النباء اليقين

المصالحة الوطنية: تتويجا للدعوات المتكررة وتدشين مرحلة جديدة لبناء الدولة اليمنية الحديثة

يأتي قرار تشكيل فريق المصالحة الوطنية الشاملة والحل السياسي بين اليمنيين، الذي اعلن عنه فخامة الرئيس مهدي المشاط، الشهر الماضي تتويجا للدعوات السابقة والمتكررة والمبادرات التي اطلقها سماحة قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي حفظه الله، في خطاباته المستمرة، بدء بقرار العفو العام عن المخدوعين، ومرورا بإطلاق معتقلي فتنة ديسمبر وطيه تماما، ومبادرات إطلاق الأسرى، وما زالت دعوات ومبادرات قائد الثورة متواصلة والتي آخرها خلال الايام الماضية في خطابه بمناسبة تنفيذ عملية الردع الأولى، والذي دعا فيه كل المخدوعين بالغزاة والمحتلين إلى العودة إلى حضن الوطن، وعليهم أن يدركوا أن مكافأتهم من قوى العدوان لن تكون إلا الذل والهوان.

كما أن القرار جاء ترجمة فعلية واستكمالا للدعوات والمبادرات التي اطلقها فخامة الشهيد الرئيس صالح علي الصماد، مرارا وتكرارا للمخدوعين بقوى العدوان بالعودة إلى الصف الوطن وفتح صفحة جديدة، وكانت دعوات المصالحة الداخلية قد تجسدت في عهد الشهيد الرئيس الصماد، حين أصدر القرار بإنهاء فتنة ديسمبر وطيه ملفه تماما، وإطلاق كافة المعتقلين على خلفيته، ووجه دعواته الصادقة للقوى السياسية الداخلية بالعودة إلى طاولة الحوار اليمني.

وعلى ذات الخطى واصل الرئيس المشاط، ما بدأه الشهيد الرئيس الصماد في مشروعه “يد تبني .. ويد تحمي”، من خلال إعلان الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة، والبدء بتنفيذها وترجمتها واقعا فعليا ملموسا، ولقد كان قرار تشكيل فريق المصالحة الوطنية والحل السياسي، تنفيذا للرؤية الوطنية، والتي أفردت محورا كاملا للمصالحة بين جميع اليمنيين بمختلف مكوناتهم السياسية والدينية.

حيث دعا فخامة الرئيس المشاط في خطابه الأخير بمناسبة عيد الأضحى، جميع اليمنيين إلى لملمة الصفوف وتعزيز الروابط الأخوية والشروع في حوار يمني -يمني يضمن حقوق كافة أبناء الشعب اليمني دون أي تمييز ويحول دون إنزلاق وطننا في مشاريع العدو التدميرية، مؤكدا “إن المصالحة الشاملة خيار كل شعب يتطلع لمستقبل من القوة والعزة، ولن يتأتى ذلك إلا بالانفكاك من قيود الماضي وتأثيرات الخارج”، مشيرا إلى تشكيل لجنة المصالحة الوطنية والحل السياسي، وعلى جميع الأطراف والمكونات السياسية الفاعلة أخذها على محمل الجد للخروج ببلدنا من دوامة الصراع والارتهان للخارج.

كما يحمل القرار الوطني طابع المسؤولية والحكمة وتغليب صوت العقل والمنطق، والحرص الكبير والنوايا الجادة على لملمة الصفوف وتضميد جراح اليمنيين بمختلف توجهاتهم وانتماءتهم، وتغليب مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

ويعتبر قرار تشكيل فريق المصالحة الوطنية رؤية ثاقبة للقيادتين الثورية والسياسية، وإدراهما لأبعاد المؤامرات الخطيرة التي تتهدد وطننا ووحدته وكيانه وهويته، من خلال إشراك جميع القوى السياسية في صنع القرار للوصول للمصلحة العامة والهدف المشترك دون امتلاك أي طرف حق الرفض الذي يخرج مفهوم الشراكة السياسية عن معناها الحقيقي إلى مفهوم المحاصصة وتوزيع الغنائم والمكاسب، حيث أن الشراكة السياسية تتطلب نشاطاً إيجابيا لتحديد حقيقة المصالح الوطنية لكل من المجتمع والدولة وإدارة التفاوض بقصد بناء التوافقات حول القواسم المشتركة في بيئة قائمة على التسامح ونبذ التطرف واستخدام العنف.

كما يؤكد القرار على أن المصالحة بين جميع القوى والأطراف السياسية الداخلية تقوم على قاعدة الاستقلال والحرية والسيادة والشراكة بمصداقية، وإيثار المصلحة العامة فوق المصالح الفئوية والحزبية الضيقة، والعمل على تحقيق الأهداف المشتركة لجميع الأطراف وقبول التضحية من أجل الأهداف العليا للأمة وتحقيق التماسك والتوحد لمجابهة الأخطار المشتركة والاستعداد للدفاع عن ثوابت الأمة والوطن.

وكان فريق المصالحة الوطنية الشاملة والحل السياسي قد دشن في الثامن من الشهر الحالي في العاصمة صنعاء أول اجتماعاته برئاسة رئيس الفريق يوسف عبدالله الفيشي.

