النباء اليقين

جعدة وضاوي!

بقلم / مصباح الهمداني

وعدها معاوية بالمال الوفير، والزواج من ابنه يزيد؛ إن هي دسَّت السُّم لزوجها الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، فصدَّقت الوعود، وأخذت السم المرصود، وتجاهلت العِشرة والأواصر، ووضعته في طعام السِّبط الطاهر، واستشهد ولي الله، وطارت المجرمة إلى عدو الله؛ تطلبُ منه تنفيذ البنود، وإنجاز العهود، فنظرها بأعين النمرود، وخاطبها وهو كالجلمود، بأن الأنثى التي تقتل الحسن، لا يوثق بها ولا يؤتمن، وكيفَ لهُ أن يزوجها يزيد، ذلك السكير العربيد، فبكَتْ وأبكَتْ ووجدت جعدة بنت الأشعث نفسها أمامَ مائة ألف درهم؛ ثمنًا لجريمتها، وقيمةً لخيانتها، وسوءةً فوق سوءتها…

وهكذا كان ضاوي البؤس والشقاء، فما إن أكمل جريمته الشنعاء، ونفَّذ مهمته الشوهاء، وهرب إلى أسياده بعبايته؛ حتى تنكروا له، ولم يمنحوه ما وعدوه، ولم يعطوه ما منَّوه، ولم يرَ أمريكا، ولا باريس ولا لندن، وعاد إلى مارب يشاهد إبراهيم في حله وترحاله، ويطارده في يقظته ومنامه، ولم يدُم الانتظار، وجاء القرار بأخذ القصاص، وطوت الأيام ثلاثين يومًا طويلة، وأتى الثلاثاء حاملاً البُشرى؛ بقتل رأس الحية، ومنفذ الجريمة.

قُتل قاتل إبراهيم بن بدر الدين.
قُتل المجرم محمد ضاوي وهو في عقر داره وفي قلب مدينة مارب بين المجرمين، وبين عدة وعتاد المعتدين، وبين الحراس والمرافقين، في عملية استخبارية عالية، وقدرة أمنية متطورة، ومهارة احترافية مسددة.

شهرٌ واحد فقط كان الفاصل بين الجريمة والعقاب، شهرٌ واحد هو حصيلة تنقلات المجرم بين المدن، شهرٌ واحد هو ثمرة السعي إلى أبواب القصور والشيوخ والقادة والضباط يشرحُ لكل واحدٍ منهم عظيم ما فَعَلْ، وحجم ما حقق؛ لكي يُقنعوا صاحب القرار بتسفيره، ونقله إلى حياةٍ أخرى، ودولةٍ بعيدة، لكنَّ أحدًا لم يسمعه، ولم يعُد أحدٌ يرغب أن يراه…

الوحيدون الذين كانوا حريصين على سماعه ورؤيته، وتتبع أدق تفاصيله؛ هم رجال الاستخبارات والأمن الساهرين.
وأخيرًا وصلوا إليه، في عملية ناجحة مسددة، وتم قتل المجرم بكل دقة وحكمة وحنكة، ونزفت مع دمائه النازفة سجلات استخبارات الغزاة، ومعسكراتهم ومراكزهم واتصالاتهم…

ولكل مجرمٍ عقاب يا أيها العملاء الخاسئون.

 

#ملتقى_الكتاب_اليمنيين