نجران ستحسم الرهان
بقلم/ محمد الشينه
لا أجدني مبالغا إن قلت لكم إن سقوط مدينة نجران بأيدي أبطالنا الأحرار كفيل بأن يُسقِط منظومة تحالف العدوان ويُفلِت زمام الأمر برمته من أيديهم بل سيقلب الطاولة لصالحنا على الفور .
ينبع هذا التوقع من الأهمية التي تمثلها نجران كواحدة من كبريات مدن المملكة وأن إنجازا عسكريا “بالسيطرة عليها” لن يجعل بمقدور أصحاب القرار في المهلكة التعتيم عليه وكتم أصداء انتشاره مهما بلغ حجم إمبراطوريتهم الإعلامية, فإعلامنا الحربي سيتكفل بفضحهم -كعادته- من خلال التغطية الحصرية الكاشفة للحقيقة البينة إضافة إلى مسارعة القنوات الفضائية المنصفة والقنوات الأخرى التي تدور خارج فلك إمبراطوريتهم الإعلامية لتتناقل خبر هذا الإنجاز بشغف وتلهف ومن تلك القنوات على سبيل المثال قناة الجزيرة التي باتت تدور لأي “بعسيسة” على السعودية بالسراج أو بالصلاة ركعة كما يقال في أمثالنا الدارجة .
فليست المسألة كما هو الحال بالنسبة لصواريخنا الباليستية الباسلة التي تتفنن في دك مواقعهم الحساسة فيتوجعون منها ويألمون ولكن بعيدا عن عدسات الكاميرات وميكرفونات الإعلام .. فالأمر هنا سيختلف تماما لأن أصداء مثل هذا الحدث ستعج به الفضائيات بتغطية إعلامية شاملة ومباشرة أيضا من داخل مدينة نجران بعد أن تأخذ الإذن -طبعا- من طرف أبطالنا رجال الله هناك .
حتى وإن بدا كلامي بسيطا ومبالغا بطموحاته وأحلامه لكون الأمر يحتاج -كما سيقول البعض- إلى إمكانيات عسكرية ضخمة وتكتيكات حربية عبقرية وحزمة معلومات استخباراتية دقيقة ووو .. لكن أقول بكل بساطة وبفكر المسيرة القرآنية: مادام الله معنا والحق لنا فمهما كانت إمكاناتنا شحيحة فإن النصر -بإذن الله- حليفنا وقد قال عز من قائل: {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة} ضعوا ألف خط تحت جملة {ما استطعتم} أي ما تيسر لكم من الإمكانيات والقدرات بحدود استطاعتكم والمتوفر لديكم والباقي سيتكفل به هو سبحانه بل إن الأمر كله من مبتداه إلى منتهاه هو عليه -جل شأنه وعظمت قدرته- فهو الذي سدد وهو ذي رمى وهو ذي دفع وهو ذي حمى .. والخوف للمرجف ومن وقف مع الله ما يخاف ولنا في كل الانتصارات العسكرية لمسيرتنا القرآنية المباركة منذ انطلاقتها ألف شهادة على ذلك .
ثانيا أن الطرف الآخر “الجانب السعودي” -بكل ما لديه من إمكانيات- هو أوهى من بيت العنكبوت وثلة من خلص المجاهدين المؤمنين قادرون على دخول نجران والانتشار في أحيائها في ساعات قليلة بعون الله ولن تكون هناك أي مقاومة تُذكر فلا المواطن السعودي بمستوى الشجاعة التي ستدفعه للخروج للمواجهة ولا الجيش السعودي له القدرة على خوض “حرب شوارع” في أحياء وأزقة مدينة نجران وذلك لسببين بديهيين : الأول :انعدام الخبرة لدى الجيش السعودي في حرب العصابات داخل المدن . والسبب الآخر -وهو الأكثر بداهة- أن الجيش لا يتواجد داخل المدينة وأكثر العناصر المسلحة المتواجدة فيها هي عناصر الشرطة وهذه الأخيرة ليست بتلك الجهوزية ولا الروحية التي تؤهل عناصرها للمواجهة في قلب المدينة.. وماسيحدث هو سكون مطبق يسود المدينة وخلو تام للشوارع الرئيسة والفرعية من السيارات والمارة والحال سيكون أشبه بحظر تجول.. فالمواطن السعودي سيتقوقع مختبئا في منزله لايملك إلا الرعشة والقشعريرة من الخوف وأقصى مايمكنه فعله هو اللجوء إلى هاتفه المحمول ليشغل التليغرام وحساباته الأخرى على مواقع التواصل ليدون عليها أخباره العاجلة بأن “الحوثيين” دخلوا مدينته وهم الآن يتجولون في شوارعها بأسلحتهم .
وعندئذ ستقف القيادة السعودية عاجزة تماما عن القيام بأي رد فعل عسكري من شأنه استعادة المدينة; إذ لن تتمكن -أولا- من شن أية غارة جوية على المدينة لأن ذلك سيعد ضربا من الجنون حيث لن تجرؤ على قصف الأحياء والشوارع وهي عامرة بمواطنيها ولن يكون بمقدورها تحديد مواقع رجال الله ونقاط تمركزهم وانتشارهم في المدينة كونهم موزعين في أنحاء مختلفة وفق خطط هي من أبسط خبراتهم العسكرية .
ثانيا: حتى وإن حاولت القيادة السعودية التحشيد العسكري البري من المناطق السعودية المجاورة لاسترداد المدينة فالأمر سيكون على الدرجة نفسها من المغامرة والتهور المستبعد كون المدينة مأهولة بالسكان ومن الصعوبة بمكان استخدام القوة المفرطة كالصورايخ أو قاذفات الدبابات والمدافع و غيرها حتى وإن حاولوا التسلل بوحدات عسكرية مختصة فإن رجال الله لهم بالمرصاد ردعا وقنصا وتنكيلا .
