النباء اليقين

هدوء حذر في شوارع إدلب و’خفض التصعيد’ على المحك

بعد 3 اشهر من التصعيد العسكري وفي وقت كشف تقرير للأمم المتحدة أن مدينة إدلب وأفغانستان تعدان أكبر بؤرتين لتجمع الإرهابيين الأجانب معظمهم من تنظيم القاعدة الإرهابي، وبعد اعلان دمشق “الموافقة على وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد بإدلب شمالي البلاد” خرقت التنظيمات الإرهابية اتفاق وقف إطلاق النار واعتدت بالصواريخ على المدنيين في ريف اللاذقية.

واتت الهدنة تزامنا مع عقد الجولة الثالثة عشرة للمحادثات حول سوريا في عاصمة كازاخستان، برعاية إيران وروسيا وتركيا.

هذا ورحبت واشنطن (والتي دعمت خلال السنوات الماضية الإرهابيين في سوريا) بوقف اطلاق النار وشددت على ضرورة انهاء “الهجمات على المدنيين”، على حد تعبيرها.

وقالت مورغن اورتاغوس المتحدثة باسم الخارجية الاميركية “نحيي جهود تركيا وروسيا اللتين عملتا سويا لاعادة فرض وقف النار الذي تم التوصل اليه” في ايلول/سبتمبر، شاكرة للامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش جهوده الشخصية في ملف ادلب.

واكدت واشنطن من جديد ان “لا حل عسكريا للصراع السوري”.

وبدأ منذ منتصف ليل الخميس الجمعة سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بمدينة ادلب (آخر معاقل الجماعات المسلحة في سوريا) واشترطت دمشق لاستمرار الهدنة، انسحاب المجموعات الإرهابية من المنطقة المنزوعة السلاح بحسب ما ينص اتفاق سوتشي الروسي التركي منذ ايلول/سبتمبر.

واطلق المسلحون عدة صواريخ الى بلدة بشلاما جنوب شرق مدينة القرداحة أدى إلى ارتقاء شهيد وإصابة ثلاثة مدنيين آخرين بجراح، وخسائر مادية في ممتلكات المواطنين.

بالمقابل، اعلن القائد العام لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) ابو محمد الجولاني السبت ان فصيله لن ينسحب من المنطقة المنزوعة السلاح بشمال غرب سوريا.

وحاليا تشهد محافظة إدلب ومحيطها هدوءا حذرا.

وبدأت عائلات الشمال السوري تتفقد منازلها بعد إعلان الهدنة لتستطلع مشاهدة أحوال منازلها وممتلكاتها وما حلً بها من دمار وخراب نتيجة تواجد الإرهابيين.

وكانت موسكو أعلنت أنها تنتظر من أنقرة تنفيذا كاملا للاتفاقيات المتعلقة بسحب المقاتلين والأسلحة من إدلب، ردا على مبادرة الحكومة السورية بوقف إطلاق النار في تلك المنطقة. وطلبت موسكو تركيا بالافعال وعدم الاكتفاء بمجرد الاقوال.

وقال رئيس المركز الروسي للمصالحة في سوريا، اللواء أليكسي باكين: “بهدف استقرار الوضع في الجمهورية العربية السورية ودعما “للقاء أستانا” الدولي حول سوريا، قرر الرئيس السوري بشار الأسد، وقف إطلاق النار وأي عمليات هجومية في منطقة التصعيد في إدلب، ننتظر أن ينفذ الجانب التركي بشكل تام بنود اتفاق سوتشي الذي ينص على سحب المسلحين والأسلحة من المنطقة المنزوعة السلاح، ووقف القصف وفتح طريق السيارات الواصل بين دمشق وحلب”.

هذا في وقت قالت فيه صحيفة الوطن السورية ان النظام التركي وجه رسالة للجماعات المسلحة في سورية اكد فيها إنه مجبر على تعديل موقفه بما يخص ملف إدلب خلال القمة الثلاثية بين رؤساء الدول الضامنة لمسار أستانا.

في السياق المتصل، الخبير العسكري السوري، العميد المتقاعد علي مقصود، اعتبر أن العملية العسكرية التي خاضها الجيش السوري في المنطقة منزوعة السلاح جرت وفق خطة مدروسة بالتنسيق مع الجانب الروسي الذي نسق بدوره مع تركيا.

