النباء اليقين

أبو أحمد.. وشنطته.. ودرس القصر الأخير..

كثيرة هي الدروس العظيمة التي قدمها لنا خلال توليه رئاسة اللجنة الثورية العليا.. وحين كنا نكتفي بالنظر إلى بعض الأحداث كان هو حيالها لا يكتفي بمجرد النظر، فنراه من فوره في عمقها.. نبيها يقظا.. متوثبا مبادرا.. متفاعلا ومسارعا.. قائما بواجباته في الزمان والمكان المناسبين..

اليوم في القصر الجمهوري، وعقب تسليمه مهام ادارة الدولة ومواجهة العدوان لرئيس المجلس السياسي اﻷعلى ونائبه، حرص الأخ العزيز محمد علي الحوثي على ألا يغادر القصر إلا بعد أن يودع أفراد الجيش الذين يحرسون القصر..

توجه الى بوابات القصر الأربع، وفي كل منها كان الضباط والجنود ينذهلون وهم يرونه قادما اليهم سيرا على الأقدام لا لشيئ وإنما ليودعهم، فيسارعون للاصطفاف له احتراما..

وبينما يصافحهم فردا فردا كان كل منهم حريصا على أن يسمعه عبارات الثناء، ومنهم من تحدث عن دموع أقارب له عندما سمعوا أنه سلم السلطة لغيره، ثم كانوا حريصين على التقاط الصور التذكارية معه..

شرفت بمرافقته في هذه اللفتة الانسانية النبيلة، ومعه بعض الأخوة من حراسته..

لكننا لم نكن نحن وهو وهم وحسب، فقد رافقتنا ” شنطة ملابس ” صغيرة حملها احدهم، عرفت حين وصلنا الى خارج البوابة الرئيسية للقصر الجمهوري أنها له، لا شيئ فيها سوى بدلة وثوب.. فقط..

غادر أبوأحمد، وفي مغادرته لم يفوت فرصة أن يقدم لنا درسا اضافيا عن كيف يكون المسئول – مهما علا شأنه – خلوقا متواضعا طيبا متسامحا قريبا من الناس.. وشريفا نزيها على أرقى مستوى..

قد يصعب على البعض ان يستوعبوا هذا الدرس أو يطبقوه، خاصة اذا ما كانوا في غمرة المغريات متقلدين أعلى المناصب في الدولة.

وقد يتساءل آخرون عن سر تمكن الأخ محمد علي الحوثي من ذلك..

لكن من يعرف هذا الرجل سابقا يدرك انه يغادر القصر اليوم وشخصيته هي ذاتها لم تتغير.. قبل القصر وخلاله وبعده..

فسلام الله عليه.. وعلى أخلاقه.. وعلى شنطته..

بقلم : هاشم أحمد شرف الدين