النباء اليقين

اليمن.. حقل تجارب لأسلحة الغرب المحرمة دولياً!

الهدهد / متابعات

منذ الوهلة الأولى للحرب على اليمن والذي بدأ في ليلة السادس والعشرين من مارس 2015 م لم يتوان التحالف السعودي الامريكي في استخدام مختلف الأسلحة المحرمة دولياً باستهداف المدنيين والتجمعات السكانية سواء في العاصمة صنعاء أو المحافظات ضاربا بكل الأعراف والاتفاقيات الدولية وأخلاقيات الحروب عرض الحائط حتى أصبحت اليمن وشعبها حقلاً لتجربة أنواع جديدة من الأسلحة الفتاكة وقياس القدرة التدميرية لها أو فعاليتها في القضاء على أكبر عدد ممكن من البشر بأسرع الطرق وأشنعها والتي تمثل ابادة جماعية ترتكبها قوى التحالف بل وامتداد تأثيراتها الصحية طويلة المدى للأجيال القادمة .

تشير أخر التقارير الاحصائية الصادرة عن وزارة الدفاع ان طيران التحالف السعودي الامريكي أسقط على اليمن نحو 6000 قنبلة عنقودية وصاروخ محرمة دولياً استهدفت منازل المواطنين ومزارعهم في مختلف المحافظات منها 5914 قنبلة عنقودية وفوسفورية الى جانب استخدامه 2951 قنبلة ضوئية و3921 قنبلة صوتية ناهيك عن اسقاط طائرات التحالف عشرات القنابل الفراغية وجميعها محرمة دوليا نظرا تأثيرها الخطير على حياة وصحة المدنيين والتجمعات السكانية المدنية وخاصة النساء والأطفال .

وتبقى محافظة صعدة هي الاولى على مستوى اليمن في تلقي الصواريخ والقنابل والقذائف المحرمة الى جانب المحافظات الأخرى حتى أمانة العاصمة لم تسلم من تلك الأسلحة الفتاكة وقد قصفت مدن وقرى وعزل صعدة بعشرات بل المئات من تلك القنابل لعل ابرزها القنابل العنقودية والفوسفورية المحرمة دولياً استهدفت منازل المواطنين ومزارعهم .

وقد نشرت وسائل الإعلام المحلية العربية والدولية صوراً لعدد من الصواريخ المحملة بالقنابل العنقودية التي استهدفت عدداً من المنازل مخلفة أضراراً مادية ومهددة حياة المدنيين من الأطفال والنساء في مختلف مناطق المحافظة خاصة وأن العديد من تلك القنابل لم تنفجر وبالتالي تشكل خطراً كبيراً على المواطنين على المدى المتوسط والبعيد بعد ان يتم تغطيتها بواسطة سيول الأمطار وغيرها وقد تم في هذا الجانب تسجيل العديد من الحوادث بمقتل أطفال ونساء أثناء قيامهم بأعمال معتادة في المزارع والوديان اما بجلب الحطب او خلال رعي الماشية وتم توثيق تلك الحوادث من قبل وسائل الإعلام والمنظمات المعنية .

ووفقاً لتقارير رسمية صادرة عن وزارة الصحة العامة والسكان فقد ارتفعت حالات التشوهات الجينية بسبب هذه الأسلحة الفتاكة حيث أثرت تلك القنابل المحرمة والغازات السامة وبدأت تفتك بالأجنة والمواليد وسجلت المستشفيات الحكومية والخاصة العشرات بل المئات من حالات الاجهاض الناتج عن استنشاق رائحة تلك الأسلحة وتم رصد وتوثيق العديد من المواليد المشوهين في أمانة العاصمة والمحافظات التي سقطت عليها تلك القنابل .

ويشير محللون ومراقبون انه يمكن الحديث هنا عن جرائم ابادة جماعية ترتكبها قوى تحالف العدوان الشيطاني بقيادة أمريكا والسعودية وذلك بموجب الاتفاقيات الدولية والمعاهدات التي ترعى وتتحدث عن هذه الجرائم لا سيما نظام روما 1988″.

وعن نوعية الأسلحة المستخدمة من قبل التحالف السعودي الأمريكي والمسببة لتلك التشوهات وفقا للأطباء والتقارير الدولية تأتي القنابل العنقودية في المقدمة ثم قنابل الحرارة والضغط والقنابل الفراغية والأسلحة الكهرومغناطيسية وأسلحة الطاقة المباشرة والقنابل المشحونة بمادة الفسفور الأبيض والقنابل الوقودية والهوائة .. وأوضحت دراسة بحثية نشرت في مجلة الصحة العامة الأمريكية وصحيفة التايمز البريطانية أن الأسلحة المستخدمة تتضمن اليورانيوم والجمرة الخبيثة والمواد القاتلة التي تدخل ضمن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية بفعاليتها الكبيرة في التدمير والقتل .

إلى ذلك رصدت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية ووثقت الكثير من جرائم التحالف السعودي الاميركي ونتائج هذه الجرائم سواء منها على الصعيد البشري أو المادي ومن هذه التقارير ما وثّقه “المركز القانوني للحقوق والتنمية” حول الضربات الجوية واسلوبها ومدى قوتها ومشاهد الانفجارات التي احدثتها تلك الأسلحة المحرمة نتج عنها مئات الضحايا من المدنيين وتدمير وحدات سكنية باكملها على رؤوس ساكنيها في منطقتي فج عطان وجبل نقم وما سببه ذلك من اضرار كبيرة في المباني الحكومية والشركات التجارية من استخدام تلك الأسلحة المحرمة دولياً..

