النباء اليقين

ردود أفعال بعد مقتل سميط أول علامة صوفي !

قرعت حادثة اغتيال العالم الصوفي الشهير، عيدروس بن سميط، يوم أمس، جرس الإنذار بتوسع دائرة عمليات التصفية التي تطال دعاة ومشائخ في المحافظات الجنوبية، سواء لناحية موقعها أو هوية ضحاياها. وعلى وقع الصدمة التي ولدها استهداف «رمز معروف بالوسطية»، جددت «أنصار الله» تحذيراتها من خطورة المخطط الذي يعدّه «الاحتلال السعودي – الإماراتي» لجنوب اليمن .

لم يعد مسلسل الاغتيالات في المحافظات الجنوبية من اليمن مقصوراً على مدينة عدن التي شهدت أكبر عدد من عمليات التصفية منذ سيطرة قوات «التحالف العربي بقيادة السعودية، عليها، بل باتت المدن التي لطالما عُرفت بالسكينة، كحال تريم (حضرموت) والغيضة (المهرة)، هي الأخرى، هدفاً لتلك العمليات. كما لم يعد ضحايا المسلسل المذكور من المحسوبين على ما تسمى «السلفية المعتدلة» فقط، بل أضحى أعلام المدرسة الصوفية هم أيضاً هدفاً لـ«المسلحين المجهولين» الذين ينفذون مهامهم بسلالة لافتة، قبل أن يتواروا عن الأنظار.

هذا ما أوحت به عملية الاغتيال التي استهدفت، الجمعة، أحد أبرز علماء الصوفية في تريم وسط حضرموت، وإمام «مسجد المحضار» (أحد أهمّ معالم المدينة)، الحبيب عيدروس بن عبد الله بن سميط، والتي أدت إلى مقتله. حادثة لم تجد السلطات الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، حيالها سوى العزاء والوعود المتكررة بـ«تعقب العناصر الإجرامية»، فيما بدت لافتة مسارعة سلطات صنعاء إلى استنكار «الجريمة»، واعتبارها إياها فرصة لتجديد التنبيه إلى خطورة السيطرة السعودية – الإماراتية على الجنوب.

وأُردي بن سميط قتيلاً، صباح أمس، بعدما دخل منزله مسلحان اثنان بحجة طلب لديهما إليه، ولما استأذنهما لأداء الصلاة، أطلقا النار عليه ما أدى إلى مصرعه على الفور.

 وتُعدّ هذه أول عملية اغتيال تستهدف رموز الصوفية في تريم، منذ بدء مسلسل الاغتيالات ضد المشائخ في جنوب اليمن، وخصوصاً في مدينة عدن. التي شهدت، خلال الأشهر الماضية، ما يزيد على عشرين عملية تصفية بحق الخطباء وأئمة المساجد، كان أخرها تصفية إمام «مسجد الثوار» في مديرية المعلا، الشيخ شوقي كمادي.

ولئن اتخذت تلك الاغتيالات طابعاً سياسياً بالنظر إلى أن معظم ضحاياها هم من التيار السلفي المناوئ لأبو ظبي، والرافض للانخراط تحت مظلة رجالاتها في عدن، فإن وصول التصفية إلى ذقن الصوفيين الملتزمين الحياد منذ اندلاع الحرب في / مارس 2015، يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول المستفيد من استهداف رموزهم.

حقيقة بدا واضحاً الإلحاح عليها في جميع البيانات الصادرة من صنعاء تعليقاً على اغتيال بن سميط. رئيس «المجلس السياسي الأعلى»، صالح الصماد، رأى، في برقية تعزية، أن «اليمن خسر برحيل بن سميط قامة علمية ودينية عُرفت بالسعي الدؤوب لتعزيز قيم الوسطية والاعتدال»، مشدداً على ضرورة «الوقوف صفاً واحداً لمحاربة الجماعات الإجرامية ومن يقف وراءها والداعمين والممولين لها».

واستنكر المكتب السياسي لـ«أنصار الله»، بدوره، حادثة الاغتيال، معتبراً، في بيان، أنها «تأتي في سياق المخطط الاستعماري لدول العدوان التي تحتل أجزاءً من الوطن»،

ودعت «رابطة علماء اليمن»، من جانبها، اليمنيين الجنوبيين إلى أن «لا يسمحوا للإماراتيين والسعوديين وأدواتهم بأن يصفّوا علماءهم»، محذرة من أن «هذه الجريمة لن تكون الأخيرة إذا لم يتيقظ علماء وأحرار الأمة، ويتخذوا موقفاً حازماً من المحتل وأدواته». ولفتت، في بيان، إلى أن «قوى الاحتلال تعمل بكل جهد لبذر الفتنة المناطقية والمذهبية حتى يتمكن المحتل من تحقيق أهدافه»، مضيفة أن «أذرع المحتل الداعشية قامت باغتيال وتصفية الكثير من العلماء والدعاة في مختلف المحافظات».

والجدير ذكره، هنا، أن عملية اغتيال بن سميط تأتي بعد أيام من لقاء موسع جمع رئيس «الرئيس المجلس السياسي الأعلى» بعدد كبير من علماء الصوفية في العاصمة صنعاء. وتحدث الصماد، في ذلك اللقاء الذي انعقد يوم 25 شباط/ فبراير الماضي، عن عمليات الاغتيال التي يشهدها الجنوب، لافتاً إلى أنها تستهدف «حتى أولئك المحسوبين عليهم (السعودية والإمارات) من السنة والصوفية. هم لا يتركون أحداً على حاله، يقتلون الخطباء وغيرهم لأنهم لا يمتلكون مشروعاً، هم جاؤوا لينشروا الفوضى ويقضوا على الشعب اليمني»، مضيفاً أن «عدن هي نموذج القتل والتفجير والاستباحة الذي يريدون تعميمه على بقية محافظات الجمهورية».