النباء اليقين

كيف تكون المرأة نورا على نور ؟

بقلم د.يوسف الحاضري

فقد تكون المرأة نور الله تنير الأرض وقد تكون شيطانا يدمر النفوس الزكية ويطفي نور القلوب

جاءت سورة النور في القرآن الموصوف بالنور لتكون نورا على نور بنور العمومية للقرآن ككل ونور الخصوصية المختص بها اسمها وما فيها من فرائض فرضها الله سبحانه وتعالى على الفرد والاسرة لتزكو النفوس وترتقي وتعظم ليصبح مجتمعا قويا متماسكا ينير العالم بنور القرآن والهدى والرحمة للعالمين .

ولأن سورة النور يطول الحديث عما فيها من فرائض في جانب الأسرة وبناءها وتزكية نفوس ابناءها والذي يرتكز بشكل أساسي ورئيسي في المرأة والتي صلاحها يصلح الاسرة والمجتمع وفسادها يفسد الأسرة والمجتمع ، فقد تكون المرأة نور على نور ينير الله بها الأرض وقد تكون شيطانا تدمر الأنفس وتطفي زكاء القلوب ، لذا سنكتفي في الحديث عن آية واحدة فيها وهذه الآية (الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولولم تمسسه نار ، نور على نور ، يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون)

آية عظيمة تتوسط السورة يربط الله فيها نوره بنور ماجاء في السورة من أحكام تكفي لتجعل الفرد والأسرة والمجتمع والعالم أجمع نورا فيتلاشى ظلمة الشيطان وظلام الأنفس لذا أختزل هذا كله في هذه الآية التي ربطها الله بنوره (ليس نور الكينونة ولكن نور الهداية ) .

المرأة التي تستوعب كل هذه الاحكام المذكورة في هذه السورة تصبح نورا على نور ، فوضعها الله سبحانه وتعالى كعلم من أعلام اظهار نوره اي طريق هدايته وصراطه ، فالله الذي هو نور السماوات والارض بنوره يهتدي كل مخلوق في السماوات والأرض ، ومن مظاهر هدايته المرأة المتبعة لما وضعه الله لها في ذلك ، فإن اتبعت تلك الاوامر المذكورة في سورة النور بدء بالعفة والشرف وعدم الخوض في أعراض الآخرين وعدم السعي حبا لإشاعة الفاحشة في وسط المجتمع وذلك بالأرتباط بغض البصر عما لا يحل لها وعدم النظر الى ما قد ينعكس على زكاء النفوس وطهرها وحفظ فرجها عما لا يحل لها وبما لا يحل لها وان تستتر سترا عفيفا سواء في تغطية جسدها كما وكيفا بحيث لا يكون التغطية مبرزا لاجزاء منها وان تكون مشيتها واماكن ذهابها بما لا يضعها في مواقف تؤثر عليها او على الآخرين من الإحترام والزكاء والطهر فلا تصبح في مجتمعها واسرتها معول للشيطان يدمر بها كل عظيم ويطفيء بها كل نور ، فعندها هي نور الله في الأرض كما ذكرها الله في هذا المثل (مثل نوره كمشكاة ) والمشكاة هي ذلك النوع المكتم كاملا الذي يكون مصدرا للنور والضياء والذي يراد للمرأة ان يكون خارجها ولباسها ومشيتها وبصرها مشكاة لا يمكن لشيء ان يصل إلى داخلها الا من يحل لها وتحل له ففي داخلها (مصباح) ذلك القلب الزاكي المتواجد في (زجاجة) الجسد الطاهر بطهر العمل والتصرف والتحرك والافكار ، فإن كانت المرأة بهذه المواصفات ترتقي لتكون نور الله في الأرض ويضرب بها الأمثال فتعكس نور ذاتها على طهر وزكاء أسرتها ليكون نورا في مجتمعها ليعم النور العالم اجمع بتراكمات نور كل نساء المسلمين بما يريده الله في هذه السورة فتكون على صغر حجمها (مقارنة بالكون) ويكون تأثير نورها كنور (الكوكب الدري) ذلك الجرم السماوي الهائل المنير المضيء الذي يصل نوره لكواكب كثيرة ويشمل مساحات كونية كبيرة ويرى بسعادة نفسية ويكون للهداية (وبالنجم هم يهتدون) كمكانة عظمية يرفعها الله إليها ، ويساعدها في الوصول إلى هذا المستوى وذلك الحجم العظيم والمكانة الكبيرة عدة عوامل أهمها (الزوج – الأب – الأخ) الذي يوقد فيها الألتزام والإنضباط كمصدر إلهام وإقتداء لها (يوقد من شجرة مباركة) مستلهمين كل ذلك من الصراط المستقيم المنير بنور الله وهديه (لا شرقية ولا غربية) لا من ثقافات متفرعة في إتجاهات أخرى قد يظهر في بدايته عند شروقه السلامة والصلاح فيغرب بالخطورة والدمار (ولا غربية) ، فمثل هذه الأمثلة العظيمة تصبح المرأة هادية للآخرين ومضرب مثلا للسلامة المجتمعية حتى لولم تتكلم او تتحرك في المجتمع فبها سيضرب الأمثال عن الطهر والشرف والعفة (يكاد زيتها يضيء ولولم تمسسه نار) ، فهي في نهاية المطاف تكون نورا على نورها بنور الله وهدايته فمثل هذه الأمثلة يجب  ان تسعى كل امراة مسلمة ان تكون نور الله و ان يضرب بها الامثلة و ان تكون شعاعا يساهم في إنارة المجتمع والعالم وذلك من خلال الأرتباط باوامر الله وقوانينه واحكامه وفرائضه والتي تأتي على رأسها ما فرض في سورة النور (ويضرب الله الامثال للناس) كما اقتضت حكمته في تعليم وتدريس الناس عبر القرآن الكريم (ضرب الامثلة ).

 

كما ضرب الله مثلا لطريق الظلال (بالأعمى والأصم) وضرب مثلا للطريق المستقيم (بالبصير والسميع) وايضا ضرب مثلا للكلمة الطيبة وتأثيرها وفائدتها ب(الشجرة الطيبة) وللكلمة الخبيثة ودورها في تفكيك المجتمع والشحناء والبغضاء ب(الشجرة الخبيثة) فأيضا ضرب مثلا بنور صراطه ب(المرأة الملتزمة) والتي سيتكسر على مشكاتها ودرة قلبها وفكرها وتحركاتها كل محاولات العدو بحروبهم الناعمة واساليبهم الخبيثة وانشطتهم التدميرية وخطواتهم الشيطانية ولن يستطيعوا إليها سبيلا فيتلاشوت تحت قدميها وبين ترابها فينبثق النور منها ليعم المجتمع كاملا ليهدي الله بها من يشاء .