النباء اليقين

بتدخل سعودي.. عرقلة الانتقال الديمقراطي في السودان

الهدهد / عربي دولي

اجتمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الجمعة مع نائب رئيس المجلس العسكري السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب بحميدتي، الذي وصل مساء الخميس إلى جدة، في زيارة إلى المملكة العربية السعودية لم تتضح في الحال مدتها ولا برنامجها.

تواصل السعودية، دعمها السخي للمجلس العسكري السوداني، بعد الصمت “المريب” الذي جنحت له خلال الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس المخلوع عمر البشير. دعم اتخذ عديد المناحي من السياسي إلى المالي، ما جعل العديد من السودانيين يخشون على ثورتهم من “غدر” النظام السعودي، خاصة وأن لهذا النظام تجارب سابقة تتحدّث عليه في بلدان ما يسمى الربيع العربي.

ويعتبر الفريق حميدتي القوة الرئيسية وسط القوى العسكرية السودانية، وهو حجر الأساس في المفاوضات التي يجريها المجلس العسكري مع قوى التغيير في السودان، وهو ما يفسّر الرغبة السعودية في تطوير العلاقات معه.

ويفهم من هذه الزيارة، سعي السعودية إلى توفير الغطاء السياسي للمجلس العسكري السوداني، ودعمه خارجيًا، خاصة وأن العديد من القوى الإقليمية غير مطمئنة من عمل المجلس وسعيه للتفرّد بالسلطة في السودان عقب الإطاحة بالبشير.

هذه الزيارة، جاءت بعد أيام قليلة من تقديم السعودية دعمًا ماليًا هامًا للسودان، وقالت وزارة المالية السعودية -في بيان- إن المملكة أودعت 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني، كجزء من حزمة مساعدات تعهدت بها الرياض لصالح السودان.

سبق أن أعلنت كل من السعودية والإمارات في الـ 21 من أبريل/نيسان الماضي تقديم دعم مالي قيمته ثلاثة مليارات دولار للسودان.

الدعم السعودي السخي للمجلس للعسكري السوداني الذي يتولى السلطة منذ الإطاحة بالبشير ويسيطر على المؤسسات الحكومية، يأتي بعد صمت مريب أثناء المظاهرات التي استمرت أكثر من 4 أشهر وتوجت بسقوط عمر البشير الذي حكم البلاد طوال ثلاثين سنة.

صمت السعودية، لم يكن أثناء المظاهرات فقط بل امتد أيضًا إلى ما بعد الإطاحة بالبشير، فقد التزمت الرياض الصمت لمدة يومين بعدما أطاح الجيش السوداني بالرئيس البشير، وانتظرت توضح الرؤية وترك وزير الدفاع عوض بن عوف رئاسة المجلس العسكري وتولي عبد الفتاح البرهان رئاسته، لإعلان تأييدها للعسكر.

هذا الدعم المالي والسياسي للمجلس العسكري، تبتغي من خلاله السعودية عديد الأمور، من بينها الحفاظ على الحضور السوداني في تحالف العدوان الذي تقوده في اليمن، حيث يقاتل آلاف الجنود السودانيين في صفوف قوات هذا التحالف الذي بدأ عدوانه في مارس/آذار 2015.

وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان قد أكّد في وقت سابق، أن القوات السودانية المشاركة في الحرب في اليمن “ستبقى حتى يحقق التحالف أهدافه”، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا).

فضلًا عن الحفاظ على الوجود العسكري السوداني ضمن التحالف الذي تقوده في اليمن، تسعى السعودية من خلال هذا الدعم للمجلس العسكري، إلى إطالة أمد الأزمة السودانية، والتمكين للجيش حتى يتسلم السلطة ويتحكم في البلاد خدمة لأجندتها في المنطقة.

وتسعى السعودية، وفقًا للعديد من السودانيين، إلى عرقلة الانتقال الديمقراطي في البلاد وتسليم السلطة للمدنيين، وما هذه المساعدات المالية والدعم السياسي إلا وسيلة لتبيض وجه العسكر أمام الجماهير المعتصمة في الساحات والشوارع.

ويرى المراقبون، أن الرياض تدعم المجلس العسكري وليس الشعب كما تدّعي سلطات البلاد، ذلك أن دعمها زاد في تصّلب موقف الجيش خلال المفاوضات التي يجريها مع قوى التغيير والديمقراطية في البلاد.

ويسعى السعوديون إلى كسب ودّ المجلس العسكري، لتمرير أجندتهم في المنطقة، بعد أن كان البشير يتقلب بين الحلف السعودي والحلف التركي.

الدور الذي تقوم به السعودية في السودان، شبيه بباقي الأدوار التي لعبتها المملكة في بلدان “الربيع العربي”، فقد كان رد فعل السعودية على الحراك الشعبي في الدول العربية سلبيًا، واستخدمت المساعدات المالية والعسكرية هناك لتقويض الثورات ودعم الثورات المضادة.

ويخشى السودانيون، أن يتواصل تعنت الجيش ويرفض تسليم السلطة للمدنيين، بحجة عدم الاستقرار وحاجة البلاد إلى وجود الجيش في السلطة لتسيير البلاد، الأمر الذي تسعى إليه السعودية وحلفائها في المنطقة على غرار الإمارات ومصر بقيادة السيسي.

ويسعى السعوديون إلى كسب ود المجلس العسكري، لتمرير أجندتهم في المنطقة، بعد أن كان البشير يتقلب بين الحلف السعودي والحلف التركي، فالبشير كان يسعى لكسب المال من الطرفين دون أن يبدي الولاء الكامل لكلاهما، فقد كان ولاؤه لمن يدفع أكثر.

ودون مواربة وكل المجلس العسكري حميدتي المعروف فى السودان بتاجر الأبل، بتمثيل مقعد الرئيس السوداني في المؤتمر الذي دعا له الملك سلمان بمكة، وسارع إعلام محمد بن سلمان لتصدير صورته وأمير مكة إلى الواجهة، وهو ما يعني لدى السودانيين استمرار النظام القديم بوجوه مختلفة عما كان في مطلع أبريل الماضي وبسياسات لا تختلف البتة عن ذي قبل.

وبعد تظاهرات استمرت أربعة أشهر، أطاح الجيش السوداني في 11 نيسان/أبريل الرئيس عمر البشير (75 عاما) الذي حكم البلاد طوال 30 عاما، وشكل الجيش “مجلسا عسكريا انتقاليا” سيطر على المؤسسات الحكومية.

ويواصل آلاف المعتصمين تجمعهم أمام مقر الجيش في وسط الخرطوم لمطالبة الجيش بتسليم السلطة للمدنيين.

المصدر: وكالات