النباء اليقين

اليمن تحترق

بعد إنكار استمر أسبوعاً كاملاً أعلن التحالف العربى، بقيادة السعودية، أنه مسؤول عن ارتكاب المجزرة التى راح ضحيتها سبعمائة من المدنيين بين قتيل وجريح، بعد أن قام الطيران بقصف مجلس للعزاء فى العاصمة اليمنية صنعاء. فى البداية نحمد لأصحاب الاعتراف إقرارهم بما فعلوا فى زمن عز فيه وجود من يعترف بذنبه، غير أن الاعتراف بارتكاب جريمة حرب لا يعفى من المساءلة بشأنها ولا من المطالبة بحق المدنيين الأبرياء الذين ماتوا دون ذنب جنوه. جاء فى تبرير الغارة الوحشية على مجلس العزاء أنها تمت دون الحصول على الموافقة النهائية لقيادة التحالف ودون اتباع الإجراءات الاحترازية المعتمدة، وأنها تمت بسبب المعلومات المغلوطة التى قدمتها حكومة الرئيس عبدربه منصور هادى لطيران التحالف، لأنهم ظنوا أن على عبد الله صالح وعبدالملك الحوثى كانا موجودَين بمجلس العزاء!.

من الواضح أن العذر أقبح من الجريمة ذاتها، لأن قصف المدنيين بالصواريخ دون الحصول على موافقة القيادة ينم عن تخبط واستهتار بلا حدود من جانب الطيارين الذين يتسلون بقتل الأبرياء، ومن الواضح أيضاً أن ما يسمى بالرئيس هادى وحكومته قد فقدا الاعتبار بعد أن بلغ بهما الإجرام حد التحريض على قتل المئات من المدنيين من شعبهما لمجرد تصور وجود صالح والحوثى فى العزاء!. بالله عليكم هل هذا شخص يمكن الدفاع عن شرعيته وذبح شعب اليمن من أجل إعادته إلى كرسى الحكم؟. وبهذه المناسبة نحب أن نسأل أصحاب شعار «حلب تحترق» أين هم مما يحدث لشعب اليمن من قتل وحرق وتدمير لمحطات الكهرباء والمياه والجسور والمدارس والمستشفيات على يد التحالف العربى؟. نحن نتعاطف بدون أى شك مع حلب ضد الإرهابى بشار الأسد، لكن لماذا لا نراهم يفتحون أفواههم بكلمة عن شعب اليمن الفقير الأبىّ الذى يتعرض للموت الجماعى؟، هل لأنهم يتبنون الموقف السعودى بحذافيره فى العدوان على الشعب اليمنى ونصرة الشعب السورى؟!.

إنى أكاد أسمع صوت أسنان تصطك ورُكب تتخبط بعدما شاع أن المملكة تنوى نشر قائمة بأسماء الإعلاميين والسياسيين الذى تغذوا على الأرز السعودى طيلة السنوات السابقة. ورغم أننى لا أعتقد فى صحة هذا الخبر إلا أن الأسماء معروفة من زمن، وتسريبات ويكيليكس تكفلت بفضح بعض هؤلاء.. والكثير من أصحاب هذه الأسماء كانوا منذ أسبوعين فقط فى السفارة السعودية بالقاهرة يحتفلون بالعيد الوطنى. لا أقول إن كل من يحضر احتفالات السفارات هو عميل، لكنى أقول إن من يذهب إلى الحج المجانى والعمرة البلوشى فى ضيافة الأمراء ويحصل على الهدايا والنفحات يتحول إلى بوق لطوال العمر أصحاب الأيدى البيضاء، ولا يجرؤ أبداً على قول الحق فى مواجهتهم. والعجيب أن من بين هؤلاء الشماشرجية مَن فتح النار طوال الأسبوع الماضى ضد المملكة على إثر الخلاف فى وجهات النظر السياسية بين الدولتين.. وهذا يعنى أنه يمكن تقسيم الذين أكلوا إلى نوعين: نوع يأكل ويشكر ويدين بالولاء لصاحب الطعام، ونوع ثانٍ قارح لا يتورع عن شتم أصحاب الوليمة واللقمة مازالت فى فمه!. ليس فى هذين النوعين أحد أفضل من أحد، لكن يمكنهما دخول مسابقة لتحديد الأكثر دناءة!.

 

بقلم / أسامة غريب ” كاتب مصري”