النباء اليقين

الصمت المخزي

1.42.pngحنان غمضان

نحن الآن على مشارف إتمام السنة من العدوان الغاشم وما زالت طوائرهم بصواريخهم وقنابلهم العنقودية المحرمة تحلق في عموم محافظات اليمن، ويروح ضحية قصفها الآلاف من الأبرياء بشكل يومي ما بين قتلى وجرحى ونازحين ومشردين، وما تحدثه غاراتهم من خراب ودمار كبير وهائل في المنازل والممتلكات الخاصة والعامة من مؤسسات حكومية وخدمية، وكذلك استهداف البنية التحتية المرتبطة بحياتهم واستقرارهم ولقمة عيشهم بشكل كارثي ومأساوي على امتداد تفاصيل الحياة الإنسانية في اليمن، فتراب أرضنا اليمن يروى يومياً بدماء القتلى والجرحى، ورائحة الدم أصبحت هي النسيم الذي نستنشقه.

جرائم ضد الإنسانية يندى لها الجبين، وتقشعر لها القلوب وتنزف لها العين دمًا عند رؤيتها، فاليمن يتعرض للإبادة الجماعية حتى ذوي الحاجة كان لهم نصيب من غاراتهم العدوانية المتغطرسة، ومع كل هذا الإجرام الوحشي الغاشم، أضافوا إلى ذلك حصاراً جائراً غير قانوني، حصاراً شاملاً برًا وبحرًا وجوًا، فمنعوا دخول أو مرور الغذاء والدواء والإسعاف وتلقي العلاج، ومنعوا دخول المشتقات النفطية ووصولها إلى الموانئ اليمنية، مما أدى إلى توقف العديد من المستشفيات في أكثر من محافظة يمنية، وخروجها عن الخدمة؛ لانعدام الدواء، والمستلزمات والعقاقير الطبية، الأمر الذي ضاعف المعاناة أكثر، فكثير من المرضى وصلت حالاتهم إلى الوفاة؛ نتيجة نقص الدواء.

عدوان غاشم متغطرس لم ترَ البشرية مثله، والأدهى من ذلك أنه يلازمه صمت مخزي غريب للعالم بأسره.

هل نحن اليمنيون في كوكب غير كوكب الأرض؟

لماذا هذا الصمت والسكوت المخيم على العالم لما يحدث في اليمن؟

هل الريال السعودي طغى على العالم؟

أم أغلال وهيمنة أمريكا وربيبتها إسرائيل؟

وأين حقوق الإنسان، والمنظمات الإنسانية من هذا كله؟

ولماذا طيلة العدوان الغاشم يتناسى العالم بكله كل هذه الأحداث التي تمر بها اليمن؟

أين المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي ؟

أين الضمائر الحية؟

هل قست القلوب لدرجة أن العالم يشاهد ويسمع ما يحدث في اليمن من جرائم ضد الإنسانية؟

هل أنتم تتابعون مسلسلًا إجراميًا تنتظرون النهاية؟

هل ببيعكم مواقفكم وصمتكم أمنتم؟

بل على العكس تم احتلاكم بسهولة؟

لماذا أطلقتم يومًا عالميًا لحقوق الإنسان ولم تستطيعوا حتى إنقاذ طفل واحد من آلاف الأطفال اليمنين الذين تم قتلهم بالصواريخ والقنابل العنقودية المحرمة دولياً؟

أين القانون الدولي الإنساني الذي تفرض اتفاقياته احترام المدنيين وعدم التعرض لهم أثناء النزاعات؟

أليست القوانين الدولية تسمح بمرور الغذاء والدواء والإسعاف؟

لماذا الصمت تجاه ذلك والشاعر اليمني يندد بالصمت تجاه اليمن؟

التكتلات الحقوقية و المثقفين وغيرهم رغم العدوان خرجوا في مظاهرات ومسيرات تندد بالصمت الدولي ولكن لماذا لم نلمس جدوائيةً ذلك؟

تبًا لمن جعل المال والمصالح الشخصية ثمنًا لسكوته، ولصمته، حتى أصبح العالم في حالة فاقدي النطق بالحق لما حدث ويحدث وسيحدث في اليمن من إبادة جماعية وكارثة إنسانية.

إن هناك تلاعبًا كبيرًا تجاه اليمن ممثلاً بالصمت، فمتى كان الصمت موجودًا كان العدوان موجودًا بكل وحشيه، أي أن الصمت والعدوان وجهان لعملة واحدة، وهذا ما نلاحظه في صمت الأمم المتحدة ومنظماتها والمجتمع الدولي.

فالدول الداعمة للعدوان وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي على رأس منظمة الأمم المتحدة هي المخططة للعدوان كي يتم بهذا الشكل، ويترافق معه هذا الصمت المطبق.

هذا ما أصبح ملاحظاً بالنسبة لنا، وهذه سياستها، لكن إذا مس العدوان مصالحها خطأً تملأ الدنيا ضجيجاً بجميع منظماتها، وهذا كان جلياً حين تم استهداف المستشفى التابع لمنظمة أطباء بلا حدود في صعدة المنكوبة بغارة من دمُيتها الصماء السعودية، حينها تحركت مشاعر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالإدانة لاستهداف المستشفى والإسراع بتحقيق عاجل في الحادث! وللأسف باسم الإنسانية، وحقوق الإنسان!

ولو أكتب كل ما حدث وما يحدث لجفت أقلام الكون، والكل سمع أو رأى أو عائش وطالته جرائم العدوان.

عار وخزي على مدى القرون سيلاحقكم نتيجة صمتكم، ولن تخيفونا لا بصمتكم المخزي ولا بعدوانكم الغاشم، وسنكسر صمتكم وعدوانكم باعتمادنا على الله، وباعتمادنا على صمود شعبنا وثباته واستبساله، ويحضرني هنا كلام الصحفي اللبناني عبد المحسن شبيب، عندما قال: “إن صمود الشعب اليمني سيشكل هزيمة كبيرة ليس فقط للسعودية وحلفائها بل لكل المجتمع الدولي والأمم المتحدة أيضاً” فصبرًا جميلاً يا شعبنا الأبي الصامد، والله المستعان على ما يصفون.