النباء اليقين

الصادق الأمين

الهدهد / مقالات

علي الزهري

 

وأنا أتابعُ إحياءَ الشعب اليمني الوفي للذكرى الأولى لاستشهاد الرئيس صالح الصمّاد -سَلَامُ اللهِ عَلَيْـهِ-، سواء على المستوى الرسمي من خلال إقَامَة الفعاليات المتنوعة أَو الزيارات الرسمية للجهات الحكومية إلى ضريحِه، أَو المسيرات والوقفات الشعبيّة التي خرجت في الميادين والساحات وتوجّت بالخروج الكبير يوم الذِّكْــرَى في محافظتَي صعدة والحديدة وعاصمة الروح صنعاء، تبادرت إلى ذهني مجموعةٌ من التساؤلات وكان في مقدمتها: لماذا كُــلُّ هذا الحب الكبير والمشاعر الفياضة من الشعب لهذا الرئيس؟ رغم قصر فترة توليه الحكم، وصعوبة المرحلة التي تولى فيها قيادة البلد، فاليمنُ في حالة عدوان غاشم وتكالب الطامعين والإرهابيين القتَلَة عليه، وعلى المستوى الداخلي كانت مرحلةً غيرَ مستقرة فقد شهدت تغيراتٌ في البنية السياسيّة، فتحوّلنا من السلطة الثورية إلى السلطة الدستورية، وترتب على ذلك بذلُ الكثير من الجهد لخلق مؤسّسات مستقرة ومعالجة أية خلافات هنا أَو هناك أَو تداخُل بين الوضع السابق واللاحق، أضف إلى ذلك الوضع الاقتصادي الصعب الذي وصل إلى مرحلة العجز عن الاستمرار في صرف مرتبات موظفي الدولة بصورة منتظمة؛ بسَببِ نقل البنك المركزي والاستيلاء على ثروات البلد من قبل حكومة فنادق الرياض.

 

مع هذا كله السؤال يطرح نفسه: لماذا كُــلُّ هذا الحب من الشعب لصمّاده؟ ولماذا لم يبادل الشعب كُــلّ الرؤساء الذين تعاقبوا على حكمه هذه المشاعر المتدفقة؟ ولماذا يُكِنُّ الناس للحمدي والصمّاد تحديداً تقديراً خاصاً واستثنائياً، في اعتقادي أن الشعبَ أحبَّ رئيسَه الصمّاد؛ لأَنَّه أحسَّ بصدق توجّهه وولائه للشعب واليمن، أحس بدفء كلماته وحرقته على بلده وشعبه، أحب صمّاده؛ لأَنَّه نظيفُ اليد والجيب لدرجة أنه لا يمتلك منزلاً في عاصمة الدولة التي يحكُمُها، صادق وأمين فأحبوه، كان صمّادُ اليمن يقودُ صمودَ شعبه بكل فروسية، شجاعاً لدرجة خوف الناس عليه من كثر تحَــرّكاته التي لا تتوقف، زار جبهاتِ الشرف حتى وصل لنجران وجيزان وعسير، زار الجُزُرَ اليمنية في وَضَحِ النهار والسماء ملبدة بطائرات القَتَلة، كان صادقاً في حبه لشعبه، غيوراً عليه، عنده حميةٌ وغيرة وحرقة وحرية الإنسان اليمني النبيل، أحبه الناس؛ لأَنَّه كان يشبهُهم، كان يكبر بهم لا عليهم، كان يدركُ حجمَ الأمانة الملقاة على عاتقه فلم يخُنْها، وأعطاها حقَّها ومستحقها، وختم وتوج نضالَه وشهامته وكرمه وفروسيته في الساحل الغربي المشتعل، نزل ليحشُدَ لمسيرة البنادق ليبدّدَ أحلامَ الواهمين والطامعين والمحتلّين باستقبالهم بالورود، كان كريماً بليغاً فقيهاً نبيلاً شهماً متواضعاً، فأكرمه اللهُ بما يليقُ به، الصمّادُ شهيداً، يا اللهُ ما أكرمَك، أكرمتَ صمّادنا بالوسام الرفيع والمرتبة الكبيرة، اصطفيته إليك، خسارتُنا كبيرةٌ وفاجعتنا لا حدود لها، لكننا نغبطُ صمّادَنا الشهيد، صادِقَنا الأمين، ورئيسَنا الكريم، وحبيبَ الملايين، ودمُه ومشروعُه أمانةٌ في أعناقنا جميعاً، والوفاء له لا بُـدَّ أن يكون بسعينا لبناء يمن قوي، ودولة عادلة، وحكم رشيد، يمن لجميع الأحرَار من أبنائه بكل توجّهاتهم وأطيافهم، السلامُ على صمّادنا الأمين ورحمةُ الله وبركاته.