النباء اليقين

الشهيد الرئيس صالح الصماد: داعية السلام والحوار والتسامح

الهدهد / مقالات

بقلم | أمين النهمي

الشهيد الرئيس صالح علي الصماد، شخصية كارزمية احتوت كل خصال ومعاني الإنسانية، والوطنية، والحوار، والتسامح، والسلام، والشجاعة، والإباء، والعزة، والتواضع والأخلاق، والجهاد، والعلم، والصمود، وغير ذلك من الصفات العظيمة، التي يندر أن تجدها في شخص آخر، فقد كان – سلام الله عليه- رجلا قرآنيا واعيا؛ يتحرك بحركة القرآن، مدركا لأبعاده وتوجيهاته، ومجاهدا ضرغاما، وسياسيا محنكا، وكان رجل المستقبل، ورجل الدولة الواعي والباني بمعنى الكلمة، يقف من الجميع على مسافة واحدة، ويمثل شوكة الميزان بين جميع الأحزاب و القوى السياسية المناهضة للعدوان، وخلال فترة قصيرة حاز على كسب ود اليمنيين؛ ورأوا فيه مشروع المستقبل لبناء يمن العزة والكرامة… يمن جديد مستقل القرار والسيادة، والاستقرار، والتقدم والازدهار .

 

الشهيد الرئيس صالح الصماد، كان أبرز المهندسين للحوار بين الأنصار والمؤتمر، الذي تمخض عنه تشكيل المجلس السياسي الأعلى؛ وتشكيل حكومة الإنقاذ، وحصل على إجماع شعبي لقيادة البلاد،ومنذ توليه رئاسة البلاد، عمل الرئيس الصماد على توحيد صفوف اليمنيين لمواجهة العدوان، واتسم أبا الفضل بالحوار والمنطق، والسلام والتعايش، وسعى دائما إلى الوفاق في كل قضايا الخلاف، وتضميد الجراح، وبناء الدولة، والمصالحة الوطنية، وعرفه الشعب  بنزاهته، وصراحته، وشفافيته المطلقة، وتركيزه على استئصال جذور الفساد، واصلاح وتفعيل مؤسسات الدولة، يخاطب الجميع قائلا: “لايوجد بفضل الله سبحانه ما نختلف عليه، صالح الصماد لو يستشهد غدا ما مع جهاله وين يرقدوا إلا يرجعوا مسقط رأسهم، وهذه نعمة كبيرة بفضل الله سبحانه وتعالى”، فكان المنصب عند الشهيد الرئيس صالح الصماد، لايساوي شيئا؛ ولم يرى في المنصب مغنما لجمع المال والأراضي، وتعيين ذوى القربى في الوزارات…وووالخ، لم يزده هذا المنصب إلا تحملا أكبر للمسؤولية، واستشعارا ويقينا، وإيمانا وقربا من الله، ولعل عبارته الخالدة التي قالها أثناء زيارته لأحدى الجبهات “مسح الغبار من نعال المجاهدين أشرف من مناصب الدنيا”، وهذا يذكرنا بما قاله الإمام علي “عليه السلام” (إن خلافتكم هذه لا تساوي عندي شراك نعلي هذا إلا أن أقيم حقا أو أميت باطلا).

 

الرئيس الصماد كانت مواجهة العدوان، وبناء الدولة اليمنية الحديثة؛ تتصدر أولويات اهتماماته، ويتجلى ذلك في خطابه التاريخي في الذكرى الثالثة للصمود في وجه العدوان بميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، عندما أطلق مشروع بناء الدولة (يد تحمي… ويد تبني)، وسعى بكل الإمكانيات المتاحة لتحقيق ذلك.

 

في اجتماعاته الموسعة مع قيادات الدولة ومحافظي المحافظات، يلامس فخامة الشهيد الرئيس صالح الصماد كثيرا من النقاط الهامة والمفصلية بكل صدق وشفافية، نحو تأسيس نواة مستقبلية عنوانها بناء اليمن الجديد، يمن حرٌ ومستقل، وذلك من خلال دعواته الصادقة والمسؤولة إلى تفعيل المؤسسة العسكرية، وإعادة الاعتبار لها للقيام بدورها المناط؛ واستدعاء أفراد وضباط القوات المسلحة، و الاستمرار في التحشيد ودعم الجبهات و استيعاب المجندين الجدد عبر وزارة الدفاع وتسهيل اجراءتهم.

 

ولعل المتابع لخطابات الرئيس الصماد، واجتماعاته، يجد توجيهاته المستمرة؛ لحكومة الإنقاذ ومحافظي المحافظات للاضطلاع بدورهم المسؤول؛ والقرب من المواطنين وتقديم المتاح والممكن من الخدمات والمرتبات ليلمسوا رعايتهم.

 

وفيما يتعلق بالعدوان السعودي الأمريكي، واستمرار الحرب على اليمن، يقدم الرئيس الصماد المبادرات المنصفة والعادلة، وعلى قوى العدوان أن تختار مايناسبها “دعوات للسلام المشرف… السلام الذي يحفظ لليمن سيادته وكرامته واستقلاله …. وإما الاستمرار في العدوان والحرب، “اوقفوا غاراتكم نوقف صواريخنا”.

 

وقبل أحداث فتنة ديسمبر؛ بذل الشهيد الرئيس الصماد جهودا كبيرة لاحتواء الموقف؛ وتفويت الفرصة التي يسعى العدوان إلى تحقيقها، من خلال إشعال الفتنة في العاصمة صنعاء؛ وبقية المحافظات التي تقع تحت سيطرة الجيش واللجان الشعبية، وبعد أن تم إخماد الفتنة، وإفشال مخططها، أصدر فخامة الرئيس الصماد قرارا بالعفو عن المشاركين في الفتنة، وتوج ذلك القرار بإجراءات تنفيذية؛ للإفراج عن المغرر بهم في العاصمة صنعاء وعمران وحجة والمحويت وذمار، وعمل الرئيس الصماد على تطبيع الأوضاع، وإعادة الحياة السياسية والشراكة الوطنية على ما كانت عليه، دون إقصاء أو تهميش لأحد، وعزز  بهذا القرار العظيم، تماسك وصلابة الجبهة الداخلية، واللحمة الوطنية، وأكد ذلك بالقول: ”صحيح أن الأحداث تركت جراحاً عميقة لكننا أمام وضع صعب جدا واستثنائي، يجب تجاوزه جراء استمرار العدوان والحصار الذي طال كل مقومات الحياة ولم يستثن من الإبادة والتدمير منطقة ولا مواطناً، فضلا عن أن فضيلة التصالح والتسامح سمة إسلامية جليلة حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف دين الإخاء والمحبة الذي آخى بين المهاجرين والأنصار “.

وختاماً فإن الحديث عن الشهيد الرئيس صالح الصماد لن ينضب؛ ومع ذلك أهمس في أذن الجهات ذات العلاقة بطبع وتبني خطابات الشهيد الرئيس وتحركاته، ومواصلة المشروع الذي أرساه، وعمده بدمائه الزكية الطاهرة، لتبقى مشعلا، ووقودا، وألقا، وصمودا لشعب الصماد ومحبيه؛ والأجيال القادمة.