النباء اليقين

الحاكمون و(واشنطن) حكومتهم !


بقلم الشيخ عبدالمنان السنبلي . 
لو أُجريت مثلاً عملية استفتاءٍ شعبيٍ ليس للشعوب الإسلامية وإنما للشعوب العربية كخطوةٍ أولى على مسألة الوحدة العربية، هل هم معها أم ضدها، لكانت النتيجة محسومة سلفاً بنسبةٍ قد تتجاوز 99% لصالح دعم وتأييد الوحدة العربية كونها تُشكل بالنسبة لغالبية العرب حلماً كان ولا يزال بعيد المنال رغم توافر أهم عناصره ومقوماته الإجتماعية والثقافية والدينية والجغرافية، فمالذي يحول بين الشعوب وبين حلمهم القديم الجديد في وطنٍ عربيٍ واحدٍ و جامع ؟!
سيقول البعض أن أمريكا وإسرائيل ومن وراءهم من الدول الطامعة هم من يقفون حائلاً دون تحقيق الوحدة العربية، وهذا صحيحاً وإن كان من وراء الستار، ولكن هل هذه الدول المتربصة هي المنوطة بتوحيد العرب حتى نلقي اللوم عليها أم أن المنوطين بذلك هم ملوك وأمراء وروساء الدول العربية الذين يُفترض أنهم يمثلون إرادة ورغبات شعوبهم ؟! 
ومالذي يمنع الحكام العرب أصلاً من أن يستجيبوا لرغبات وتطلعات شعوبهم ماداموا هم المنوطين بذلك ؟!
سيقول بعضٌ آخرٌ أن أمريكا وإسرائيل ومن وراءهم من الدول الطامعة هم من يمنع حكام العرب من ذلك ؟!
وهل كان هؤلاء الحكام أيها الحمقى يمثلون أمريكا وإسرائيل ومن خلفهم حتى يستجيبوا لرغباتهم على حساب رغبات وآمال شعوبهم، أم أنه يُفترض أنهم يمثلون شعوبهم ؟!
يا هؤلاء .. نعم إتفاقية سايكس بيكو هي من رسمت الحدود بين الأقطار العربية، ولكن هؤلاء الحكام هم من قاموا بتنفيذها وهم من أغلقوا الحدود وأقاموا الجدران العازلة والسياجات الحديدية والخرسانية وغيرها !
إن هؤلاء الحكام ببساطة شديدة لم يكونوا يوماً ممثلين لشعوبهم إطلاقاً وإنما هم يمثلون عروشهم التي يعتقدون وَهْمَاً أن أمر بقاءها وزوالها هو بيد أمريكا وإسرائيل ! ولذلك فهم يجتهدون في تنفيذ رغبات وتطلعات أسيادهم من بني الأصفر وبني قينقاع ويتنافسون على تقديم واجب الولاء والطاعة بتكريس واقع الفرقة والإختلاف بين الأمة كل يومٍ أكثر وأكثر، أما الشعوب فلا ينظرون إليها إلا كقطعان ماشيةٍ عليها أن تتجه وتتبع رعاتها أين وكيفما اتجهوا !
فلماذا إذاً يصر البعض منا اليوم على أن يخلع صفة القداسة على من ثبت أنهم لا يمثلوننا أصلاً لدرجة أن من الناس من أصبح يعتقد ويرى في أحدهم أميراً للمؤمنين وخليفةً للمسلمين ؟!
وكيف يكون أميراً للمؤمنين من لم تزدد به الأمة إلا فرقةً وانقساماً وشقاءً وبؤسا حتى أنه يوم أن فكر يحارب، شن عدواناً وأطلق عاصفةً ليس على إسرائيل وإنما على بلدٍ عربيٍ مسلم ؟!
وكيف يكون خليفةً للمسلمين من يبدد ثروات الأمة وينفق المليارات من الدولارات لتعزيز واقع الإنقسام والتشرذم وإشعال الفتن والحروب في أكثر من قُطرٍ عربي ؟!
وكيف يكون ولي أمرً للمسلمين أيضاً من إذا أردت أن تدخل بلده يوماً وأنت مواطنٌ عربيٌ أو مسلم بحثاً عن الرزق مثلاً، فإن عليك أن تأتي له بكفيلٍ من رعاياه يناصفك عرق جبينك ابتزازاً ويقيّد حركتك وحريتك ويمتهن كرامتك ثم يستغني عنك ويرحّلك متى يشآء، أما إذا كنت مقيماً أمريكياً أو غربياً فلا يسري عليك مفعول نظام الكفالة هذا ؟!
يا صديقي .. لقد صرنا اليوم على مستوى القطر العربي الواحد نفسه سواءً في العراق أو سوريا أو اليمن أو ليبيا مهددين بالتشرذم والتشظي بفضل بركات هؤلاء الطغاة الجاثمين على صدورنا ليس حكاماً لنا وإنما وكلاءً لتنفيذ مخططات ومؤامرات أعداء الأمة ضدها، فمتى يأتي اليوم الذي يعي فيه الموهومون والمتيمون بهم هذه الحقيقة ؟!
حقاً لقد صدق البردّوني يوم قال :
حـكامنا إن تـصدوا لـلحمى اقتحموا
وإن تـصدى لـه الـمستعمر انسحبوا
هـم يـفرشون لـجيش الغزو أعينهم
ويـدعـون وثـوبـاً قـبل أن يـثبوا
الـحاكمون و (واشـنطن) حـكومتهم
والـلامعون.. ومـا شـعّوا ولا غربوا
الـقـاتلون نـبوغ الـشعب تـرضيةًً
لـلـمعتدين ومــا أجـدتهم الـقُرَبُ 
لهم شموخ (المثنى) ظـاهراً ولهم
هـوىً إلـى (بـابك الخرمي ) ينتسبُ