وفي الاجتماع الذي حضره نائب رئيس الفريق علي بن علي القيسي، أكد الفيشي أن مهمة فريق المصالحة الوطنية ترجمة لما تضمنته الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة.

وقال” لقد ظل العدوان متسترا خلف تفرق اليمنيين وشتاتهم كما هو جلًي اليوم في استهداف الوحدة الجغرافية والاجتماعية بما يرتكبه في المحافظات الجنوبية من جرائم ضد الإنسانية في الصراع بين أدوات الغزاة والمحتلين بالوكالة لتحقيق أهداف الغازي”، مضيفا ” تحت مظلة اليمن الصامد، تنطلق أعمال فريق المصالحة الوطنية الشاملة والحل السياسي لقطع الطريق على معوقات الوصول إلى حلول يمنية خالصة للمشكلات السياسية التي كانت جميعها نتاجا للتدخل الخارجي وسرقته للتحولات الإيجابية في تاريخ اليمن المعاصر”.

وأكد الفيشي أن الفريق متجانس وموحد الأهداف والغايات من قوى وطنية ممثلة لأهداف ومبادئ الحل السياسي وأهميته،

لافتا إلى قدرة اليمنيين على تحقيق مصالحة وطنية لخوض تجربة سياسية ناجحة بالاستفادة من التجربة الراهنة في ظل العدوان والحصار والتجارب اليمنية المتراكمة في البحث عن الدولة والاستقرار والاستقلال القائم على جهود أبناء اليمن الواحد، مشيرا إلى أن الرؤية الوطنية ستكتمل بنتائج عمل فريق المصالحة الذي سيحدد الكثير من الملامح السياسية للدولة ونظام الحكم المحلي الناتج عن تكامل الجهود والرؤى الوطنية لليمن الموحد أرضا وإنسانا ويحقق المصالحة الوطنية بين مكونات الطيف السياسي اليمني وقواه وفئاته منطلقا من قيم العدالة والاستقلال وجبر الضرر والسلم والسلام.

وأكد رئيس فريق المصالحة الوطنية، على القيمة العليا التي يحققها صمود أبناء اليمن في الانتصار على خيارات العدوان وتقديم خيار السلام الذي يمثل هذا الفريق تحقيقا للسلام الداخلي الشامل بين كافة المكونات السياسية والقوى الوطنية وشركاء العمل السياسي لبناء مستقبل اليمن، لافتا إلى أن الفريق سيعمل على ثلاثة مسارات تتمثل في الجبهات والمناطق الخاضعة لسيطرة الاحتلال والأحزاب والقوى والشخصيات السياسية والحزبية من خلال تعزيز التواصل والتنسيق للعودة إلى صف الوطن.

وقال” تحالف العدوان يمر بأسوأ مراحله، ما يتطلب من اليمنيين تحقيق مصالحة وطنية بالتواصل مع المخدوعين في الداخل والخارج” .. لافتا إلى أن السعودية والإمارات تعملان في اتجاه تمزيق وحدة اليمن ونسيجه الإجتماعي، داعيا المنخرطين في صفوف العدوان إلى تحكيم العقل والمنطق والعودة إلى مسار السلام والأمن والاستقرار والمصالحة الشاملة وبناء اليمن الواحد الموحد .. وأضاف ” يكفي خمس سنوات من القتل للأطفال والنساء والتدمير للبنية التحتية “.

كما دعا المجتمع الدولي إلى إصدار قرار بالمصالحة اليمنية بدلا من دق طبول الحرب في اليمن وليبيا وسوريا والعراق .. وقال” نحن رغم العدوان نعمل على لملمة الجراح ونحرص على المصالحة الوطنية والحل السياسي “، مضيفا ” لنحتكم جميعا إلى الشعب اليمني بوسائل مدنية وديمقراطية عبر الحوار والمصالحة الوطنية والتوافق على نظام الحكم وشكل الدولة “.

وقال الفيشي” لنبدأ بمصالحة وطنية بين الجميع والشجاع هو الذي يحكًم صوت العقل”.. مشيرا إلى أن الخمس السنوات الماضية كشفت حقيقة العدوان في قتل أبناء اليمن وتدمير بنيته التحتية، مؤكدا أن ما يحدث في المحافظات الجنوبية مخطط ومعد له مسبقا، حاثا أبناء اليمن على عدم التخاذل في مواجهة العدوان من خلال الاستمرار في التحشيد لرفد الجبهات .. مشددا على أعضاء اللجنة تقديم مقترحات ورؤى وتصورات عن مختلف القضايا بما يحقق المصالحة الوطنية.

ختاما فإن هذا القرار قد جسد دعوات المصالحة الوطنية الشاملة، بصورة عملية لاستيعاب كل اليمنيين تحت مظلة اليمن، ودشن مرحلة جديدة من العلاقات بين القوى الداخلية، وضمن توجهات القيادة بضرورة أن يستوعب الجميع أنه لاخيار أمامهم إلا بالعودة إلى حضن الوطن، وتجاوز كل المسائل الخلافية.

 

المصدر: موقع أنصارالله