النباء اليقين

الصواريخ البالستية لا تنام .. توشكا يغرد في العند

 عابد المهذري

……….. ليلة غبراء يبدو انها ستكون قاسية على الاعداء .. لن يبزغ صباح الغد كعادة نهارات الجنوب كل يوم .. فمادام البالستي توشكا قد انطلق للمرة الاولى بأتجاه تمركز العملاء و الغزاة في قاعدة العند العسكرية .. فبلاشك ان الحصاد سيكون انتصارا جديدا للقوات اليمنية يعزز رصيد الجيش اليمني و اللجان الشعبية في ميدان المعركة .. اذ ان استيقاظ القوة الصاروخية في هذا الوقت من الليل يعني ان عيون ابطال وحدة الصواريح مفتوحة على جيهة العدو .. تراقب و ترصد التحركات و تجمع المعلومات و تختار التوقيت المناسب لتنفيذ العملية باتجاه الهدف الذي حدد هذه المرة قاعدة العند .. بعدما كانت قوات العدوان تعتقدها في مأمن من ضربات المجاهدين اليمنيين مع تأخر الوقت نسبيا في استهدافها المتوقع بهكذا سلاح باليستي ظل الكثيرين يطالبون به منذ فترة و بقي المختصين يضبطون اعصابهم على مجيئ اللحظة المناسبة التي جاءت الليلة و بالتأكيد أنها ستكون موفقة و سديدة بذات القدر الذي تحقق في عملية توشكا قبل اشهر في ذباب باب المندب .. حين خرت قيادات و جنود الاحتلال بين صريع و جريح على غرار الضربة الاشد فتكا في صافر مأرب .

الصواريخ اليمنية لا تنام .. مثلما مقاتلي الجيش و اللجان الشعبية لا يتوقفون عن دحر و مهاجمة و نزال العدو .. بلا تعب و لا ارهاق او انهاك .. يجددون حيويتهم ميدانيا كل يوم على مدار الساعة .. يتضاعف نشاطهم مع كل انتصار يحرزونة في جبهات الشرف و مع كل هزيمة نكراء يجرعون المرتزفة و العملاء و الغزاة المحتلين مرارتها في كل مواجهة .

من معارك الحدود الشمالية الى الحرب في مناطق الجنوب و الشرق .. النصر اليمني هو المهيمن على المشهد .. التقدم متواصل في العمق السعودي بجيزان و نجران و عسير .. و في مأرب و تعز و الجوف و تعز و لحج و البيضاء الاعداء يتقهقرون باستمرار .. ما يدل على تفوق يمني واضح قياسا بعدم تكافؤ القوة بين جحافل تحالف العدوان بقيادة السعودية و امكانيات جيشنا البسيطة مقارنة بفارق التسليح و التمويل و الغطاء اللوجيستي للعدو الأرعن .. و هو ما يؤكد عظمة المقاتل اليمني و قدرته على تغيير شكل المنطقة و خوض حرب التحدي الى يوم القيامة جيلا بعد جيل دون يأس او استسلام بشهادة يتحدث عنها الواقع و يدل عليها تجاوز أكثر مراحل الحرج الصعبة بصمود عشرة اشهر قلبت المعادلة و حسمت القرار بخيار النصر مهما كلف من ثمن .. اذ كان للمراحل التمهيدية من خيارات الردع الاستراتيجية تأثيرها الايجابي الكبير في اعتماد الصبر و العقلانية و تغليب الحكمة و الحوار و الحل السياسي حتى أسقطت الحجة عن العدو و كشفت زيف مبرراته وذرائعه دونما تفريط بتقوية الاصطفاف الداخلي و تدعيم القومية اليمنية بين شرائح المجتمع .

حتى الأن .. المعلومات الاولية تتحدث عن خسائر باهضة في صفوف الاعداء المتمركزين في قاعدة العند .. يكشف حجم هذه الخسائر العدد الضخم من سيارات الاسعاف المتوافدة على القاعدة لانقاذ ما تبقى من قوات الاحتلال و نيران توشكا و روائح أدخنته تسيطر على كامل مساحة واحدة من اكبر القواعد العسكرية بالمنطقة .. كان العدو الغازي و المحتل قد دأب على تسخيرها لبلورة مؤامراته على بلادنا عقب تداعيات انسحاب القوات اليمنية من العند و ابقائها في مرمى الاستهداف الصاروخي و الهجمات المباغتة حسب الضرورات التي يفرضها مسار المعركة و سياقات الحرب .

توشكا يسحق قاعدة العند .. ليس مجرد حدث عابر للتحليلات و تداول الاعلام .. انه رسالة واضحة تعكس الارادة اليمنية في العودة الى تلك الجهة و تطهير اراضينا من براثن المحتل الخليجي و الامريكي ترجمة لتوجهات و توجيهات القيادة و التزامات القائد بوضع لمساته الخاصة على ملامح الخارطة الاقليمية .

خلال الايام الاخيرة و في اقل من اسبوع واحد .. تحققت حزمة لافتة من الانتصارات في البر و البحر و الجو .. سقط جبل الدود الاستراتيجي في جيزان و احكمت القبضة على الشرفة و نهوقة و الربوعة و الخوبة في نجران وعسير و منع العدو من دخول ميدي و حرض و دحره في الوازعية و كرش و في الجوف و مأرب و مكيراس و المخا .. بالامس و قبل امس .. اسقطت ثلاث طائرات بلا طيار معادية و احرقت ثلاثة زوارق بحرية للقوات الغازية و بلغ اعداد قتلى الاعداء عدة مئات و ارتال من الأليات و وقوع اسرى من جنود ال سعود و صرعى من جيش قطر و الامارات و السودان و قطر و الاردن و اختفاء البلاك ووتر و سحق قيادات المرتزقة و امراء داعش في عديد مناطق و جبهات و جهات .

وظيفة صواريخنا البالستية تحددت بتنكيساعلام دول العدوان و نشر عويل البكاء في عروش و قصور حكامها و سلاطينها .. وظيفة ما كانت لتحدث لولا ثقة الشعث الغبر المستضعفين المقاتلين دفاعا عن اليمن ارضا و شعبا بالله و ارتباطهم به عضويا و روحيا مع كل خطوة و كل خطة و كل ملحمة يسطرونها على ميادين القتال .. اقتحاما و هجوما .. تصديا للزحف و قنصا للمعتدين .. تكتيكا وراء المتارس و ثباتا على خطوط النار الامامية .. امتصاصا لقصف الطيران المعادي وردا مدفعيا مسدد الرمية .. كلما رفرف علم اليمن و خفق شعار الفخر في قمم مواقع الاعداء و حيثما كانوا يتمترسون .

انه توشكا .. السلاح العتيق الخارج عن الخدمة و المنسي منذ الحرب العالمية الثانية .. اثبت فعاليته بفضل الانسان اليمني الذي رد اليه اعتباره مذهلا صانعيه و مفاجئا خبراء العمدارس العسكرية بهذا النبوغ اللامتوقع في ظرف صعب و تعقيدات اصعب .. لكنه اليمن .. دولة و قائد .. ثورة و قضية .. مسيرة عز و بصمات شموخ .. نجاح متعاظم و روح وثابة تأبى الموت و ترفض الذلة و لا تعترف بالمستحيل .. لذا لا غرابة حين تجد المكانة اليمنية تفرض حضورها بتضحيات الشرفاء و دماء الشهداء و مواقف الرجال . توشكا يدك العند و الجديد سنصحو عليه صباح الغد !