النباء اليقين

مغامرات «ترامب» ومقامرات «بن سلمان» في 2017

إذا كان العام 2016 قد اتسم بمفاجأة كبرى هي انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، فإن 2017 تميز بمفاعيل سياسات سيد البيت الأبيض على أصعدة محلية وعالمية. وبقدر ما عبّر انتخابه عن انشقاق عميق في أخلاقيات المجتمع الأمريكي بين الاعتدال والتعصب، والمساواة والتمييز، والانفتاح والانغلاق، يبدو لافتاً أن شعبيته هي الأدنى لأيّ رئيس أمريكي حديث، في ختام العام الأول لولايته.

داخلياً سارع ترامب إلى تنفيذ وعوده بصدد إجراءات الهجرة وتأشيرات الدخول، فاتخذ سلسلة قرارات تحظر دخول الولايات المتحدة على رعايا سبع دول شرق أوسطية وإسلامية، فأثارت القرارات مشكلات قانونية معقدة وجرى تعطيلها مراراً أمام المحاكم الفدرالية، كما صبت الزيت على نيران كانت منظمات أمريكية عنصرية قد شرعت في إشعالها أصلاً منذ ساعة انتخاب الرئيس الجديد.

دولياً، اختار ترامب أن تكون المملكة العربية السعودية هي أول رحلة خارجية له، فعقد ثلاث قمم في الرياض، مع المملكة ومجلس التعاون ودول عربية وإسلامية. وبدل أن يدشن عهده بخطوات بناءة في العلاقة مع المنطقة، أعطى الانطباع بأن جباية الأموال لقاء عقود الأسلحة هي أبرز أهدافه، كما أوحى بأنه يشجع تعميق الشقاق وتطوير الخلافات بين دول المنطقة.

ولم تتأخر نتائج هذه السياسة فتجلت في الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر، براً وبحراً وجواً، في غمرة تغريدات من ترامب عكست تضارباً في المواقف.

والأرجح أن ذلك المناخ العربي البائس دفع الرئيس الأمريكي إلى الاستهتار المسبق بردود الأفعال العربية الرسمية، وسهّل عليه اتخاذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.

2017 كان أيضاً عام ترقية محمد بن سلمان إلى مصاف ولاية العهد رسمياً، والملك الحاكم فعلياً، وتلفيق أجواء “إصلاحية” مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة أو افتتاح دور سينما، وترسيخ تقليد عجيب عماده اعتقال الأمراء في سجون/ فنادق خمس نجوم، ومقايضة الإفراج عنهم بمليارات الدولارات.

هذه المغامرات، الأقرب إلى المقامرات، لم تغب عنها انتكاسات إقليمية مثل انقلاب السحر على الساحر في مقتل علي عبد الله صالح، أو وصول الحصار على قطر إلى مآل مسدود.

وفي 2017 وقف العالم متفرجاً أمام مأساة مئات الآلاف من أبناء أقلية الروهينغيا المسلمة في ميانمار، الذين تعرضوا لأعمال تنكيل ومجازر وتهجير قسري على يد الجيش البورمي. ورغم أن الأمم المتحدة صنفت هذه الممارسات في باب “التطهير العرقي” الصريح، فإن المجتمع الدولي ظل عاجزاً عن اتخاذ أية مبادرة تدخل فعالة.

عام تجاذبته، إذن، مغامرات ترامب دولياً، ومقامرات بن سلمان سعودياً، وانحسار تنظيم داعش ولكن دون اندثاره عربياً.

* القدس العربي