النباء اليقين

الوعي .. وأبجديات المعركة

الكاتب:علي أحمد جاحز

المعركة مع العدوان ليست هينة البتة ويجب أن نعطيها حقها سواء من القراءة العميقة والبعيدة الافق، أو من الإعداد والتعبئة والتحشيد المستمر والمكثف، ونأخذ في اعتباراتنا أنها ليست هينة وأنها معركة مصيرية وأن العدو ليس بوارد التوقف والجنوح للسلم حاليا على الأقل ، وإن جاءت إشارات منه أو من وسطاء عن السلام فهي تحمل داخلها نوايا التفافية تهدف لاختصار الطريق نحو تحقيق مالم يستطيعوا تحقيقه بالحرب .
الاستهانة بالخصم تجعل من انتصارات أبطال الجيش واللجان الشعبية هينة وأحيانا تكاد لا ترى ولا تلمس ولا يكتب عنها ولا يجري تقديرها، وتجعل أيضا من تقدم للعدوان ومرتزقته في منطقة ما – وهي أمر طبيعي في الحرب – تجعل منه أمراً كارثياً ومخيفاً ويسبب الاحباط والخيبة في نفوس الناس، وهذا كله بسبب التقدير الخاطئ والمبالغة العاطفية في وصف الأشياء وتقديرها .
نحن نخوض حربا مع العالم ، وليست مجرد حرب غير متكافئة وحسب ، فالفارق التسليحي والإعلامي والسياسي والدبلوماسي لا يقارن ولا يمكن أن يقاس بمقياس المنطق، صحيح أن صمودنا وملاحم أبطالنا في الجبهات وتصديهم الأسطوري لكل تلك الآلة العسكرية التي يقف خلفها كل طغاة العالم، يعود لعوامل تتعلق بالإيمان بالقضية وبالتأييد الإلهي، لكن ذلك لا يعني أن نتواكل ونراهن على ذلك التأييد الإلهي وعلى خصوصية ما يحمله أبطالنا من عقيدة ، بل يجب أن نكون عند مستوى المعركة من حيث الإعداد والوعي .
الحرب النفسية التي يمارسها إعلام العدوان ممكن أن تترك أثرا في نفوس الناس، لكن ذلك الأثر لا يمكن أن يستمر ويستفحل في حال كان هناك وعي مقابل بطبيعة المعركة وبما ينبغي أن يكون عليه الوضع الطبيعي وما هو المطلوب لكي نتجاوز الوضع الطبيعي ونصنع ما نحب أن نرى ونسمع .
الوعي بطبيعة المعركة وبعظم الخطر وبحجم المؤامرة وبإمكانيات العدو وبنواياه وبما يجب أن نمتلك ونجهز ونعد لكي نواجه كل ذلك ، هو سلاح مهم وفاعل في المعركة الكبيرة والواسعة والمتعددة الجبهات والأوجه، والتي من ضمن جبهاتها جبهة الوعي، وحين نمتلك ذلك السلاح سيكون بإمكاننا أن نقرأ المتغيرات قراءة واقعية وعالية الفهم ، وبالتالي لن تترك المتغيرات السلبية في أنفسنا إحباطا وخوفا، كما أننا سنتعاطى مع المتغيرات الإيجابية بعيدا عن الغرور واللامبالاة التي تصل بيننا إلى عدم رؤيتها أحيانا والانتظار لخوارق الأحداث ومعجزات الانجازات، وهو أمر كارثي يؤثر سلبا على نفسيات الناس وتفاعلهم مع الجبهات.

 نقلا عن صحيفة الثورة