النباء اليقين

لميادين متواضعة …. شامخة

حسان شعبان

قبل البدء بتأسيسها، أعلن رئيس مجلس الإدارة رؤية القناة و أهدافها و حدد مشروعها و بوصلتها، يومها تقدم آلاف الراغبين بالانضمام إليها على امتداد العالم العربي.

كان دافعهم الرئيسي إيمانهم بمشروع القناة و مبادئها، يجمعهم الحلم بوطن عربي موحد محصن ضد التقسيم و التشرذم.

كان خصوم الميادين حينها كما حلفاؤها يرفعون سقف المأمول منها عالياً و إن باختلاف غايات الخصم وتمنيات الحليف مما جعل التحدي مضاعفاً.

كان المنطق التنافسي الإداري يميل إلى عدم المغامرة بتوظيف شباب لم يختبر ساحة الإعلام بعد والاكتفاء فقط بمحترفين و اصحاب الخبرات لكن منطق المؤسسة المشروع والقضية انحاز إلى الشباب الخريجين الجدد ذوي الخبرات المحدودة ووجد بهم أملاً بمستقبل إعلامي نظيف، شبابٌ لم تؤطره مدارس الصحافة المعلبة والمشبوهة و لم تلوثه مناهج قنوات التحريض والتقسيم ولذلك فاقت نسبة هؤلاء الشباب في الميادين 60%.

بعد أشهر قليلة انطلقت القناة بالرغم من كل التحديات والعراقيل التي واجهتها سياسياً و أمنياً ناهيكم عن التكهنات والاشاعات حول آنية مشروعها و ضعف موازنتها بالاضافة إلى مضايقات ممنهجة مورست على صحافيي القناة عامةً. والحقيقة تقتضي الاعتراف بأنه آنذاك كانت الامكانات شحيحة والخبرة قليلة والأهداف متواضعة لكن الحلم كان كبيراً جداً.

ولدت الميادين راشدة دون أن تتنعم بطيش الصبا. فقدرها عند جمهورها حتم عليها الارتقاء إلى أعلى درجات المهنية و الموضوعية و لكن مشهد الواقع كما هو بتوقيت القدس قد أربك مخططات العابثين فتربصوا بها و دفع صحافيوها الثمن فمنهم الشهيد ومنهم الجريح و منهم المعتقل .

لم يكن هدف الميادين الركون في زوايا الفضاء و لا أن تحتل المراتب الأولى بين الفضائيات، و لم تنجر إلى التسويق لأفكار فريق هنا أو محور هناك بل كان هدفها الثابت تصويب المسار و توجيه البوصلة إلى ركنها السليم لتغطي الأحداث كما هي و ليس كما أُريد لها ان تكون و لذلك اتخذت من بيروت مقراً لها و انشأت مكاتب رئيسية في العالم العربي كفلسطين و سوريا و العراق و اليمن و مصر و تونس و الجزائر و موريتانيا الخ.

و لأن الحضور الإقليمي و الدولي مؤثر في عالمنا فانتشرت مكاتبها في روسيا و أميركا و إيران و أوروبا و توزع مراسلوها حول العالم.لا زالت الميادين متواضعة و لكنها شامخة، هناك أهداف قيد الانجاز و لكن ما تحقق كان مميزاً و مؤثراً.لا زال هناك من يحاول إخماد شعلة الميادين و لكن نورها المشع سيبقى متألقاً و لن تطفأ شعلتها مهما كاد الكائدون.