النباء اليقين

قرآنية الحسين وجاهلية العصر

 

محمد فايع…

على مدى سنتين ونصف وضع الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي أسس ومنطلقات منهجية ثورة ثقافية قرآنية شاملة لمواجهة كل الثقافات المنحرفة التي أوصلت المئات من الطواغيت إلى سدة الحكم وهيئت لهم الساحة ليحكموا الأمة بالقهر والغلبة بل وأعادوا الأمة بتلك الثقافة المنحرفة والظالمة إلى جاهلية هي أشد من الجاهلية الأولى وليس ذلك فحسب بل ليوصلوا الأمة بتلك الثقافة الجاهلية المركبة لما هو أسوء سقوطاً وضياعاً وذلة من الوضع الجاهلي القائم اليوم، حيث أصبحت الأمة بفعل تلك الثقافة التجهيلية التضليلية المنحرفة وبفعل من تولوا أمرها أمة ذليلة خانعة منتهكه مستباحة تحت هيمنة وسيطرة من ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة – اليهود والنصارى أمريكا وإسرائيل – أمة محكومة ومسيرة بثقافة الملعونين من اليهود والنصارى بدلا من ثقافة القرآن الكريم.

لذلك عمل الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي من خلال ما قدمه في محاضراته (من هدي القرآن) إلى تحذير أبناء الأمة بشكل عام واليمنيين بشكل خاص من خطورة المؤامرات التي تدور رحاها على المسلمين على أيدي أعداء الأمة التاريخيين اليهود والنصارى ممثلين في هذا الزمان بتحالفهم الاستعماري بقيادة أمريكا وإسرائيل، داعيا الجميع إلى التحرك لمواجهة مؤامراتهم على أساس من معايير ومقاييس منهجية الثقافة القرآنية، محذراً أبناء الشعب اليمني من الصمت والقعود أمام الخطر الأمريكي الصهيوني المتجه لاستهداف اليمن وشعبه وشعوب الأمة، مؤكدا أن الأمريكيين ومن ورائهم اليهود إذا ما تمكنوا من الهيمنة أو الدخول إلى أي بلد فسيكون دخولهم من ينفذ المرحلة الأخيرة من المؤامرات التي استمرت عبر مئات السنين، ومن ثم سيترتب على ذلك دمار وخزي وانتهاك للحرمات وللأعراض ونهب للثروات على أيدي الأمريكيين.

ومما أكد عليه الشهيد القائد في محاضرة وملزمة (الإرهاب والسلام ) بأنه يجب على كل واحد منا أن يتحرك، وعندما يتحرك سيجد أنه باستطاعته أن يعمل الشيء الكثير في مواجهة أولئك.. أم أننا سننظر إلى هذه الأحداث تلك النظرة التي سار عليها العرب وزعماؤهم فترة طويلة في هذه المرحلة المتأخرة من هذه الفترة الزمنية التي نحن فيها.

ويضيف (لاحِظوا، اليهود يتحركون، الأمريكيون يتحركون، كل أولئك يتحركون بكل ما يستطيعون في مواجهة المسلمين، في سبيل إذلال المسلمين، في سبيل تحطيم اقتصادهم، في سبيل مسخ ثقافتهم، في سبيل إفساد أخلاقهم، ثم أيضاً حرب مسلحة ضد مختلف المسلمين في مختلف بقاع البلاد الإسلامية، أليس هذا ما نشاهده؟).

ثم يؤكد الشهيد القائد قائلاً (إن دخول الأمريكيين إلى اليمن هو بداية شر ،يريدون أن يعملوا قواعد عسكرية في هذا البلد وإذا ما عملوا قواعد عسكرية في هذا البلد فإنه سيكون قرار البلد بأيديهم أكثر مما هو حاصل الآن، سيحكمك الأمريكيون مباشرة، يضعوا من يشاءوا يؤتون الملك هنا من يشاؤوا وينزعونه ممن يشاءون – إن صح التعبير-، يسيرون الأمور في اليمن كما يشاءون).

ويوضح ..(وهل نحن نظن بالأمريكيين خيراً؟. هل يمكن أن نقول أن أولئك الذين قال الله عنهم أنهم ما يودون لنا أي خير، وأنهم لا يحبوننا، وأنهم أعداء لنا، فهل أنهم سيأتون من أجل الخير لنا؟. ومن أجل مصلحتنا؟. إنهم لا يمكن أن يتحركوا إلا ضدنا وضد مصالحنا، وإفسادنا وإفساد نفوسنا، وإفساد شبابنا، وإفساد كل شئون حياتنا).