من جانبها سجلت منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة والمستشفيات الكثير من الاحصائيات حول تلك الأسلحة الفتاكة كما طالبت العديد من المنظمات الحقوقية والانسانية اليمنية بإجراء تحقيقات دولية “محايدة” لكشف حقيقة محتويات صواريخ الدمار والموت التي ضُربت بها مناطق يمنية عديدة وفي مقدمتها العاصمة صنعاء حسب تلك المنظمات . مشيرة إلى أنها تسببت في قتل وإصابة عشرات المدنيين جراء الغازات السامة المنبعثة من الصواريخ التي سقطت على تلك المناطق فضلا عن الحروق والتشوهات الخلقية .

من جانبها أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في بيان لها وجود أدلة ذات مصداقية على أن التحالف الذي تقوده السعودية استخدم ذخائر عنقودية محظورة من صنع الولايات المتحدة في غاراته على اليمن” واشارت الى ان هذه القنابل تعرض حياة الناس للخطر واكدت هيومن رايتس ووتش ان السعودية والولايات المتحدة تضربان عرض الحائط بالمعيار الدولي الذي يحظر استخدام الذخائر العنقودية.

من جهتها وثقت في هذا الجانب منظمة العفو الدولية عدة مرات استخدام السعودية للقنابل العنقودية في اليمن وتحديداً في المناطق السكنية ما يشكل انتهاكا للقانون الدولي ولقوانين الحرب التي تحرم استخدام هذا النوع من الأسلحة في المناطق المأهولة كما وثقت المنظمة مقتل وإصابة العديد من المدنيين بسبب هذه القنابل التي تنتشر بين المناطق السكنية فور سقوطها بشكل عشوائي ما يجعل خطرها مضاعفاً على المدنيين.

وأقرت السعودية وتحت ضغط المنظمات الدولية باستخدام هذا النوع من الأسلحة لكنها بررت استخدامه بالمحدود حينذاك الأمر الذي تنفيه منظمات حقوق الانسان وتعتبره تهرباً من الحقيقة وتحايلاً على القوانين الدولية في ظل صمت دولي ازاء ما يجري في اليمن.

وتتفادى وسائل الإعلام المقربة والمدعومة من دول الخليج التطرق الى هذا النوع من الانتهاكات التي تحصد أرواح المئات من الأطفال والنساء في ممارسة يفقدها الكثير من مصداقيتها أمام العالم.

وبحسب خبراء في القانون الدولي انه في هذا الإطار يمكن الاعتماد على ما تقوله المنظمات الحقوقية المحلية والدولية ذات المصداقية ومن ثم العمل على تشكيل لجان تحقيق للتأكد وتوثيق وتثبيت استخدام الأسلحة المحرمة دوليا”وبناء على ما تقدمه تلك المنظمات من وثائق يمكن تستخدم لتحريك الرأي العام فيما لو لم يتحرك القضاء ولتسليط الضوء ضد اشخاص معينين كانوا اصحاب قرار في اتخاذ القرار الحرب على اليمن كالملك السعودي او ولي عهده .

كما ذكرت تقارير إعلامية ودراسات بحثية أن بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية الى جانب إسرائيل هي من تمول السعودية والإمارات وتبيع لهما تلك الأنواع من الأسلحة الفتاكة ونوهت تلك التقارير إلى أن الحكومة البريطانية تواجه انتقادات كبيرة باعتبارها المزود الرئيسي للسعودية بهذا النوع من القنابل فيما طالبت منظمات غربية وسياسيون أوروبيون بحظر تصدير الأسلحة بكل أنواعها للسعودية كإجراء عقابي على انتهاكها للقوانين والمواثيق الدولية المعمول بها في الحروب ومنها المانيا التي بدأت بتطبيق ذلك الحظر ومددت العمل بقرار الحظر على تصدير السلاح إلى السعودية حتى أواخر الشهر الجاري .

وبالنسبة لطرق ملاحقة المسؤولين عن العدوان السعودي الاميركي اكد خبراء في القانون الدولي ان “أبرز طريق لملاحقة المسؤولين عن الجرائم التي ترتكب في اليمن هي المحكمة الجنائية الدولية” وأشاروا الى ان “هذه المحكمة تتحرك لملاحقة الجناة بطرق ثلاث هي: إما اقامة دعوى من قبل دولة ذات مصلحة أو المدعي العام للمحكمة يتحرك من تلقاء نفسه وأما من خلال تحريك مجلس الأمن مباشرة لهذه الدعوى .. غير أنهم أستبعدوا في الظروف الحالية ان يتحرك مجلس الأمن لاعتبارات سياسية معروفة” وأضافوا : هناك تعويل على تحريك الدعوى ضد السعودية والدول المعتدية فقط عبر تحرك مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية” مشيرين الى وجود طرق اخرى لملاحقة المسؤولين عن الجرائم في اليمن يمكن البحث عن محاكم لدول تعطي لنفسها الاختصاص الدولي أو الأقليمي مثل محاكم بلجيكا حيث تعطي لأي كان تضرر أن يقيم دعوى ضد هذه الدولة”.

رغم كل شيء تبقى الجرائم التي ترتكب في اليمن من قبل التحالف السعودي الاميركي تتكلم عن نفسها وعن مرتكبيها وشدة اجرامهم وعدوانيتهم ولكن الملاحقة القانونية أمام القضاء أو الملاحقة السياسية والإعلامية أمام الرأي العام تبقى غاية في الأهمية كي لا تضيع حقيقة من القاتل ومن المجرم مع مضي الوقت فالجرائم التي تنتهك كل الأعراف الدينية والأخلاقية والقانونية لا تنتهي بمرور الوقت بل تبقى وصمة عار على كل من شارك فيها قولا أو فعلا بشكل مباشر أو غير مباشر.

تقرير : منصور شايع