النباء اليقين

الاكتئاب في مرحلة الشيخوخة وجذوره في مرحلة الطفولة

يمکن البحث عن أسباب حدوث الاكتئاب عند البالغين في مرحلة الطفولة والمراهقة التي مرّوا بها ولهذا فلقد أجرى الباحثون عدة اختبارات على العديد من المراهقين، أظهرت نتائج أبحاثهم تلك بأن المراهقين الذين شعروا بالاكتئاب خلال الفترة السابقة، يمكن معالجتهم والرفع من معنوياتهم لكي تصبح حياتهم المستقبلية أكثر سعادة وذلك عن طريق عقد عددِ من البرامج التدريبية لهم بشكل منتظم ويمكن القضاء على الاكتئاب عند المراهقين والشباب عن طريق تعليمهم في مرحلة الطفولة بعضاً من مهارات التفكير وحل المشكلات وهنا تؤكد العديد من التقارير البحثية بأن أسباب ظهور الاكتئاب في سنّ الشيخوخة تختلف لدى كل شخص ويمكن أن تنشأ من تغيير في نمط حياتهم.

ولقد أثبتت العديد من الدراسات بأن طلاب اليوم هم أكثر عرضة للخطر من أي جيل سابق ويعاني ما يصل إلى 9٪ من الأطفال حتى سن 14 عاماً من الاكتئاب و20٪ منهم سوف يعانون من اكتئاب كبير قبل تخرجهم من مدارسهم الثانوية، بطبيعة الحال، فإن معظم المراهقين يشعرون بالتعاسة في بعض الأحيان وخاصة عند إضافة هرمون للتغيرات الأخرى الكثيرة التي تحدث في حياتهم كمراهقين ولهذا فإنه من السهل أن نرى لماذا حالتهم المزاجية تتأرجح وفي سن المراهقة قد تستمر أعراض الاكتئاب لأكثر من أسبوعين ما يتطلب استشارة الطبيب وطلب المساعدة ونظراً لشعور أولئك الاشخاص بمرارة الاكتئاب خلال مرحلة طفولتهم ومراهقتهم، فإن هؤلاء الشباب هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب في سن الشيخوخة.

هناك مجموعة متنوعة من الأساليب المستخدمة لعلاج الاكتئاب، بما في ذلك الأدوية والعلاج النفسي وفي سن المراهقة يحتاج الشخص المصاب بالاكتئاب أيضاً للدعم من الأسرة أو المدرسين للمساعدة في مشكلات المدرسة وفي بعض الأحيان يتم الاستشفاء في وحدة الأمراض النفسية لمن يعانون من الاكتئاب الشديد وتركز معظم الأبحاث النفسية على علاج الاكتئاب بعد أن تبدأ علائمه بالظهور عند المصابين، لكن علماء النفس مثل “جين جيلهام” و”ليزا جاك” و”مارتن سيليجمان” يحاولون منع حدوثه قبل بدء ظهور علائمه عند الاشخاص ولهذا فلقد قاموا بإنشاء “مدرسة قائمة على البرامج”، لتعليم الشباب كيفية التفاؤل عند تفكيرهم بقضاياهم الشخصية، وبالتالي فإن مثل هذه البرامج سوف تحميهم من الإصابة بالاكتئاب.

وتركز هذه المدرسة على وجه الخصوص، على تعليم الأطفال كيف يكتشفون المعتقدات السلبية التي تدور في أذهانهم حول أنفسهم والآخرين والعالم، ثم يتم تعليمهم كيفية استبدال هذه المعتقدات السلبية بمعتقدات أكثر إيجابية، كما أن الأطفال يتعلمون أيضاً في هذه المدرسة، ضرورة التفكير في الإخفاقات والفشل ورؤيتهما بأنهما أشياء مؤقتة قد تزول وتختفي بعد مرور فترة زمنية قصيرة، بدلاً من اعتبارهما أشياء دائمة يجب التعايش معهما ويتم تعليمهم أيضاً بأن الفشل والإخفاق لم يأتيا إلا نتيجة لوجود عيوب ونواقص في شخصياتهم السلوكية وللأوضاع والحالة التي يعيشون فيها.

وعلى سبيل المثال، يتم تعليم الأطفال أن الدرجات الدراسية المنخفضة والقليلة لا تعني بأنهم أغبياء ولا يفهمون وإنما تلك الدرجات تعني بأنه يجب عليهم المذاكرة أكثر لكسب درجات دراسية مرتفعة في اختباراتهم المقبلة ومن أجل إجراء اختبار على هذه البرامج ومعرفة ما إذا كانت أنماط التفكير هذه تحمي الأطفال حقاً من الاكتئاب أم لا، فلقد قام “جلهام” وزملاؤه بتحديد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الـ “5 و 6″، والذين أظهرت درجاتهم في استبيان فحص الاكتئاب، بأنهم معرضون أكثر من غيرهم لخطر الإصابة بالاكتئاب ومن ثم التقى الباحثون بنصف هؤلاء الطلاب في مجموعات صغيرة لتعليمهم مهارات جديدة ولقد اجتمعت هذه المجموعات الصغيرة بباحثين لمدة تصل إلى 12 أسبوعاً كل أسبوع لمدة 90 دقيقة والنصف الآخر من هؤلاء الطلاب لم يلتقِ بهم الباحثون وفي خلال تلك الاجتماعات، ركز طلاب الفئة الأولى على المشكلات الثنائية التي تعرّض لها الأطفال الذين يعانون من الاكتئاب ولحلّ مثل هذه المشكلات قام الطلاب بعمل كشف يحتوي على جميع مشكلاتهم ومن ثم قاموا بتقييم الحلول لتتناسب مع أهدافهم الأخرى ولقد استخدم الطلاب برامج وتقنيات تعلموا عليها لمواجهة الخلافات التي حصلت بين والديهم ولتعزيز ثقتهم بأنفسهم.

وبعد ستة أشهر من التدريب، كان الأطفال الذين تعلموا أساليب جديدة يعانون من أعراض أقل من الاكتئاب ولديهم سلوكيات مدرسية أفضل من أولئك الطلاب الذين لم يتم تدريبهم وبعد عامين من إجراء هذه الدراسة الأولية، كان نصف هؤلاء الأطفال فقط في هذه المجموعة المدربة، يعانون من أعراض اكتئاب متوسطة إلى شديدة نسبة لطلاب المجموعة الأخرى غير المدربة.