ويقول الشهيد القائد رضوان الله عليه …(فإذا كنا نصمت ونحن نراهم، إذا كنا نسمع أن هناك من يجعل من نفسه جندياً يعمل على أنه متى ما قالوا فلان إرهابي أن يتحرك لأن يلقي القبض عليه ويضربه ثم نسكت، فإن العواقب ستكون وخيمة وسنرى أنفسنا أبداً لا يمكن أن يتحقق لنا سلام، ولا تبقى لنا كرامة ولا عزة، وسنرى قرآننا يُحارب، سنرى مدارسنا تغلق ،سنرى علماءنا يسجنون ، سنرى شبابنا يُقَتَّلُون ،سنرى مساجدنا تغلق ،سنرى أنفسنا غرباء في بلدنا، نرى ديننا يُحارب. وفي نفس الوقت أيضاً لا يكون لنا عذرنا أمام الله سبحانه وتعالى فنكون في الأخير من قد أوقعنا أنفسنا في خزي في الدنيا، ونكون من قد جعلنا أنفسنا ممن يكون لهم العذاب العظيم في الآخرة).

ويشدد الشهيد القائد على أن الصمت في مرحلة كهذه لا قيمة له، (لا قيمة له إلا الخسارة في الأخير، لا قيمة له إلا التضحية بالدين والكرامة والعزة، لا قيمة له إلا الإهانة)، مؤكد أن لا مجال ولا مكان للصمت والجمود في القرآن الكريم وبين صدور آياته الكريمة، داعيا إلى التحرك على أساس القرآن فنرفع صرختنا وبراءتنا من اليهود من أمريكا وإسرائيل وان نتحدث دائماً، ونوعي أنفسنا داعيا أئمة المساجد الى الترديد في الصلاة الآيات القرآنية التي تتحدث عن اليهود والنصارى فنذكر أنفسنا من جديد بخطورتهم.

وبين الشهيد القائد بأن القرآن الكريم يؤكد أنهم هم الأعداء التاريخيون لهذه الأمة من ذلك الزمن وربما إلى آخر أيام الدنيا، وقد أعطانا الكثير الكثير من الهدى في سبيل معرفة كيف نواجههم، وأعطانا ما يجعلنا حكماء في مواجهتهم، وأعطانا ما يجعلنا أيضاً قادرين على أن نحول كيدهم وخبثهم إلى شيء لا أساس له ولا أثر له، وأعطانا ما يجعلنا قادرين على أن نحوله إلى هباء منثور {فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً}.

كل ذلك حرص الشهيد القائد على تقديمه للشعب اليمني ولشعوب الأمة بشكل عام في إطار مساره التذكيري والتثقيفي بالمنهجية والمشروع القرآني المحمدي ..مركزا في بشكل متكرر في ثنايا كل محاضراته على ترسيخ الجانب الإيماني الواعي سواء على المستوى الفردي أو على مستوى خلق وعي عام لدى أبناء الأمة وخاصة فيما يتعلق بمنهجية الصراع مع العدو رسم الله وبين في قرآنه بدأ بتحديد من هو العدو مرورا بمعرفة أساليبه وخططه وانتهاء بكيفية مواجهته ثقافيا ثم إعلاميا وسياسيا واقتصاديا وعلى كافة مجالات الصراع والمواجهة.

لذلك شدد الشهيد القائد في أغلب محاضراته على ضرورة اعتماد المنهجية والنظرة القرآنية في فهم وتقيم واقع العدو وتحركاته وفي فهم الحياة وإحداثها، مؤكداً أن الثقافة القرآنية بما تصنعه من وعي ومن معرفة وفقه وفهم للعدو وما تكشفه عن نفسيته وعن مكره وخططه بالحياة وبما تقدمه من وعي شامل بمنهجية الصراع مع العدو التاريخي للأمة اليهود يمثل في أثره ترسانة دفاعية من أقوى كل الترسانات الدفاعية والتي ستحصن أبناء الأمة من الظلال ومن مكايد ومكر العدو اليهودي النصراني الأمريكي الإسرائيلي، بل وتعتبر من أقوى وأفتك الأسلحة الهجومية الاستباقية في مواجهة أعداء الأمة، ذلك بأن وعي شعوب الأمة بشكل عام ووعي نخبها الثقافية والإعلامية والسياسية بمنهجية الصراع مع العدو وفقا لمنهجية الثقافة القرآنية يمثل سلاحا مخيفا مرعبا للعدو، كون كل خطط العدو و مكره، ومكايده تصبح بلا نتيجة وبلا أثر، وفي النتيجة يقف العدو بكل مكره وإمكانياته وبكل أسلحته ووسائله عاجزاً وفاشلاً ومهزوماً أمام كل من يتسلح بسلاح الوعي الثقافي القرآني.

وعلى أساس ذلك كله عمل الشهيد القائد خلال تلك الفترة الوجيزة على كشف مخططات وأساليب أعداء الأمة اليهود والنصارى من خلال القرآن وعبر الاستشهاد بالأحداث التي تتحدث وتكشف واقعهم وتحركاتهم في كل مجالات الحياة.

