النباء اليقين

هكذا أظهرت الإمارات وجهها الاستعماري في اليمن

الهدهد /متابعات

بعد 4 سنوات من بدء الحرب على اليمن ونشر القتل في شوارعها، وإصابة الآلاف من أبنائها بوباء الكوليرا، وانتشار المجاعة، بات واضحاً لجميع العالم أن الهدف الذي أعلنه التحالف السعودي الإماراتي حول دعمه للشرعية ما هو إلا مدخل للسيطرة على خيرات هذا البلد.

وعلى الأرض بدأت الإمارات تعمل بوضوح للسيطرة على المنشآت الاقتصادية التي كانت تحوم حولها؛ فحولت ميناء بلحاف -وهو أحد الموانئ الرئيسية لتصدير النفط في اليمن- إلى ثكنة عسكرية، وطردت جميع موظفيه.

وأرسلت الإمارات المندوب العام لمؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية، خلفان المزروعي، إلى أرخبيل سقطرى ليلتقي عدداً من أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه أبوظبي؛ تمهيداً للسيطرة على الجزيرة وتحويلها إلى قاعدة إماراتية، وفق مسؤولين يمنيين.

أطماع الإمارات في الجزيرة الاستراتيجية كشفت عنها حكومة المرتزقة على لسان مستشار وزير الإعلام في حكومة المرتزقة ، مختار الرحبي، إذ أكد وجود‏ خطوات لإسقاط مؤسسات الدولة اليمنية بتخطيط من دولة الإمارات عبر مندوبها المزروعي بعد وصوله إلى سقطرى.

وقال الرحبي، في سلسلة منشورات له عبر حسابه في موقع “فيسبوك”: “بدأت الإمارات الاجتماع مع عدة شخصيات في جزيرة سقطرى بهدف تنفيذ مخططها، الذي بدأ يظهر مع عودة المزروعي المبكرة “.

وأوضح أن المزروعي يعمل تحت غطاء العمل الإنساني كممثل لمؤسسة خليفة، لكن تحركاته على الأرض كلها سياسية استخبارية، مشدداً على أن الدولة اليمنية ستقف بقوة ضد كل المشاريع التدميرية التي تحاك من الإمارات ضد اليمن.

‏وبين أن مليشيات ما يسمى المجلس الانتقالي في سقطرى نهبت مؤسسة الكهرباء وسيطرت على المؤسسة، في إطار مخطط للاستيلاء على مؤسسات الدولة بإشراف مباشر من العميد المزروعي، وتعاون مباشر من مدير الأمن في الجزيرة ووكيل المحافظة، رائد الجريبي.

كذلك أكد محافظ سقطرى، المعين من قبل العدوان رمزي محروس، أن المندوب الإماراتي خلفان المزروعي والمسؤول عن مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية، اقتحم مؤسسة الكهرباء في الجزيرة برفقة عدد من عناصر المجلس الانتقالي، وسيطروا على مولدات ومحولات كهربائية، وقاموا بسحبها من المحطة.

وقال محروس، في منشور على صفحته بموقع فيسبوك: “سنعزز حماية مؤسسات الدولة ولن نسمح بأيادي العبث للنيل منها، وقمنا بتوجيه الأجهزة الأمنية بتعزيز حماية مؤسسات الدولة والوقوف أمام خطوات ومخططات التخريب والعبث”.

وسقطرى هي كبرى جزر أرخبيل يحمل الاسم ذاته، مكون من 6 جزر، ويحتل موقعاً استراتيجياً في المحيط الهندي، قبالة سواحل القرن الأفريقي، قرب خليج عدن.

أطماع لا تنتهي

الناشط السياسي اليمني سليمان النواب، يؤكد أن أطماع الإمارات في بلاده لا تنتهي، وآخرها ما صرح اليوم به محافظ محافظة شبوة، محمد بن عديو، من أن القوات الإماراتية حولت ميناء بلحاف إلى ثكنة عسكرية، وطلب من الموظفين المغادرة.

وقال النواب في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “نقلت الإمارات عبر مطار الريان أسلحة إلى جزيرة سقطرى المسالمة والآمنة، والتي لا تحتاج لأي وجود عسكري فيها”.

وبين النواب أن الإمارات تريد تحويل الجزيرة إلى منتجع خاص بأولاد زايد، حيث استقدمت مرتزقة، مؤخراً، من عدة دول إلى سقطرى.

