النباء اليقين

واقع ما بعد عملية توازن الردع الثانية

الهدهد / مقالات

إبراهيم يحيى الديلمي

أحدثت عملية توازن الردع الثانية التي نفذها سلاح الجو المسير التابع للجيش اليمني يوم أمس تغيرا ملحوظا في مسار معركة النفس الطويل التي يخوضها الجيش اليمني بمعنويات قتالية عالية ضد قوى تحالف العدوان واستطاعت هذه العملية أن تفرض حقيقة (توازن الردع) كواقع جديد وملموس على الأرض وعلى الجو معا، ظهر فيه النظام السعودي على غير عادته الاستعلائية محبطا وذليلا خائفا وعاجزا عن القيام بأي رد عملاني كما كان يفعل في السابق، بل بات مضطرا إلى التسليم بفشله وعجزه إن لم يكن اليوم ففي أيام مقبلة لا أشك قيد أنملة أنه سيتلقى فيها ضربات أشد وأقسى لن ترغمه على اتخاذ قرار وقف عدوانه وعربدته في أرض اليمن وسمائها وحسب وإنما سترغمه على الاستسلام وتقبل حالة الهزيمة والسقوط المذل التي لازمته منذ أول يوم من العدوان.

ويمكن القول بأن عمليات توازن الردع باتت تشكل خطرا داهما على النظام السعودي ووجوده في المنطقة في حال استمر في غيه وطغيانه إذ أن واقع ما بعد عملية توازن الردع الثانية لن يكون كما قبله وذلك بناء على ما خلفته العملية من معطيات جديدة يمكن ذكرها في التالي:

من الناحية العسكرية:

جرت عادة النظام السعودي عقب كل عملية كان يقوم بها الجيش اليمني، على التعليق عليها إما بنفيها وإنكارها جملة وتفصيلا لتضليل الرأي العام العالمي وإما بالتقليل من شأنها والسخرية مما أحدثته من خسائر كان يتم وصفها عادة بالضئيلة والطفيفة بينما يتم وصف الصاروخ بالمقذوف، لكن ومع تصاعد الرد اليمني وتحوله على مدى أربعة أعوام من الرد الغير القاسي إلى الرد القاسي فالأقسى والأشد تحولت النظرة الاستعلائية للسعودية إلى نظرة بائسة ومثيرة للشفقة إلى ما آلت إليه به عنجهيته الفارغة عقب ضربة بقيق التي أرغمت النظام السعودي على الاعتراف بها  كاستحقاق وتطور عسكري يمني خطير بات يهدد الأساس الوجودي لمملكة الشر والعدوان.

ظهر ذلك الاعتراف أولا في خبر عاجل ورد على شاشة قناة العربية يفيد بأن ثمة حريقين قد نشبا في معملين للنفط لأرامكو في ابقيق نتيجة استهدافهما بطائرات درون، وتوسع هذا الاعتراف رويدا رويدا وعلى الملأ ليظهر من تجلياته -سواءً على ألسنة مسؤولين أو محللين عسكريين سعوديين- ثقل الضربة وكل ما أخفاه النظام السعودي على شعبه وعلى العالم المحيط به على مدى عامين من حقائق لطالما أنكرها ولطالما سعى اليمنيون على تأكيدها فعلا لا قولا ومن ذلك تأكيدهم على اختراق المنظومات الأمنية المتطورة للعدو وعلى قدرتهم على صناعة الصواريخ والطائرات المسيرة بمديات مختلفة كان آخرها صاروخ بركان 3 وطائرة صماد 3 المسيرة ذات المدى البعيد والطويل والمخيف والتي نجحت بالفعل في قطع أكثر من 1500 كيلو متر ناهيك عن قدرتها الفائقة على التخفي وتحييد أنظمة الدفاع الجوي على تقفيها وتدميرها وقدرتها على إصابة الهدف المطلوب بدقة فائقة.

كل هذا تم تأكيده اليوم بعد عملية ابقيق وعلى لسان السعودي نفسه، فالمحلل العسكري السعودي اللواء محمد القبيبان أكد على حساسية الهدف كما أكد من خلال بقية كلامه بأن نجاح العملية جاء نتيجة المدى الطويل للطائرات المسيرة إضافة إلى دقة الإصابة هو اعتراف قطعي بالتفوق العسكري والاستخباراتي للجيش اليمني واعتراف آخر بالفضيحة المتبوعة بحالة الانتكاس والخزي المستمر التي انتقلت بالنظام السعودي من ميدان الهزائم المتوالية على الأرض إلى ميدان الهزائم القاسية على الجو.

هو اعتراف أظهر التفوق العسكري والاستخباراتي للجيش اليمني وأثبت به السعودي من حيث لا يدري بعد كارثة ابقيق النفطية أن أربعة أعوام تبدو فترة كافية لنظام متغطرس ظل خلالها يكذب ويضلل مدعيا أنه استطاع ضرب القدرات الصاروخية للجيش اليمني وما تلا ذلك من ادعاءات كاذبة أكد بها نجاحه في ضرب مخزون سلاح الجو المسير التابع للجيش اليمني والقضاء عليه والنتيجة اليوم لا شيء ولا إنجاز عسكري أو استخباراتي يمكن احتسابه لرأس حربة دول تحالف العدوان في مقابل الإنجازات العسكرية والاستخباراتية التي حققها رجال الجيش اليمني في معركة تفتقر إلى التكافؤ، واستطاعوا من خلالها فرض معادلة توازن الردع.

من الناحية الاقتصادية:

بالنظر إلى الطاقة الإنتاجية لحقل ابقيق وخريص التي تقدر بحوالي 8.5 مليون برميل يوميا وإلى الطاقة الإنتاجية لبقية الحقول التي تقدر بحوالي ثلاثة مليون ونصف المليون برميل يوميا ندرك أن الجيش اليمني بإمكاناته البسيطة والمتواضعة المتمثلة في سلاح الجو المسير استطاع أن يلحق بالنظام السعودي أكبر خسارة نفطيه في تاريخه حيث نجح في ضرب ما نسبته 70% من الإنتاج الكلي للنفط الخام وهي ولا شك مثلت كارثة اقتصادية اضطرت النظام السعودي إلى الاعتراف بها .. وهو ما ظهر جليا في التصريحات الأخيرة لوزير الطاقة السعودي التي أكد فيها الخسارة الفادحة القطاع النفط السعودي وتوقف عمليات إنتاج النفط والاضطرار إلى تعويضها من الاحتياطي العام للسعودية.