عرفت بمعاهدة دارين بحضور” النقيب ويليام هنري شكسبير”  على إثر المعاهدة المنعقدة حينها تخلى البريطانيون عن سياسة عدم التدخل في شؤون وسط والجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية وسلموا الحديدة إلى الأدارسة عام 1926 على أن يظل البريطانيون مسيطرون في الجنوب، من جهته كانت علاقة الإمام يحيى حميد الدين سيئة مع الإنجليز المحتلين للجنوب اليمني وكان يحاول بسط نفوذ المملكة المتوكلية على باقي اليمن وتوحيد الشمال بالجنوب فخاض حروباً ضد سلاطين جنوب اليمن المرتبط بالإنجليز وكان جيشه على بعد خمسين كيلو متراً من عدن فتدخل البريطانيون أخيراً وقصفوا(قعطبة وتعز) وأيضا تلقت الحديدة قصفا عنيف بالطائرات لمدة خمسة أيام وخاض حروباً مماثلة مع الإمارة الإدريسية الذين كان ولاؤهم لآل سعود حينها أدرك الإمام أن توقيع معاهدة مع الإنجليز أمر لا مفر منه خاصة أن قوات بن سعود كانت تهدد المناطق الشمالية للبلاد وتحاول تسليم حليفتها بريطانيا الحديدة لقاء تعاونها معها في احتلال باقي الأراضي اليمنية.

ففي عام 1932، توجه الإمام إلى مناطق قبائل “وائلة “ومنها إلى نجران موطن قبيلة “يام “عدد كبير من هذه القبيلة ناصر الإمام وطُرد جيش بن سعود من المنطقة… لكن الأدارسة أدركوا أن بن سعود سيبتلع بلادهم فنقضوا الحلف بينهم وبينه والتحقوا بالإمام عام 1933 وكانت قوات بني سعود تحاول استعادة السيطرة على نجران حينها، فهرب كثير من سكان نجران إلى عسير وقامت الحرب اليمنية السعودية عام 1934 وكانت حربا بين الأدارسة في جيزان والحديدة التابعة للإمارة الإدريسية حينها مع بني سعود ولم تشتبك قوات الإمام مع بن سعود إلا في نجران، واستطاع بن سعود بعدها أن يعيد احتلال نجران….. وتم توقيع معاهدة الطائف في1934” لإدراك الإمام أن قواته لن تصمد أمام قوات بن سعود وقوات سلاطين قبائل جنوب اليمن وكلاهما كان متعاهدًا مع الإنجليز وكانت قد وقعت اتفاقية الطائف آنذاك وقد نصت المعاهدة بين الإمام والإنجليز حليف السعودية على ضرورة تجديدها كل عشرين سنة مع بني سعود وكانت هذه المعاهدة هي ما حدد حدود ما عرف بشمال اليمن بين بن سعود في شماله والإنجليز وسلاطين ما عرف باليمن الجنوبي في جنوبه وجاء في المعاهدة أن تُضم جيزان إلى السعودية عقب وفاة الأمير الإدريسي وأن ينسحب الكيان السعودي المتحالف مع بريطانيا من بعض مناطق الحديدة التي كانوا قد زحفوا إليها.

ما تشهده محافظة الحديدة اليوم من تهديدات أمريكية سعودية صهيونية واضحة لهو إيذانٌ بنية الكيان السعودي بالتحالف مع الكيان الإسرائيلي باحتلالها…وما توافد البوارج الأمريكية وتارة المستأجرات الإماراتية إلا خير دليل.

ما أشبه الأمس باليوم فكيان آل سعود الغاصب الذي احتل الأراضي اليمنية جيزان ونجران وعسير ومحاولته لاحتلال الحديدة هو نفسه اليوم الذي يحاول احتلال الحديدة مجددًا وحضرموت ومأرب والجوف…. وما أشبه تحالفه مع بريطانيا بالأمس بتحالفه مع إسرائيل وأمريكا اليوم… وما أشبه خونة اليوم ومرتزقة العدوان (بأدارسة) الأمس وبين ذلك وذلك وحده الشعب اليمني من يتصدر موقف الوطنية والإباء والشموخ حين يخوض معركة الدفاع عن أراضيه مع أبشع عدوان عبر التاريخ الذي يقوده أشرار هذا العالم وأرباب السيطرة وبسط النفوذ من يتجلون بكل زمان ومكان تحت مسميات وذرائع واهية.