النباء اليقين

ماذا حدث وسيحدث في السعودية؟

متابعات/الهدهد

لطالما واجهت التغييرات الداخلية والسياسات الخارجية لولي العهد السعودي “محمد ابن سلمان” معارضة الداخل, فكيف إذا كان هدفه من تلك السياسات هو الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، فإن الخطوة الأولى المهمة بالنسبة له هي القضاء على المعارضة السعودية الداخلية.

أصدر الأمير “محمد بن سلمان” مؤخراً أمراً باعتقال أربعة وزراء حكوميين و11 أمير ملكي، وتُظهر تصرفاته تلك استمراراً لسياساته العدوانية التي ترمي إلى تقوية سلطته في المنطقة.

ويظهر أن هذا النهج السعودي قد وصل إلى لبنان أيضاً، والذي تمثل بضغطه على رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لتقديم استقالته، وإضافةً إلى ذلك فإن قرار الحريري المتعلق باستقالته فاجئ الجميع في الساحة السياسية اللبنانية، فحتى مستشاريه والأشخاص المقربين منه لم يكونوا على دراية بأمر الاستقالة.

وكذلك فإن الحريري كان يبحث بصعوبةٍ وانزعاج عن حجةٍ يقدمها لنفسه وللرأي العام بشأن تقديمه لاستقالته، ولصم الأفواه التي قالت بأن الحريري رهن الاعتقال أنشأ الحريري حملة ساخرة على الإنترنت بعنوان «الحريري حر».

ومن جهة أخرى فإن الإتفاق “الهش” حول تقاسم السلطة في لبنان يعني أن الحكومة نادراً ما إستطاعت أن تحقق العديد من أهدافها، وكذلك فإن الحريري الذي يدين لنواب حزب الله يرى بأن نفوذ حزب الله هو أمرٌ باعث على زعزعة الاستقرار في المنطقة.

غادر الحريري بيروت بأمرٍ مباشر من ولي العهد السعودي، وفي الوقت الذي يعلم الكثيرون أن السعودية هي الداعم الأول للحريري، لم يظن أيُ أحد أنه سيرفض طلب الأمير السعودي.

ماذا تعني إستقالة الحريري بالنسبة لمستقبل لبنان القريب؟

في الوقت الراهن خلقت استقالة الحريري أزمةً سياسية قد تؤدي إلى انهيار الحكومة.

استفزت استقالة الحريري الجميع في لبنان دون استثناء، وخصوصاً أن الحريري لم يصل إلى سدة السلطة إلا بعد مشاورات طويلة أرهقت جميع الأطراف اللبنانية وعلى وجه الخصوص مؤيدي الحريري.
ستبقى الحكومة في مكانها لكن عودة شخص الرئيس الحريري إلى حكومة تعاني أصلاً العديد من المشاكل في إدارة البلاد سيؤدي إلى شلل الحكومة اللبنانية بالكامل، وسيؤدي ذلك طبعاً إلى عرقلة الانتخابات البرلمانية التي ستجري العام المقبل، وفي المحصلة ككل سيؤدي ذلك إلى شلِّ العجلة السياسية في لبنان.

ما هو الشيء الذي يحرض السعودية، وماذا يمكن أن تفعله مستقبلاً؟

حاولت السعودية جاهدةً في ظل حكم الملك ” عبد الله ابن سلمان” على الحد من نفوذ إيران وحزب الله المتزايد في لبنان، ويبدو أن الابن لم يحد عن خط أبيه، فالحد من نفوذ إيران وحزب الله هو نفس الهدف الذي يطمح إليه ولي العهد الفتيّ.
يجب الأخذ بعين الاعتبار أن دير الزور وآخر معاقل داعش في سورية بدأت تسقط واحدة تلو الأخرى بيد الجيش السوري والحلفاء أولهم إيران وحزب الله، أي أن الطريق الواصل بين طهران ودمشق مروراً بالعراق بات معبداً أمام إيران وشريكها حزب الله، الأمر الذي يعزز ويقوي نفوذ محور المقاومة في المنطقة.

لقد حاول “محمد بن سلمان” جاهداً سدّ هذا الطريق في وجه إيران وحزب الله ولم تكن “إقالته” لسعد الحريري آخر الخطوات بل أولها في سبيل قطع ذلك الطريق الذي يصل طهران بسورية فالبحر المتوسط مروراً بالعراق.

ومن هذا المنطلق سعى “محمد بن سلمان” جاهداً لقرع طبول الحرب بين إسرائيل وحزب الله باعتباره حلاً من الحلول التي قد تقضي على حزب الله أو تشغله وتقلص نفوذه بالحد الأقل.
ويبدو أن الحجة التي بنا عليها سعد الحريري استقالته تتطابق مع الحجتين السعودية والإسرائيلية بأن حزب الله بات يسيطر بشكل كامل على السياسة اللبنانية، فلم يعد للحريري أي خيار آخر سوى الاستقالة.

كيف تقرأ إسرائيل هذا الوضع؟

يبدو أن إحتمال نشوب حربٍ بين إسرائيل وحزب الله أصبح أمرا لا مفر منه في السنوات الأخيرة، وكذلك فإن تعاظم نفوذ إيران ووصولها مؤخراً إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط يشكلان تهديداً حقيقاً لوجود إسرائيل.

وفي الوقت نفسه فإن صواريخ إيران بعيدة المدى ستجعل أيَّ حربٍ إسرائيلية مقبلة مع حزب الله خاسرة بالنسبة لإسرائيل، وستكون حياة المواطنين الإسرائيليين عرضة للخطر قبل أي شيء آخر، كما أن إسرائيل لا تفضل أن تبادر إلى شن حربٍ مع حزب الله في الوقت الحالي، لكن انتظار إسرائيل لفترة أطول سيؤدي إلى تعاظم قوة حزب الله بشكل أسرع وأقوى مما كان عليه.

حيث قال كلٌ من قائد الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع في وقت سابق “إن هيمنة حزب الله على أداء الحكومة اللبنانية قلص المسافة بين المسلحين والحكومة اللبنانية، وكذلك فإن وجود رئيسٍ مؤيد لحزب الله كميشيل عون في سدة الرئاسة اللبنانية أدى إلى زيادة الطين بلّة، حيث شهدنا تنسيقا عسكرياً بين حزب الله والجيش اللبناني الصيف الماضي في معركة القضاء على داعش في الحدود السورية اللبنانية”.

حاولت إسرائيل أن تستهدف القوة العسكرية لحزب الله داخل سوريا بأشد الغارات الجوية وأن تأخذ زمام المبادرة وتطلق هجمات صاروخية على لبنان أو مرتفعات الجولان، لكن موقف إسرائيل من شن حرب مباشرة مع حزب الله يعتمد بشكل رئيسي على الدعم الذي ستقدمه أمريكا برئاسة ترامب لها؟

وفي حال تعرض اسرائيل لهجومٍ صاروخي من حزب الله، فمن المرجح أن تلجئ إسرائيل إلى الدعم العسكري الأميركي ليكون من النوع (الجوي والمخابراتي وما إلى ذلك).
فلقد هدد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مراراً وتكراراً بأن كل البنى التحتية والمنشآت النووية الإسرائيلية ستكون هدفاً لصواريخ المقاومة إن فكرت إسرائيل بشن عدوانٍ على لبنان.