ومن أهم ما كشفه السيد حسين بدر الدين الحوثي في محاضراته ثلاث قضايا اعتقد أنها محورية في مسار الصراع مع العدو.

القضية الأولى تشديد الشهيد القائد رضوان الله على ضرورة العودة إلى القرآن وتحكيم ثقافته واعتماد نظرته ومنهجيته في تحديد من هو العدو وكيف يجب مواجهته، وصولاً إلى الإدراك الواعي بأن كل قضية وأزمة ومشكلة تعيشها أمتنا ورائها عدو يهودي نصراني أمريكي إسرائيلي متربص بالأمة، وهو من يعمل دائماً على استغلالها ويحرص على توسعها وديمومتها، ومن ثم يجب الحذر من اليهود والنصارى أمريكا وإسرائيل، ولا يكون ذلك إلا باتخاذهم ثقافياً وإيمانياً وعمليا أعداء تماماً كما قدمهم الله لنا في القران الكريم وأكد ذلك واقعهم في الماضي والحاضر.

القضية الثانية تأكيد الشهيد القائد في أغلب محاضراته على أن أعداء الأمة يعتمدون على ضرب الشعوب والبلدان والأمة بشكل عام من داخلها، عبر استخدام العملاء، وعبر الاعتماد على المرضى وأصحاب المصالح الخاصة الأنانية، وعبر الاعتماد على الجهلاء والمخدوعين من عامة الناس الذين قد يخدمون العدو سواء بقصد أو بغير قصد، بشعور أو بدون شعور، مبينا أن العدو نجح في تنفيذ مخططاته الإجرامية التي استهدف بها الأمة عبر الاعتماد على هذه الأصناف الذين هم في الأساس ضحية تجهيل وتظليل وثقافات وفهم مغلوط للدين ومنهجيته بشكل عام وعلى رأسها الجهل بمنهجية الصراع مع العدو.

فالعدو إنما ينجح من خلال الاعتماد على جهل أبناء شعوب الأمة بدينهم وبعدهم عن القرآن الكريم وثقافته.

القضية الثالثة تأكيد الشهيد القائد رضوان عليه على أن العدو (اليهود والنصارى) أمريكا وإسرائيل وعملائهم يعملون دائماً على صناعة الأزمات والمشاكل الداخلية، ويعتمدون مسارات ووسائل التفريق، ويعملون على اختلاق الأزمات الداخلية المتعددة، الثقافية منها والسياسية والاجتماعية، وذلك بهدف إغراق أبناء شعوب الأمة في قضايا وصراعات داخلية بعيداً عن العدو وعن تحركاته.

وفي ثنايا حديث الشهيد القائد عن تلك القضايا الثلاث كان يؤكد على أنه يجب أن نوجه إليهم بوصلة العداء في كل الميادين والمجالات الحياتية، باعتبار أن الصراع والمواجهة مع اليهود مع أمريكا وإسرائيل والتحالف اليهودي النصراني بشكل عام صراع ومواجهة شاملة ويشمل كل مجالات الحياة.

اليوم ها نحن نشهد ونعايش مصاديق الأحداث، وهي تشهد تباعاً وستظل عبر أجيال الأمة جيلاً بعد جيل، أن الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين رضوان الله عليه قدم لكل الشعوب الإنسانية المستضعفة منهجية ثورة قرآنية تثقيفية وتوعية وتعليمية وتربوية في مواجهة كل الانحرافات والثقافات الخاطئة، سواء كانت ممن قدم باسم الدين والإسلام أو كانت ثقافة وضعية موجهة لإفساد فطرة وروحية الإنسان وإفساد حياته، كما قدم منهجاً ثقافياً إيمانياً وتربوياً قرآنياً موجه لبناء الإنسان وتصحيح وتقويم ورؤيته للحياة كلها وفقاً لمنهجية الله القرآنية التي تهدي للتي هي أقوم من الحياة الإنسانية.

وأن ثورة الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي ستبقى في ذاكرة الأجيال الثقافية والايمانية والجهادية، تشهد بقرآنية الحسين الذي تحرك في مواجهة جاهلية العصر، مبددأ ببينات الله القرآنية ظلام الثقافات المنحرفة كاشفاً أباطيلها وزيفها ودجلها، ومسقطاً مخرجاتها الصنمية المعاصرة، مصححاً لتلك الانحرافات الثقافية والدينية التي أوصلت الأمة إلى أن تكون أمة مستباحة وذليلة وضعيفة وخانعة لمن ضربت عليهم الذلة والمسكنة (اليهود بكياناتهم الشيطانية وعلى رأسها في هذا الزمن أمريكا وإسرائيل).

صنعاء  الاحد 24من شهر رجب 1437هـ

1مايو 2016م