النباء اليقين

ما بعد المبادرة إما نكون او لا نكون

 منير اسماعيل الشامي

على الرغم من أن هذا العام هو عام الطيران المسير ، إلا أنه مضى ما يقارب الشهر، ولم تنطلق فيه حتى طائرة مسيرة نحو هدف في العمق السعودي فلم يبقى سوى يومان فقط ويكون قد مضى شهر على مبادرة الرئيس المشاط، مما يعني ألتزام قواتنا المسلحة ويعكس حرص قيادتنا الثورية والسياسية على تحقيق السلام العادل، بطرح هذه المبادرة وتنفيذها من طرف واحد.

هذه المبادرة المشروطة كانت وما تزال فرصة، ولسنا في حاجة إليها أكثر مما يحتاجها النظام السعودي، وكانت قيادتنا الحكيمة تأمل أن يتجاوب النظام السعودي الأرعن مع هذه المبادرة، وأن يوقف غاراته طبقاً لشرط المبادرة المتمثل بوقف النظام السعودي لغاراته الجوية على وطننا، هو لم يوقف غاراته، وكان رده بعد المبادرة أن نفذ غارات بطيرانه مستهدفا أهداف مدنية ١٠٠٪ تمثلت في نسف منازل مواطنين، ومسجد، وسيارات محدثا مجازر مروعة سقط على إثرها عشرات الشهداء جلهم أطفالا، وعشرات الجرحى ايضا، وواصل غاراته خلال الأيام التالية بل وكثف منها في عدد من محافظات الجمهورية وتجاوز عددها المئات كان لمحافظة صعده نصيب الأسد منها، وتلتها محافظة حجة.

اتبع النظام السعودي اسلوب المرواغة في تعامله مع هذه المبادرة من يومها الأول وحتى اليوم، ولم يتعامل معها رسميا بإعتبارها مبادرة رسمية صدرت من قمة الهرم السياسي، بل ظهرت ردوده بشكل ملتوي وغير مباشر بتسريبات غير مؤكدة تناقلتها بعض الصحف الأمريكية عبرت بدايةً عن قبول جزئي للمبادرة، ثم تلاها بتلميحات في تويتر لخالد بن سلمان، وبإشارة خاطفة من المهفوف عبر مقابلة اجرتها معه إحدى القنوات الأمريكية .

ظهرت بعد ذلك ردود افعال على الأرض أكثر تصعيدا لنظام الرياض تجاه المبادرة، يمكن إيجازهما بثلاثة مواقف هي:-

الأول :أن المبادرة مشروطة ولم تقابل بالمثل بل إستمرّ نظام الرياض في احتجازه المتعمد لسفن المشتقات النفطية بعد اطلاقها وبشكل مقصود مستهدفا الإنسانية اليمنية كاملة بمختلف مجالات حياتها ونتج عن ذلك مضاعفة معاناة الشعب اليمني بجميع اطيافه وفئاته وارتفاعها إلى أقصى حد في كل شبر من ارض الوطن، وإلى حالة لم يصل إليها الشعب من قبل خلال سنوات العدوان

الثاني: ظهر من خلال تحرك نظام الرياض على الأرض اليمنية، والتي أكدت أن نظام الرياض المغرور استغل المبادرة وسعى لمحاولة إعادة ترتيب اوراقه، وجمع ولملمة قوى مرتزقته مرة أخرى في محاولة لتجميع الصفوف من جديد في المحافظات الجنوبية دون أن يعتبر من نتائج قوة الضربات الأخيرة التي تلقاها من قبل قواتنا المسلحة في إقتصاده وحشوده، ولا من آثارها الكارثية عليه بتوقف نصف إنتاجه اليومي من النفط، وخسارة قوته في محور نجران بالكامل .

الثالث: وتمثل في موقفه الداخلي والذي يشير إلى سعيه المؤكد في استغلاله للمبادرة في محاولة خلق وتعزيز الحماية الداخلية لنظامه ومنشآته الإقتصادية، من خلال استحلاب قوات أمريكية إضافية تم سحبها من سوريا باسلحتها وأنظمة دفاعها وقد كان قوام آخر دفعة وصلت السعوديةمن الجيش الامريكي ٣٠٠٠ جندي .

وعلى ضوء ذلك فإن النتيجة النهائية لموقف الرياض منها بعد مضي قرابة الشهر والتي تعكسها ردود فعله تجاهها وتحركاته على الأرض هو الرفض الكامل للمبادرة.

تفريط النظام السعودي الأحمق بهذه الفرصة يؤكد أنه تعامل مع هذه المبادرة كعادته من منطق الإستعلاء والإستكبار والغرور فتعامل معها من جانب واحد فقط، وتجاهل أمور جوهرية او تغابى عنها، وهي أمور مؤكدة ومستوى خطرها عليه مرتفع وحقيقي والعقل والمنطق يفرض على النظام السعودي الأحمق وهو في هذا الموقف أن يعتمد في إتخاذ قراره تجاه المبادرة على هذه الإمور وهي :-

١- الأمر الأول : إن قيادتنا اعلنت المبادرة كفرصة للسلام أمام نظام الرياض، ولم تعلن هذه المبادرة لتمنحه فرصة لتحصين منشآته الإقتصادية لأنه سيفشل في حمايتها فمهما استخدم من أنظمة دفاع كما أو نوعا لحمايتها فلن ينجح في ذلك بسبب أن مواصفات طيراننا المسير قادرة على إختراق كافة أنظمة الدفاع الجوي الحديثة بما فيها النظام الروسي (s400) وليس انظمة الدفاع الأمريكي فقط، وهذا الأمر ليس خافيا على نظام الرياض.

٢-الأمر الثاني: عدم توفر العامل البشري (القوة البشرية ) التي يمكن أن يعتمد عليها نظام الرياض مستقبلا لتحقيق أي تقدم على الأرض لا من جيشه ولا من مرتزقته وحشوده، وتجربتة لخمسة أعوام كافية وافية ليتعض منها ويعتبر- إضافة إلى أن نتائج عملية نصر من الله وسقوط محور نجران قد ضاعف الهزيمة النفسية مسبقا لأي قوة يحشدها سعودية كانت او مرتزقة – محليين او مستجلبين- ، كما أن هناك عمليات أخرى لم يعلن عنها سيكون لها نتائج وآثار جديدة وشديدة التأثير من جميع النواحي ناهيك عن إعداد المرتزقة المنسحبين كل يوم من صفوف الإرتزاق .

الأمر الثالث: عدم استيعابه أن المبادرة أعلنت من موقف قوة حقيقية وليس من موقف ضعف، ودلالة على إثبات حسن النية أمام العالم فإذا ما رفضت فإن ما سيتلقاه النظام السعودي لن يكون قاسياً ومؤلما فقط بل سيكون قاضيا عليه فقد أن أعذر من أنذر ، ولأنها مشروطة، فأن مدة عرضها محدودة ولفترة قصيرة وقد أوشكت على الإنتهاء .

وفي ظل رفضه المتواصل لهذه الفرصة وانتهازيته في تحركه العلني والمتحدي في مواقف تصعيدية تعكس سخريته واستهزائه من المبادرة فإنه بذلك يؤكد أن السلام ليس واردا في قاموسه أبداً، وهو ما سينعكس على نوعية العمليات القادمة واستمرارها، واستحالة توقيفها متى ما بدأت حتى نحسم النصر، بإذن الله تبارك وتعالى، فحينها لن يصبح من خيار أمامنا إلا نكون أو لا نكون