النباء اليقين

العدل بوابة الانتصار

د. أحمد صالح النهمي

كتب أحد الولاة إلى الخليفة عمر بن عبد العزيز-رضي الله عنه- يطلب منه مالاً كثيرًا ليبني سورًا حول عاصمة الولاية.

تتحصن به من الأعداء، فقال له عمر: ماذا تنفع الأسوار؟ حصنها بالعدل، ونَقِّ طرقها من الظلم.

لا شك أن المجلس السياسي الأعلى قد ورث تركة كبيرة جدا من الاختلالات في أجهزة الدولة المختلفة المليئة بالنقص والمشاكل المتعددة، وأنه أمام تحديات كبيرة فضلا عن كونه يواجه هذه التحديات في ظل عدوان غاشم تكالبت فيه كثير من الدول على وطننا الحبيب، بيد أن ملايين المواطنين البسطاء من العمال والفلاحين والحرفيين والطلاب الذين يشكلون مادة الدفاع عن الوطن وأمنه واستقراره يقيسون حضور الدولة في حياتهم بمدى سيطرة النظام والقانون على الجميع بلا استثناء وبالتالي تحرير العدالة من قبضة المستكبرين الذين تصب في صالحهم غالبا الأحكام القضائية وتسخر في خدمتهم الأجهزة التنفيذية لكي تأخذ هذه العدالة مجراها الصحيح وتنتصر للمظلوم أيا كان ضد الظالم أيا كان.

إن الخطوة الأولى تكمن أولا في إنعاش الجهاز القضائي وتفعيل المحاكم والنيابات العامة للفصل في قضايا الناس، وإيقاف التدخلات في سير عملها من قبل القوى المتنفذة القديمة والجديدة، بعيدا عن التعلل بالحرب والعدوان ، فالنصر على العدوان مقرون بتطبيق العدل يقول الأستاذ عبدالله صبري في مقاله الأخير بعنوان (العدل أساس النصر) “للحروب ضرورات معينة ، وللأمن أولويات يمكن تفهمها، لكن هذا لا يعني إغفال المساءلة والمحاسبة، وتأجيل النظر في مظلوميات الناس إلى أن تضع الحرب أوزارها، خاصة ونحن أمام حرب مفتوحة، يصعب التنبؤ بموعد إيقافها.

ثم أن العدالة هي شرط للنصر على الأعداء، ويجب أن تكون على رأس وسائل المواجهة مع تحالف العدوان”.

إن الشروع في تحقيق العدل يبدأ أولا برفع الظلم عن المظلومين ، ولعل أولئك المحتجزين في السجون على ذمة وشايات تتعلق بموقفهم من العدوان في معظمها تكون كيدية وكاذبة ، هم أولى الناس بمباشرة قضاياهم، بإطلاق سراح الأبرياء منهم، وتحويل من ثبت تورطه بأي جريمة إلى المحاكم، لا سيما في ظل إطلاق الأخ صالح الصماد رئيس المجلس السياسي للعفو العام لمن هم يقاتلون في صفوف العدوان ، أليس الأولى إطلاق سراح المعتقلين بوشايات لا أساس لها أو محاكمتهم.

محمد العماد أسعد صالح من أبناء السلفية بمحافظة ريمة، واحد من هؤلاء المحتجزين خارج القانون منذ أكثر من شهر، وقد طرقت أسرته كل الأبواب للإفراج عنه من الأمن القومي دون جدوى، العماد شاب مستنير، وهو طالب دكتوراه في الاقتصاد، يحمل فكرا مستنيرا يرفض التطرف والإرهاب كما يرفض العدوان على وطنه، وهو ضحية وشايات كيدية، ولا ذنب له إلا أن منحته كأحد أوائل الثانوية في محافظته عام 2008م كانت إلى المملكة السعودية التي أنهى بها دراسة البكالريوس والماجستير وبدأ مرحلة الدكتوراه، ومن هذا المنبر أطالب بإطلاق سراحه، وكل من هم على شاكلته أو إحالتهم إلى القضاء .