النباء اليقين

عن الارتزاق.. دائه ودوائه

الهدهد/مقالات

بقلم /هاشم أحمد شرف الدين

حادثة الأمس التي راح ضحيتها عدد من المرتزقة – قيادات عسكرية وأفرادا – ليست الأولى من نوعها، فقد قصفت طائرات تحالف العدوان الأمريكي السعودي مرتزقتها غير مرة في كثير من الجبهات، وإزاء ذلك نجد من استمرأوا الارتزاق يسوقون الأعذار والتبريرات للمعتدين، ونجد الأصوات الوطنية تواصل قيامها بمختلف عمليات التوعية للمجتمع ككل بالأهداف الحقيقية للمعتدين.

المفارقة هنا هي أنه رغم ما شهدته أعوام العدوان الثلاثة حتى الآن من مجازر لم توفر أحدا من اليمنيين، ومع ذلك مانزال نجد من يقدم التبريرات، في واحدة من أسوأ حالات استلاب الوعي أو بيع الضمير.

نتحدث عن مجازر بالجملة، وضحايا بالآلاف بين شهداء وجرحى جراء غارات الطيران، عن آلاف من ضحايا الأمراض والأوبئة الناجمة عن العدوان الذي قلل من الفرص الصحية، عن تدمير آلاف البنى التحتية والمنازل، ومع ذلك يبقون يبررون.

نتحدث عن حصار اقتصادي فاقم من الظروف المعيشية الصعبة بحق الملايين من أبناء الشعب، عن السطو على البنك المركزي بنقله إلى فرعه بعدن، عن وقف مرتبات الموظفين، عن الإجراءات المقصودة التي أفقدت العملة الوطنية قيمتها، عن إغلاق مطار صنعاء وعلوق آلاف اليمنيين في الخارج، عن مصادرة إيرادات الدولة من الجمارك والضرائب، عن تهريب النفط والغاز، عن احتلال ونهب للثروات الطبيعية في أكثر من منطقة لا سيما سقطرى، عن انفلات أمني غير مسبوق في المحافظات التي يزعمون تحريرها، عن اغتيالات، عن تفجيرات انتحارية وعبوات ناسفة، عن سجون يمارس فيها الغزاة أسوأ التعذيب بحق من يعتقلونهم داخلها، وعن الممارسات القمعية والوقحة بحق أي صوت وطني حر أو بحق المرتزقة أيضا، ومع ذلك يبررون.

حتى حين يتحدث العالم عن فساد المرتزقة وأن هناك أكثر من مائة ألف اسم وهمي في جيش ما تسمى الشرعية، يبررون.

نتحدث عن إهانة المغتربين اليمنيين في بلاد الحرمين وعن التضييق الصلف الممارس عليهم، وعن الإهانات التي يتعرض لها المرتزقة ورئيسهم وأعضاء حكومتهم في فنادق الرياض وداخل اليمن، ومع ذلك يبررون.

فمن أي مدارس وجامعات تخرج هؤلاء؟ ومن أي إعلام رضعوا العمالة؟، وأي المساجد أفقدتهم قيمة الولاء الوطني؟ وفي كنف أي مؤسسات للتنشئة تعودوا امتهان الكرامة والتنازل عن قيم الغيرة والنخوة والإباء؟

إن كل تلك المؤسسات خلال أربعة عقود مضت يجب أن تخضع للتقييم، ويجب أن يخضع المسؤولون عنها لمحاكمات تاريخية، بغية حماية الأجيال القادمة من الوقوع في براثن الارتزاق وفقدان الانتماء للوطن.

على أن يقابل ذلك بمساع حثيثة لإصلاح الخلل وإعادة الأمور إلى نصابها ليبقى اليمن مصنعا للعزة والوطنية والاستقلال، كما عرف عبر التاريخ..