النباء اليقين

التطرف الوهابي.. عندما ينقلب السحر على الساحر

لطالما أرسلت السعودية في السنوات الماضية، شبابها الذين غسلت أدمغتهم بالفكر المتطرف الوهابي، الى سوريا والعراق للانضمام الى صفوف الجماعات الارهابية ومنها “داعش”، وها هي اليوم تشتكي من ازدياد تطرّف هؤلاء المجندين الذين ربّتهم على يدها في داخل المملكة وأسقتهم من ماء السلفية الوهابية.

نظم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات في السعودية محاضرة بعنوان “المقاتلون الأجانب في وثائق داعش المسرّبة: دراسة تحليلية للقادمين من السعودية”، مساء الأحد بالعاصمة الرياض.

وكشف مدير إدارة البحوث بالمركز ورئيس وحدة الدراسات الأمنية، أن الوثائق السرية الضخمة والمدونة التي سرّبت مطلع عام 2016، تحتوي على بنك من المعلومات عن المجندين السعوديين الجدد الذين سعوا للانضمام إلى تنظيم “داعش” في سوريا مضيفا بأن وثائق “داعش” المسربة تشير الى ان الجيل السعودي الجديد أكثر تطرفا وأسرع تعبئة.

التطرف الوهابي.. عندما ينقلب السحر على الساحر

وأشار إلى أن السعوديين الذين انضموا إلى “داعش” بلغ عددهم 759 مقاتلا (احصائيات المؤسسات الدولية تفوق هذا العدد بكثير)، مضيفا أنه ورغم وجود تباين في الأعمار، فإن متوسط أعمار المجموعة كاملة كان أقل من 24 عاما.

وتابع “هذه نتيجة ذات دلالة معينة، وهي أن الأغلبية العظمى نشأت ووعت في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر وفي أثناء حقبة “الحرب على الإرهاب، ورغم ذلك فقد جرى جذبهم نحو التطرف وتجنيدهم بأعداد أكبر من السابق”، على حد قوله.

وقال الأمير عبد الله إن المقاتلين في الوثائق المسربة قدموا من جميع المناطق في السعودية وهذا يشير إلى تنوّع إقليمي واضح.

وبين أن العديد منهم لم يكن يعاني الحرمان من الفرص الاقتصادية وإمكانية الترقّي الاجتماعي، ولكن قد يكون هناك حرمان نسبي له صلة في هذا الجانب.

التطرف الوهابي.. عندما ينقلب السحر على الساحر

وشدد على أهمية المقاربة الواسعة التي تتجاوز مجرد العوامل الاجتماعية والاقتصادية أو الإيديولوجية الدينية البحتة، وكذلك التركيز على أهمية الدراسات القُطْرية أو الإقليمية فيما يتعلق بهذه الظاهرة، حتى يمكن الخروج بتوصيات ونتائج أكثر صدقية وملامسة للواقع.

هذه ليست أول مرة يحذر فيها السعوديون من انتشار الفكر المتطرف الداعشي في المملكة، ولطالما حذر الباحثون والمفكرون السعوديون من داخل المملكة وخارجها من هذا الخطر. وكان الاعلامي السعودي عبد العزيز قاسم قد حذر في السنوات الماضية، من خطر “داعش” على السعودية، مؤكدا وجود كثير من المتعاطفين معه والمؤيدين له من السعوديين أنفسهم، ومطالبا بضرورة مجابهة هذا التنظيم بطرق غير تقليدية.

وخلال تغريدات على حسابه الرسمي في موقع “تويتر”، يضيف قاسم في نفس السياق: “أقرأ يوميا تغريدات لدواعش سعوديين، وسيهولكم ما يريدونه لمجتمعنا الآمن من تخريب وفوضى، والله لو زعزعوا الأمن لدينا فسنكون أول من يدفع أكلاف ذلك”، حسب تعبيره.

وكان وزير التعليم السعودي “أحمد بن محمد العيسى”، قد كشف في مارس/آذار الماضي عن عزم السعودية على إعادة صياغة مناهجها التعليمية لمحو أي تأثير للجماعات المتطرفة في إطار محاربة الفكر المتطرف.

وكانت محطة “بي بي سي” البريطانية قد بثت العام الماضي برنامجا وثائقيا تحت عنوان “بيت آل سعود – عائلة في حرب”، ركز على دور العائلة السعودية في دعم التطرف والإرهاب في عدة مناطق من العالم، وكشف عن الدور السعودي في تمويل الكثير من الجماعات المتشددة في عديد من دول العالم بالمال والسلاح والعتاد.

ويروي البرنامج، كيف بدأت السعودية خطتها بدعم جماعات متشددة قامت بتجنيد الآلاف من المقاتلين، حيث اعتمدت على فئة الشباب غير المتعلم والذي يعاني الحاجة في العديد من مدن وقرى العالم.

التطرف الوهابي.. عندما ينقلب السحر على الساحر

وبحسب البرنامج الوثائقي فإن الخطوات التي اتخذها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ما هي إلا واجهة لمحاربة معارضيه في الداخل للوصول إلى عرش المملكة بسلاسة، وينقل البرنامج عن الاكاديمية السعودية الدكتورة “مضاوي الرشيد” من جامعة “LSE” البريطانية، قولها ان النظام السعودي كان يستميل مؤسساته الداخلية عبر الظهور بمظهر المدافع عن الإسلام حسب ادعائه، لكنها تقول ان النظام السعودي كان يهدف كعادته الى الاجهاز على الديمقراطية في سوريا ودول ما يسمى الربيع العربي كي لا تنتشر في المنطقة بأسرها وتصل إليه في السعودية.

جدير بالذكر ان حكام السعودية ومنذ تأسيسها يتخذون من الدعوة الوهابية التكفيرية ركيزة أساسية لتثبيت حكمهم في البلاد، في حين أنهم يقاضون السعوديين المتطرفين الذين يستمدون أفكارهم التكفيرية من الوهابية بتهمة “الارهاب”. والغريب ان النشاط التكفيري الوهابي في داخل السعودية يسمى “ارهابا” ومن يقوم به هم “فئة ضالة”، بينما ان هؤلاء الارهابيين انفسهم يعتبرون “جهاديين” في العراق وسوريا، وتقوم السعودية واميركا ونظم اخرى بدعمهم.