النباء اليقين

سيناريو الحرب القادمة

بقلم الشيخ عبدالمنان السُنبلي 

 

بالنسبة لإسرائيل ليست إيران في الحقيقة هي من يؤرقها ويهدد أمنها حتى لو أصبحت تمتلك السلاح النووي، فتوازن الردع بينهما وكذلك البعد المكاني بينهما يفرض على كلٍ منهما خيار عدم الإعتداء على الآخر ! ما يؤرق إسرائيل فعلاً هي صواريخ حزب الله التي تنتشر وتتمركز على مسافة تترواح ما بين صفر كيلومتر إلى حوالي خمسين كيلو متر تقريباً الأمر الذي يجعل من تفوق إسرائيل العسكري النوعي يبدو كما لو أنه محدودٌ وعاجزٌ عن استخدام أي خياراتٍ عسكرية واسعة تمكنه من حسم المعركة مع حزب الله على غرار ما فعلته في حرب الأيام الستة، فالطرفان في الحقيقة يتخندقان في رقعة أو دائرة جغرافية ضيقة لا يتجاوز نصف قطرها مائة كيلو متر تقريباً، فالجيش الذي استطاع خلال ستة أيام فقط أن يجتاح أراضي وجيوش أربع دول عربية في 67 قد وقف عاجزاً من أن يفعل شيئاً أمام حزب الله في حرب تموز 2006 بفعل ضيق دائرة ساحة المعركة ولهذا فقد أدركت إسرائيل جلياً استحالة التخلص وإزالة هذا الخطر الذي يهدد أمنها بصورة مباشرة في الجوار، وبالتالي فقد كان عليها أن تبحث عن طريقةٍ ما لدرء هذا الخطر، فوجدت أن أحسن طريقة هي تحويل إتجاهات صواريخ حزب الله بعيداً في أي إتجاهٍ آخر غير إسرائيل وهكذا بدأت إسرائيل ومعها أمريكا في البحث عن طريقةٍ ما لصرف انتباه وإتجاه صواريخ حزب الله بعيداً عن إسرائيل حيث وجدا أنه لا يمكن لهما فعل ذلك إلا عن طريق إستنساخ عدوٍ آخر او بالأحرى إسرائيل أخرى تناصبه العداء ويكون لها الرغبة الكامنة في اجتثاثه واستئصاله بصورة أشد من إسرائيل نفسها وفعلاً وجدوا ذلك النموذج بسهولة ووقع اختيارهم على السعودية للقيام بهذا الدور الخطير والمشبوه ومواجهة حزب الله من خلال سيناريو تم رسمه وكتابته بإحكام !

 

فما هو هذا السيناريو يا ترى الذي ستتخلص إسرائيل من خلاله من خطر وتهديد حزب الله ؟! في الحقيقة لو نعود بالتاريخ قليلاً إلى الوراء لوجدنا ان الأمريكان وعقب الثورة الإسلامية في إيران قد استطاعوا خلق حالة من العداء الغير مبرر بين السعودية وإيران والذي تطور كثيراً بفعل التعبئة الأمريكية المستمرة للنظام السعودي ضد إيران إلى أن وصل اليوم إلى شفير المواجهة المباشرة . ولأن الأمريكيين والإسرائيليين يعون جيداً أن السعودية تجبن عن مواجهة إيران بمفردها فقد أوهموها بأنهم لن يتخلوا عنها في حالة اندلاع هذه المواجهة وهذا ما أعلنه الإسرائيليون اكثر من مرة وقالوا أنهم يتحالفون مع السعودية لمواجهة إيران وأنهم بصدد توجيه ضربة لإيران معاً .

 

مع إنجاز إيران للإتفاق النووي مع الدول الغربية نلاحظ أن تلك الأصوات الداعية لتوجية ضربة لإيران قد خفتت مؤقتا لتعود من جديد مع ظهور دعوات للرئيس الأمريكي ترامب بضرورة التراجع عن ذلك الإتفاق فهل ستواجه السعودية ومعها أمريكا وإسرائيل فعلاً إيران أم أن الهدف هو دفع السعودية لمواجهة حزب الله فقط ؟! في الحقيقة لا أعتقد أن هنالك نية حقيقية لدى الأمريكيين والإسرائيلين للتراجع عن الإتفاق النووي مع إيران وبالتالي الدخول معها في مواجهة عسكرية على الأقل على المدى المنظور وأن كل التهديدات والتلويحات بالتحرك العسكري من جانبهم ما هي إلا فقاعات استعراضية الغرض منها دفع السعودية للمواجهة مع حزب الله ، كيف .. ؟!

 

لقد استطاع الأمريكيون أن يقنعوا السعوديين من أنهم لا يستطيعون الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران في وجود حزب الله وذلك خوفا على إسرائيل أن تُقصف بصواريخ حزب الله ولأنها إسرائيل أيضاً لا تستطيع مواجهة حزب الله للأسباب سالفة الذكر المتعلقة بالقرب المكاني فإن على السعودية وقبل الحديث عن توجيه ضربة لإيران أن تحشد نفسها ومن معها من العرب ومن وراءهم أمريكا وإسرائيل بالطبع وتتولى مهمة التخلص من حزب الله، وهذا بالتأكيد ما بدأت تلوح مؤشراته في الأفق اليوم، فهل ستستطيع السعودية فعلاً التخلص أو القضاء على حزب الله ؟! في الحقيقة أمريكا وإسرائيل تدركان أن السعودية لن تستطيع حسم المعركة مع حزب الله وبالتالي فقد أوقعتاها في الفخ واستطاعتا جرها إلى حرب استنزافية طويلة مع حزب الله وهنا يتحقق لأمريكا وإسرائيل ما أرادتا في حرف إتجاه صواريخ حزب الله بعيداً عن إسرائيل ! لكن يبقى السؤال هنا : ماذا لو أن حزب الله رد على استهداف السعودية له بقصف إسرائيل ؟! حتماً ستُخلط الأوراق وربما ينقلب السحر على الساحر ! أما إيران فلن يوجهها الأمريكيون ولا الإسرائيليون ولا هم يحزنون، والأيام بيننا .