النباء اليقين

أفي سلامة من ديني؟!

الهدهد / مقالات

مرتضى الجرموزي

رجل بحجم وعلم ومكانة الإمام علي -عليه السلام-، يقولها مستغرباً: أفي سلامة من ديني يا رسول الله..

نعم، في سلامة من دينك يا علي، إذَن لا أبالي أوقعت على الموت أَو وقع الموت عليَّ، لا أبالي ما دُمت على الصراط السوي الذي جئت به يا رسول الله..

هذا هو الإمام علي حينما بشرّه الرسول -صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين-، بأنّ لحيته ستتخضب من دم رأسه الشريف، لم يسأل -سلام الله عليه- ولم يهتم لأمر حياته، لم يقل (كيف ولماذا ومن ومتى)، فأول وأهم ما حرص عليه وخاف عليه هو الدين الذي فيه النجاة وفي العزة والكرامة، الدين الذي لولا سيف عليّ ومال خديجة ما قامت قائمته ولا اشتد بنيانه وترابطت صفوفه.

إنّه علي بن أبي طالب، زوج الطهر البتول، إنّه الأُذن الواعية، فاروق الحق والباطل، قسيم النار والجنة، حبه إيمان وبغضه شرك ونفاق، لن يجتمع في قلب امرئ حبُّ علي وحبُّ من عادى علياً وأقصاه وأكن وأظهر له العداء.

بشرّه الرسولُ الأكرم -صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الأطهار- بأنه سيُقتل في محراب مسجده غدراً وخيانة، سيقتله أشقى الأُمَّــة، وبقتله علياً سيجلب للأُمَّـة الشقاء والمعاناة والتيه والضياع، وسيجعل الأعداء تتسابق لابتلاعها ولن تستطيع إيقاف العربدة إلّا إذا عادت إلى علي، وأحيت فكره وأرست حبه واقتفاء سيرته ونهجه الذي انتقاه من مدينة علم المصطفى عليه وعلى آله السلام والتحية والإكرام.

جندل الكفر وجندل الأبطال، وباتت كُـلّ الغزوات تعرفه وتعرف شجاعته وإيمانه الذي استمده من الرسول -صلوات الله عليه وآله الطاهرين-، عليٌّ ومن مثل علي مبيد الظالمين، ضرباته وتراً لا تمهل العدوّ لحظة واحدة، ففي بدر قتل ثلثي قتلى المشركين، وفي الخندق خرج الإسلامُ كله لمواجهة الكفر وبضربة علي قُضي على رأس الشر.

فكيف لا نحبه؟! وكيف لا نواليه؟! وكيف لا نعتبره خليفة رسول الله وأمير المؤمنين؟!

كيف لا نعشقه حتى الثمالة وصفاته تناطح السحاب؟! كيف لا نمجده وهو ربيب المصطفى قرين القرآن باب مدينة علم المصطفى؟!

يحق لنا أن تفتخر بعلي وهو محل فخرٍ واعتزاز، بحب علي وتوليه يمشي المرءُ واثق الخطى لا تشوبه شائبة، ومع مقامه الشريف والذي حاز منزلة أنه لرسول الله كمنزلة هارون من موسى إلّا أنه ليس بنبي.

ضُرب -عليه السلام- في منبر مسجده بالكوفة، لم يأن ويتوجع، لم يصرخ أسعفوني، ولم يقل لقاتله لماذا قتلتني؟!، بل قالها بملء الفم: “فُزتُ وربِّ الكعبة”، وودّع الدنيا حملاً ثقيلاً على أُمَّـة فرطت به وبعلمه، وهو الذي كان يقول: اسألوني قبل أن تفقدوني، فوالله إني لأعرف القرآن حقاً، أعرف كُـلّ آية، كيف ولما ومتى ولمن وفي من أُنزلت.

عليه سلامُ الله يوم وُلد بفناء طهر الكعبة، ويوم آزر رسول الله ووقف معه وقاتل قتاله واحتمى بحمى رسول الله يوم كان يتهدده الخطر، وعليه سلام الله ما طلعت الشمس والقمر وتعاقب الليل والنهار، ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.