وألمح مقصود إلى أن الخطة التي تم تنفيذها بهذا التناغم العفوي تهدف الى تدمير قدرات التنظيمات الإرهابية التي تدور في فلك تنظيم القاعدة، وإجبارها على الخضوع لتركيا بما يمكن الأخيرة من الإيفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق سوتشي.

وقال العميد مقصود: “إن الخارطة التي رسمها الجيش السوري قبل الذهاب إلى أستانا تفصح عن وجود تفاهم لوقف الأعمال القتالية وانسحاب المجموعات الإرهابية المسلحة إلى عمق 20 كم، فهذه الخارطة وما تضمنته من خطوط تماس، أراد الجيش منها بعث رسالة مفادها بأنه إما أن يخرج عن أستانا اتفاق يتضمن حلا سياسياً، أو سيكون الحل العسكري هو الفيصل، بعد أن أقام الجيش السوري خطوط الانقلاب والتماس على محيط ريف إدلب الجنوبي”.

في هذا الوقت يشير مراقبون سياسيون الى وجود نوع من التناغم بين الافراجات التي حدثت في استانا وبين انصياع الجماعات المسلحة لمبدأ وقف اطلاق النار.

وكانت روسيا وتركيا وإيران قد أعربت في البيان الختامي للجولة الـ13 لمفاوضات أستانا، عن ارتياحها لما تم إنجازه من تقدم في تحديد قوام ونظام عمل اللجنة الدستورية السورية، مؤكدة استعدادها للمساعدة في انعقاد هذه اللجنة في أسرع وقت ممكن.

وأشار البيان إلى أن إيران وروسيا وتركيا بصفتها الدول الضامنة لـ”عملية أستانا”، أعربت عن أسفها لسقوط ضحايا بين المدنيين في إدلب السورية، واتفقت على اتخاذ “إجراءات عملية” من أجل حماية المدنيين وكذلك “العسكريين التابعين للدول الضامنة داخل منطقة وقف التصعيد وخارجها في إدلب”.

ودعا البيان المجتمع الدولي لدعم الجهود الرامية إلى إعادة اللاجئين والنازحين السوريين، وزيادة حجم المساعدات الإنسانية لجميع السوريين دون شروط، مشيرا إلى أن الدول الضامنة تبحث فكرة عقد مؤتمر دولي لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري.

الحكومة السورية تريد ان ترى تركيا وهي تطبق ماتم الاتفاق عليه في استانا وقال الجعفري خلال مؤتمر صحفي في ختام الجولة 13 من محادثات استانا يوم الجمعة: “سوريا لا ترى تطبيقا نزيها من جانب النظام التركي لـ”تفاهمات أستانا” و”اتفاق سوتشي” حول إدلب، الذي يقضي بانسحاب التنظيمات الإرهابية إلى عمق 20 كم وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة”، مطالبا “جميع الأطراف في “مسار أستانا” بتحمل مسؤولياتهم والضغط على تركيا في هذا الشأن”.

ولفت الجعفري إلى أن “سوريا لن تنتظر إلى ما لا نهاية حتى ينفذ النظام التركي التزاماته، إذ أن هناك ملايين السوريين في إدلب يناشدون الدولة السورية تخليصهم من الإرهاب”.

واعتبر الجعفري أن “أنقرة تواصل احتلال أجزاء من سوريا في انتهاك لـ”تفاهمات أستانا” التي تنص على الالتزام بوحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها”، مضيفا أنه “لا يحق لتركيا أو الولايات المتحدة الحديث عن أي شبر من سوريا، في وقت تنتهكان فيه القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بوجودهما غير الشرعي على الأراضي السورية”.

يذكر، أنه تنتشر في محافظة إدلبومناطق بريف حماة الشمالي مجموعات إرهابية تتبع بمعظمها تنظيم جبهة النصرة و”الحزب التركستاني” وغيرهما من التنظيمات الإرهابية والتي أغلب مرتزقتها أجانب تسللوا عبر الأراضي التركية بتسهيل من النظام التركي ودعم غربي وبأموال خليجية.

 

المصدر: العالم