ولن يكون أمامهم سوى إحدى الخيارات التالية:
1- خنوع فوري من قبل آل سعود والبدء بمفاوضات (توسلية) سرية لإيجاد حلول دوبلوماسية تكفل لهم انسحاب رجال الله من نجران مهما كلفهم ذلك من تنازلات وهو -بالطبع- ما سيجعل الكرة في ملعبنا لنضع ما نريد من الشروط والمطالب : والتي ستكون أولاها -بالتأكيد- إيقاف الحرب على بلادنا والاتجاه للحلول السلمية ولن يسعهم إزاء ذلك إلا أن يقولوا: (تم طال عمرك ياسيد عبدالملك) وسيشرعون على الفور بتخفيف الطلعات الجوية إيذانا بالإيقاف الكامل للحرب وبدء التخطيط لحلول سياسية بعيدا عن الفار هادي الذي سيضغطون عليه لتقديم استقالته -لأسباب سيقول إنها خاصة أو بحجة أن حالته الصحية لن تمكنه من مواصلة العمل في قادم الأيام- وسيدعو في بيان استقالته أبناء اليمن كافة للمصالحة وبدء صفحة جديدة بالجلوس إلى طاولة الحوار بعيدا عن لغة العنف طالبا من التحالف العربي أن يوقف العمليات العسكرية لعاصفة “الحزم وإعادة الأمل” شاكرا في الوقت ذاته دول التحالف وعلى رأسها “السعوية” على وقفتها العظيمة مع اليمن والشرعية .
ثانيها: سيكون من أبرز مطالبنا دفع تعويضات عما خلفه عدوان آل سعود على بلادنا ومهما كانت التكلفة فلا يسعهم إزاء ذلك أيضا إلا أن يقولوا: (تم طال عمرك ياسيد عبدالملك ومستعدين من دولار إلى نصف ترليون ) كحد أقصى – وإن كنت مبالغا في هذا الرقم كتعويض لكنه -بحق- يعد قليلا وقليلا جدا مقابل ما اقترفوه بحق شعبنا فأرواح شهدائنا لاتقدر بثمن إلى جانب تدميرهم لأرضنا وعمراننا وكل مقومات حياتنا حتى تاريخنا أيضا كان له نصيب من الدمار باستهدافهم الممنهج لكل مواقعنا الأثرية ومعالمنا التاريخية .
2- أما الخيار الآخر لآل سعود سيتمثل في: العناد واللجوء للولولة دوليا والشولحة أو مايُعرف باللهجة المصرية (الشحتفة) : “وهي ولولة الوِلِيَّة لفاجعة أصابتها” .. وذلك من خلال التحرك الدبلوماسي المحموم على صعيد المجتمع الدولي وطرح القضية على طاولة الأمم المتحدة بأن “الحوثيين” اجتاحوا أراضينا واحتلوا إحدى أهم مدننا وشعبنا الآن في نجران يرزح تحت سطوتهم وبطشهم وحصارهم ووو .. والمطلوب تدخل دولي عاجل بقوات دولية تقودها الولايات المتحدة الأمريكية لتطهير نجران واجتياح اليمن كاملا لتطهيره نهائيا من هذه العصابات الانقلابية الإجرامية التي تجاوزت كل المواثيق الدولية بانتهاكها لحدود دولة أخرى واحتلال مدينة من مدنها .
إلا أن هذا الخيار لن يزيدهم إلا وبالا وخبالا فأمريكا لم يعد يعنيها أمر السعودية حتى وإن كان الأمريكان قد ضحكوا عليهم سابقا بشوية وعود: بأننا سنحميكم وسندافع عن أمنكم وأمن كل دول الخليج .
فقد باتت السعودية في رؤية الأجندة الأمريكية الآن مجرد كرت أوشك رصيده على النفاد يعني “كرت محروق” .
فضلا عن أن أمريكا في هذا الوقت ليست مستعدة للزج بجنودها في أي معركة إلا إذا كانت تشكل تهديدا حقيقيا على وجودها وأمنها القومي .. فترامب -كما يعرف الجميع- شخصية ذات عقلية تجارية ويرى بأن لا فائدة يمكن أن يجنيها من أي معركة يخوضها جيشه في أي نقطة في العالم .
بل سيجدها فرصة -في هذه الحالة- بأن يحلب ما تبقى في خزائن آل سعود من أموال في صفقات سلاح جديدة ووعود هوائية بالتدخل .
وهو الأمر الذي سيضطر المملكة للتوجه نحو دول العالم الإسلامي : أن أنقذوا بلاد قبلتكم ومهبط وحي دينكم فالغوث الغوث يامغاوير باكستان أقبلوا دفاعا عن الحرمين -والحساب علينا بعدين- وهلموا يا بواسل الجنجويد بمزيد من الأعداد المضاعفة واقطبي (أسرعي) ياجحافل أندونيسيا الجرارة ووو ..
إلا أن كل ذلك سيبدده السيد القائد في أول خطاب له عندما يعلنها بصريح العبارة: بأن لا نية لنا في التوغل أكثر نحو أي مدينة أخرى في الأراضي السعودية ومستعدون للانسحاب على الفور متى ما نفذت المملكة مطالبنا المشروعة والواضحة بوقف الحرب ورفع الحصار الجوي والبري والبحري عن بلادنا والتوجه نحو الحوار كوسيلة مثلى لحل كل المشكلات .
وهو ما سيُعَجِّل بالتحركات الدوبلوماسية السعودية لتلبية هذه المطالب .