النباء اليقين

هل تتوحد المقاومتان العراقية والسورية بعد الغارة الاسرائيلية على T4؟

ربّما لم تَعُد الغارات الجويّة والصاروخيّة الإسرائيليّة مِثل تلك التي استَهدفت قاعدة “T4” في ريف حمص فجر الأربعاء، وأدّت إلى استشهاد 3 أشخاص تحتل العناوين الرئيسيّة لنشَرات التّلفزة وصدر الصّحف، لتِكرارها، وحالة ضبط النّفس السوري تُجاهها.

ولكن هذا الحال قد يتغيّر جَذريًّا في الأشهُر، وربّما الأسابيع القادِمة، بالنّظر إلى المُؤشِّرات المُتسارعة في هذا الميدان، وبعد أن تَمُر عاصفة اغتيال سليماني، وإسقاط الطائرة الأوكرانيّة.

هذه الغارات الإسرائيليّة التي تصدّت لصواريخها الدفاعات الأرضيّة السوريّة وأسقطت العديد منها، حظيت بمُساعدةٍ من القوّات الأمريكيّة في قاعدة “التنف” على الحُدود السوريّة العِراقيّة، ممّا يُؤكِّد حجم التّنسيق الأمريكيّ الإسرائيليّ في هذا العُدوان، وكُل “العُدوانات” والاغتِيالات الأخيرة.

التّوقيت مُهِمٌّ جدًّا لوضع هذه الغارة، وما يُمكن أن يتبعها من غاراتٍ مُماثلةٍ قريبًا في إطارها التّحليلي الصّحيح لأنّها على درجةٍ كبيرةٍ من الأهميّة، و”تُشرِّع” الإسراع بتطبيق طلب برلماني عِراقي بطرد جميع القواعد والقوّات الأمريكيّة من العِراق، وإذا لم تتم الاستجابة له فإنّ البديل أو الرّد سيكون المُقاومة.

في الأُسبوع الماضي ردّت إيران على جريمة اغتيال الجنرال قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس في الحرس الثوري بقصف قاعدتيّ “عين الأسد” و”أربيل” الأمريكيتين بـ22 صاروخًا، وشاهدنا حجم الدّمار الذي أحدثه هذا القصف في القاعدتين رغم عدم حُدوث ضحايا بشريّة مثلما كان يتوقّع كثيرون، ولا نَستبعِد أن يكون “الحشد الشعبي” الذي اغتيل نائب رئيسه أبو مهدي المهندس وستّة من رفاقه أيضًا يستعد للثّأر، وقد تكون قاعدة التنف أوّل الأهداف، أو أبرزها على الأقل.

الانتقام العِراقي السوري لهذه الغارات وضحاياها سيكون مُشتَركًا، والمُقاومة للاحتِلال الأمريكي للعِراق وأجزاء من سورية ستكون وحدة حال، وأرضيّةً يلتقي عليها الطّرفان في المُستقبل المنظور، ولا يُمكِن استثناء دولة الاحتلال الإسرائيلي من أيّ انتقام، فالزّمن يتغيّر، والمِنطَقة تتغيّر، ومُعادلات القِوى على الأرض تتغيّر أيضًا.

أن يقصف “الحشد الشعبي” أهدافًا إسرائيليّةً وأمريكيّة بصواريخ دقيقة أكّدت مصادر أنّها بدأت تتدفّق على قواعده، غير أن يأتي القصف الانتقامي من دولةٍ تخشى على أمنها واقتِصادها وبُناها التحتيّة، وأن تُقدِم على أعمال اغتيال ثأريّة لشخصيّات أمريكيّة أو إسرائيليّة للغاية نفسها، أيّ الانتقام، حركات “مجهولة” أو عسكريّة غير رسميّة، أمرٌ مُختلفٌ عن قِيام جُيوش أو وحَدات خاصّة رسميّة بهذا العمل، وما أكثر الجماعات الإسلاميّة والعربيّة غير الرسميّة التي تتحرّق شَوقًا للقِيام بمِثل هذه المهام، وليس هُناك أسهل من خلق “داعش” أو “قاعدة” مُوازية.

لا نعرف كيف سيكون الانتقامين العراقيّ والسوريّ والإيرانيّ لهذه الغارات، والاغتِيالات، ولكن ما نعرفه أنّ حركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس” نفّذت أكثر من أربع عمليّات ثأريّة انتقامًا لاغتيال شهيدها يحيى عياش، في العُمق الفِلسطيني المُحتَل، وهزّت الكِيان الإسرائيلي وجعلته يستنجد بطوب الأرض لوقفها، وأسفرت عن مقتل حواليّ مئة إسرائيلي وجرح المِئات، ونفّذت خلايا تابعة لحركة “الجهاد الإسلامي” عمليّات مُماثلة انتقامًا لاغتيال شهيدها فتحي الشقاقي.

ربّما يكون الرّد على هذه الغارة ليس من أولويّات القيادة السوريّة المحكومة بالتِزامات مع الحَليف الروسي بضبط النّفس، وكظم الغيظ، والتّركيز على أهدافٍ أهم على رأسها استعادة إدلب، وبَدء حرب العصابات لطَرد القوّات الأمريكيّة من شرق الفرات، حيث احتِياطات الغاز والنّفط وصناعتهما، ولا نقول ذلك من أجل التّبرير، فمسؤوليّات الدّول والحُكومات غير مطالب الأفراد وانفِعالاتهم المشروعة، ودليلنا أنّ هذه السّياسات المُنضَبِطَة والمدروسة هي التي أدّت إلى استعادة السّيادة على مُعظَم الأراضي السوريّة.

نعم.. نتوقّع أن يكون الرّد قادمًا، وفي الزّمن والمكان المُلائمين، تماما مِثلما جاء الرّد وبالطّريقة نفسها على المُؤامرة الكُبرى التي استهدفت سورية، وحال العناصر المُتورّطة فيها وحال حُلفائها في الوقت الرّاهن لا يحتاج إلى شرحٍ.. ومن يضحك أخيرًا.. يضحك كثيرًا.

رأي اليوم