وذكر أن سقطرى جزيرة نادرة وتحتوي على شجرة دم الأخوين التي لا توجد في أي مكان بالعالم، إضافة إلى أنها تحتوي على ساحل نقي جداً وبحيرات هي الأفضل في العالم.

وأردف بالقول: “الإمارات دويلة بلا تاريخ ولا وحضارة ولا أخلاق، تريد نهب كل ما يتعلق بالتاريخ لتخدع العالم بأن لها جذوراً تاريخية”.

وتوقع الكاتب السياسي اليمني ألا تنجح الإمارات في السيطرة على سقطرى، وذلك بسبب رفض الشعب اليمني للوجود الإماراتي في بلادهم.

وأشار إلى أن المطلوب من اليمنيين الاتحاد للحفاظ على سيادة بلادهم وثوابتهم الوطنية، ورفض مخطط تقسيم اليمن إلى دويلات، وتحويل سكانه إلى لاجئين.

أهمية سقطرى

تعد جزيرة سقطرى تراثاً إنسانياً عالمياً، وتحتل موقعاً استراتيجياً تلخصه مقولة مشهورة: “من يسيطر على سقطرى يتحكم عسكرياً وتجارياً بمفاتيح البحار السبعة الرئيسة في العالم (تجارياً وعسكرياً)”؛ لأنها تمثل نقطة التقاء بين المحيط الهندي وبحر العرب.

ويمكن لأي دولة تمتلك قاعدة عسكرية في سقطرى أن تصبح المسيطرة على مضيقي هرمز وباب المندب، الذي بدوره يؤثر في الملاحة في قناة السويس ومضيق ملقا، الذي يفصل بين إندونيسيا وماليزيا.

لذلك كانت محل طمع من قبل القوى المهيمنة على العالم؛ فاحتلتها البرتغال عام 1507، وبريطانيا 1893، وروسيا من خلال حضور الاتحاد السوفييتي في جنوبي اليمن، في النصف الثاني من القرن العشرين.

كما أن الولايات المتحدة الأمريكية حاولت التموضع فيها، وكانت خطوتها الأولى في العام 1990، عندما وضعت فيها رادارات بالتنسيق مع نظام الرئيس المخلوع صالح، كما أن فرنسا وإيران ودولاً أخرى لها أطماع في هذه الجزيرة، وحالياً لا يخفى الحرص الإماراتي عليها، وفقاً للمعطيات الظاهرة.

ليس ذلك وحده ما يمكن أن تحصل عليه الإمارات من السيطرة على أرخبيل سقطرى، التي تستوطن فيها 270 نبتة لا توجد في أي مكان آخر في العالم، كما يؤكد الباحث محمد خليفة.

ويتكوّن أرخبيل سقطرى من مجموعة جزر، أبرزها سقطرى، التي صنفتها اليونسكو في العام 2008 ضمن معالم التراث الإنساني العالمي، وتعد أكبر جزيرة عربية، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الساحل اليمني، ويبلغ شريطها الساحلي 300 كيلومتر، وتتمتع الجزيرة بتضاريس متنوعة بين السهول والهضاب والجبال والساحل، ويقطنها نحو 45 ألف نسمة.

وتصنف سقطرى بين أهم أربع جزر في العالم من ناحية التنوع الحيوي النباتي، وتعتبر موطناً لآلاف النباتات والحيوانات والطيور، منها 13 نوعاً لا يوجد في أي مكان آخر في العالم، كما تشير دراسة لمنظمة حماية الطيور الدولية.

ولهذه الأهمية الاستراتيجية لسقطرى وجدت الإمارات نفسها أمام فرصة نادرة لتفوز بالجزيرة “تحت لافتة إعادة إعمار سقطرى، في مطلع العام 2016.

وشهدت سقطرى، في مايو 2018، توتراً غير مسبوق إثر إرسال الإمارات قوة عسكرية إليها بالتزامن مع وجود رئيس حكومة المرتزقة حينها، أحمد عبيد بن دغر، وعدد من الوزراء.

وعقب رفض حكومة المرتزقة الخطوة الإماراتية، وتمسكها بضرورة انسحاب قوات الإمارات، تدخلت وساطة سعودية قضت برحيل قوات أبوظبي من الجزيرة البعيدة عن الصراع المسلح الدائر في اليمن.