النباء اليقين

أزمة السعودية مع التحقيق الأممي بشأن العدوان على اليمن

الهدهد / متابعات

تواجه السعودية وكذلك الإمارات أزمة أممية ناجمة عن موقف المنظمات الحقوقية في الامم المتحدة من جرائم الحرب المرتكبة من قبل تحالف العدوان على اليمن، والتي بلغت في فظاعتها حداً لم يعد بالإمكان غض النظر عنها من قبل الأوساط في الأمم المتحدة، حيث صدرت عدة تقارير أممية تتهم بشكل واضح وصريح الرياض وأبوظبي والمرتزقة الممولين من قبلهما بارتكاب أعمال ترقى إلى جرائم الحرب.

فقد اتهمت بالأمس السبت 22 سبتمر/أيلول منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية، السعودية بالسعي لإلغاء تحقيق مدعوم من الأمم المتحدة في ارتكاب جرائم حرب في اليمن، منددة بـ” محاولة صارخة لتفادي التدقيق” في سلوك المملكة الخليجية الغنية في اليمن.

وكان مدير مؤسسة “هيومن رايتس ووتش” في جنيف “جون فيشر” قد قال في بيان له إن “حملة التحالف الذي تقوده السعودية لتشويه سمعة وتقويض تحقيقات الامم المتحدة في الانتهاكات التي ارتكبتها جميع الاطراف المتحاربة في اليمن هي محاولة صارخة أخرى لتجنب التدقيق في تصرفات التحالف في اليمن”.

تأتي هذه التصريحات من منظمة “هيومن رايتس ووتش” في الوقت الذي تحدثت فيه الأنباء عن تهديدات اقتصادية لوحت بها السعودية في وجه الدول التي تدعم قرارا للأمم المتحدة بفتح تحقيق دولي في الانتهاكات الحاصلة في اليمن، مما أدى إلى تمرير مشروع تحقيق بديل تقدمت به تونس نيابة عن الدول العربية، تشرف عليه لجنة متهمة بتلقي الأموال من السعودية.

وتعليقاً على عرقلة السعودية لمشروع قرار الأمم المتحدة الذي تقدمت به هولندا وكندا، الداعي إلى فتح تحقيق دولي، والذي أعلنت تأييدهخ أكثر من 62 منظمة حقوقية دولية ويمنية، قال مدير منظمة “هيومن رايت ووتش”: “لا يمكن لمجلس حقوق الإنسان أن يتحمل خذلان المدنيين اليمنيين. على دول (المجلس) أن تجدد تفويض (التحقيق) أو أن تجازف بمصداقية المجلس”، كما ندد فيشر في وقت سابق بالعراقيل السعودية قائلاً: “من المسيء أن تسعى السعودية إلى استخدام التهديد بعقوبات اقتصادية وسياسية ضد دول من أجل عدم دعم هذا النوع من التحقيق الدولي الذي قد يضع نهاية للانتهاكات”.

اللافت أنه في كل مناسبة، يرتفع فيها صوت من الأمم المتحدة تنديداً على الجرائم المرتكبة في اليمن، والقصف الذي ينفذه التحالف على المستشفيات والأسواق والمنازل والجنازات، والتي كان آخرها مجزرة ضحيان الأخيرة في محافظة صعدة، التي ذهب ضحيتها 51 طفل نتيجة غارة استهدفت الحافلة التي تقلهم إلى مدارسهم، كانت السعودية تسارع إلى الدفع باتجاه اجراءات فضفاضة أشبه إلى رفع العتب، من خلال تفويض اللجنة الحكومية اليمنية التي أمر بتشكيلها الرئيس المنتهية ولايته منصور هادي، مما يجعل النتيجة محسومة سلفاً لصالح السعودية التي تتنصل في كل مرة من مسؤوليتها عن الجرائم من خلال توصيفها بأنها “أضرار جانبية غير مقصودة” تسببت بها الإغارة على “هدف عسكري مشروع”، مُحمِّلةً الطرف اليمني المناوِئ لها المسؤولية.

وتواجه اللجنة اليمنية، اتهامات، حول تلقي أموالا سعودية، ما يجعل تقاريرها غير موثوقة، كما أوضحت المتحدثة باسم مكتب المندوب السامي لحقوق الإنسان “رافينا شامداساني” في تصريح لـ”نيويورك تايمز”، إن اللجنة الوطنية اليمنية لن تتمكن من أداء عملها بحياد، مشيرة إلى أن هذه اللجنة تلقت أموالاً من السعودية.

كما عملت السعودية مراراً على التلويح بالورقة الاقتصادية، سواء من خلال تهديد الدول التي تدعم القرارات الدولية المنددة بالعدوان على اليمن، أو التهديد بقطع التمويل عن المنظمات الأممية، كما حصل في خلال المرتين التي جرى فيها إدراج التحالف السعودي على القائمة السوداء لمنتهكي حقوق الأطفال، حيث ندد بان كيمون الأمين العام للأمم المتحدة في ذلك الوقت بالضغوط “غير المقبولة” التي مارستها السعودية بتهديدها سحب التمويل عن الأمم المتحدة في 2016.

 وتخشى السعودية من مغبة إعادة إحياء مشروع القرار الهولندي الكندي في الأمم المتحدة، والذي يقضي بتمديد عمل فريق الخبراء الأممي الذي قدم نهاية آب/أغسطس الماضي تقريراً اتهم فيه دول التحالف السعودي بارتكاب انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب، مما سيرتب على السعودية الكثير من التبعات سواء على الأمد القريب أو البعيد.

حيث من الممكن فيما إذا سار التحقيق في الاتجاه الصحيح بدون عرقلة من السعودية و أعونها، أن يفضي إلى فضح الجرائم السعودية، وتظهير صورتها بمظهرها الحقيقي أمام العالم، مما سيشكل عامل ضغط لوقف عدوانها على اليمن. أما على المدى البعيد فقد تؤدي التحقيقات إلى جر العديد من الشخصيات السعودية إلى محكمة العدل الدولية، وفرض عقوبات بل والمطالبة بتعويضات.

إن تفويض لجنة تحقيق وتقصي دولية ومحايدة، هي أقل ما يستقحه الشعب اليمني الذي من حقه أن ينال الإنصاف من المجتمع الدولي  بما يسهم في وقف الانتهاكات والجرائم بحقه، بعد سنوات عجاف من الظلم الذي لحق به من السعودية وأعوانها.

المصدر: الوقت