النباء اليقين

طفل الرياض المدلل سيختفي.. مسلحو الغوطة والنفس الأخير

لم تعد الدماغ البدوية قادرة على العمل في أكثر من اتجاه، الأمر الذي سيؤثر فيما بعد على الاستراتيجية السعودية المتبعة في أكثر من ملف وعلى رأسها الملف السوري.

هناك اليمن والإحراج المتزايد الذي تسببه المقاومة الحوثية لملك بني سعود العضوض، وهناك الأزمة مع قطر شقيق الأمس وعدو اليوم، فضلاً عن انتصار الموصل في العراق ومخاوف الرياض من مد وطني عابر للمذاهب هناك، يُضاف إلى ذلك استعداد إيران للمساعدة في إعادة إعمار الموصل بعد تحريرها، وهو أشبه بوضع الملح على الجرح بالنسبة للسعودي الذي ما توقف عن ترداد أسطوانة الخطر الإيراني، فكيف الآن إذاً بعد نصر العراق على “داعش”؟.

في سورية هناك تقدم للجيش في كل من الرقة وريف حلب الشرقي وحماة وريف دمشق، وحديث عن هدنة جنوب البلاد عارضها الكيان الصهيوني خوفاً من تمركز إيراني على الحدود، عزيمة روسية متزايدة لتثبيت المكاسب الاستراتيجية على الساحة الدولية من البوابة الدمشقية، فيما الأتراك مشغولون ما بين خطر المقاتلين الأكراد المدعومين أمريكياً وبين الاستحقاقات الداخلية وموضوع عضوية الاتحاد الأوروبي الذي هدد أنقرة بإغلاق باب الانضمام إليه نهائياً في حال عمد أردوغان إلى إعادة عقوبة الإعدام بالتزامن مع حركة الإقالات القسرية لموظفين وضباط وصل عددهم إلى 7200 شخصاً بتهمة الضلوع بالانقلاب الفاشل.

كل هذا المناخ السياسي في المنطقة جعل الميليشيات المقاتلة على الساحة السورية والمدعومة تركياً وخليجياً تتحسس رأسها، ومن ضمنها الفتى المدلل للرياض ميليشيا جيش الإسلام في الغوطة الشرقية، وهنا لا بد من الإشارة إلى احتمالية أن تكون  قطر المحاصرة والتي كانت من أبرز الدول الممولة للإرهاب في سورية، قد خففت من سياستها التمويلية للعصابات الإرهابية وهو ما زاد من مخاوف بعض تلك العصابات.

بالعودة لميليشيا جيش الإسلام فإن إعلان قبولها الاندماج فيما أسمته “جيش سوري وطني موحد”، بناء على مبادرة المجلس العسكري بدمشق وريفها، يعني أن هناك أمراً عملياتياً إقليمياً بل وأمريكي في تجميع كل الشراذم الإرهابية في الغوطة من أجل الرهان عليها مستقبلاً بعد أن تشكل كيان موحد ومنظم، من أجل عمليات التفاوض السياسي المقبلة، بالتالي فإن حل جيش الإسلام لنفسه سيعني تغييراً في خارطة الجماعات الإرهابية، قد ينسحب جيش الإسلام الآن بالتزامن مع معلومات تتحدث عن مصالحات في حرستا ومطالبات داخل دوما باتفاق مع الدولة، لكن الأكيد هو أن جيش الإسلام لن يسلم رأسه على طبق من ذهب لأي من خصومه سواءً الدولة السورية أو باقي الميليشيات المنافسة له، لذلك اختار الانضواء تحت ما أسموه بجيش موحد مع باقي الميليشيات من أجل حماية نفسه، والتوقعات إلى الآن تقول بأن الجيش العربي السوري مستمر في عملياته وتقدمه بالغوطة وإن ظل المشهد كذلك فإن حلم ذلك الجيش الموحد سيكون مجرد فقاعة، خصوصاً بعد تشديد الطوق على جوبر وبعد تحرير كل من برزة والقابون ، وهو ما يجعل مسلحي الغوطة أشبه بمريض محتضر سيلفظ نفسه الأخير.

حتى تقوم الجماعات الإرهابية في الغوطة بإعادة ترتيب أوراقها وتنظيم عملها بناءً على أجندة إقليمية وغربية فإن الماكينة العسكرية للجيش العربي السوري ستستمر في طحن عظام الإرهاب في كل مكان ولا سيما في الغوطة لتأمين ريف دمشق بالكامل بحيث يكون نصراً مزلزلاً يفوق تحرير مدينة حلب من الناحية الاستراتيجية والمعنوية وسيغير كثيراً من المشهد السوري الحالي.

علي مخلوف / شام تايمز