النباء اليقين

الصرخة ومشوار الرعب الأمريكي

الهدهدنت/مقالات 

بقلم /علي جاحز

التحرك الامريكي والاسرائيلي في المنطقة منذ عام 20011م ، بدأ يسلك منحى جديدا وخطيرا يتكيء على تحركه في حرب الخليج عام 1990م ويختلف جذريا عن اي تحرك سابق ، سواء من حيث الهدف او من حيث الاسلوب والأدوات والوسائط السياسية والعسكرية ، وذلك اتضح جليا في احداث 11 سبتمبر وما تلاها من تحركات على راسها احتلال العراق وافغانستان ومن ثم اخضاع القرار في المنطقة للإرادة الامريكية وللمصلحة الاسرائيلية .

امام هذه التطورات والمتغيرات المتسارعة والخطيرة التي عصفت بالمنطقة العربية والاسلامية ، انتقل الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي بالمشروع القرآني الى مرحلة التحرك العملي ، وكانت الصرخة شعارا لذلك التحرك على راس منطلقاته وثوابته .

الصرخة التي انطلقت من جبال مران وصلت سريعا الى كثير من المناطق اليمنية وتحديدا الى صنعاء التي بدأت تحتضن التحرك في صورة صرخة يطلقها شباب في الجامع الكبير وجامع بدر وغيرها ، وكان متوقعا ان يواجه هذا التحرك من قبل النظام الحاكم حينها والذي كان من البديهي انه كغيره من الانظمة العربية قد صار مرتهنا للقرار الامريكي ويدور في فلك مشروعها الكبير في المنطقة .

لانزال نتذكر كيف كانت الاجهزة الامنية حينها تلقي القبض على كل من يطلق الصرخة ومن يلصقها على ( العسيب ) ، وكان لافتا ان من سموا حينها ( المكبرين ) كانوا يمتلكون الوعي الكامل بان امريكا هي من تواجه تحركهم وان الاجهزة الامنية التي تقبض عليهم لم تكن سوى ادوات ، ولذلك كانوا ينظرون الى اعتقالهم وتعذيبهم جزء من معركتهم مع امريكا التي ينطلقون اصلا في مشروعهم من العداء لها ومن وعي بخطورة مشاريعها وتحركها .

لم يتوقف التحرك المضاد لتحرك المشروع القرآني عند اعتقال الشباب في صنعاء ، فشنت الحرب الاولى في عام 2004م ، وبضوء اخضر امريكي بل بالاصح بتوجيه امريكي ، بعد زيارة الرئيس السابق الى واشنطن مباشرة ، وشاعت قصة ان الرئيس الامريكي جورج بوش الابن يومها اثناء لقائه بالرئيس صالح عرض عليه صورة لشباب على ( عسوبهم ) شعار الصرخة وسأله : ما هذا ؟ ، فكانت هذه بمثابة توجيه لاعلان الحرب على الصرخة والمشروع القرآني .

الحروب الست التي شنت على انصارالله والمشروع القرآني لاكثر من ست سنوات ، كانت انعكاسا للرعب الامريكي الاسرائيلي من هذا الشعار ومن هذا التحرك الذي يجري تحت هذه العبارات المدروسة والمختارة بعناية ، فالعقل الامريكي يعي ويفهم مدى فاعلية ترديد الشعار وتأثيره في استنهاض العداء لامريكا واسرائيل داخل الوعي المجتمعي ، وهي نظريات معروفة مثل قانون الجذب تؤكد ان تكرار الالحاح على تكريس فكرة او طموح او غاية سرعان ما تشكل انجذاب واسع وعريض نحوها ومن ثم تتحقق .

ما حدث بعد فشل الحروب الست وخلالها جسد اوضح الشواهد على نجاح الصرخة والمشروع القرآني ، وهو مصداق لقوله تعالى ( فقاتلوا اولياء الشيطان ان كيد الشيطان كان ضعيفا ) لم يضع في سياق التوجيه سوى متغيرين في معادلة المعركة هما قوة حملة المشروع الذي يواجه اولياء الشيطان ، وكيد الشيطان الضعيف، ومن هذا المنطلق وهو كاف ، انتصرت الصرخة والمشروع القرآني امام قوات النظام المدعومة دوليا واقليميا ، برغم فارق مهول في ميزان القوة المادية .

ولعل من نافلة القول ان خشية امريكا واسرائيل من فاعلية الصرخة في مهدها وهي لاتزال صوت مجلجل في حلقات محاضرات الشهيد القائد و ملصقة على ( عسيب ) شاب في الجامع الكبير، ثم مواجهتها بالاعتقالات والترهيب ثم بالحروب ، لم تستطع تبديدها ولم تتق تداعياتها ، ولذلك لاتزال الى اليوم ترى فيها وفي المشروع القرآني خطرا كبيرا عليها وعلى مشروعها في المنطقة ، وهذا العدوان والحصار وكل هذا الصلف والاصرار على الاستمرار برغم الخسائر العسكرية والسياسية والاخلاقية والانسانية التي تخسرها امريكا ونظامها العالمي وتحالفها الاقليمي والدولي ، يأتي في سياق محاولات فاشلة لاتقاء خطر الصرخة ومشروع التحرر والثورة الذي تمثله المسيرة القرآنية وابعاده الاممية .