النباء اليقين

العيد بنكهة الجبهات ( 1 ) نماذج مشرقة


كتبها / حمير العزكي

في رحلتي الأولى واليتيمة الى معاريج السمو ومرافئ الإباء و سبل النجاة ، الى منابع الصمود ومصانع الرجال ومواقع الأسود ومزارع النصر المبذورة بالفداء والمروية بالدماء والمثمرة بأمجاد اصلها ثابت وفرعها في السماء ، الى قبلة البذل التضحيات وأقدس واطهر الساحات ، الى جبهات العزة والكرامة حيث ينطق الشموخ من أفواه البنادق بلسان الهاونات و بنبرة المدافع المزمجرة ، وحيث لاقيمة لفارق السنوات والاعمار بل القيمة لما تحمله القلوب والعقول من الايمان والافكار ، ولا مكان للخوف والارجاف ، والحق واضح لا لبس فيه ولا خلاف .

وصلنا مساءا .. فاستقبلنا شباب كالملائكة في صورهم ووقارهم وسكينتهم واحتفائهم بنا واحتواء قلوبهم لنا ، بالغوا في اكرامنا بالقدر الذي بلغوه من مكارم الأخلاق ، أتيناهم معايدين فاستبقونا بالتهاني وجئناهم مؤنسين فبتنا في ضيافتهم مستأنسين ، بعفوية صادقة لا تصنع فيها ولا تكلف جعلوا الاحراج فراشنا والخجل منهم غطاءنا .

تحركنا في اليوم التالي الى عرائن الليوث ومكامن الأبطال المرابطين ومواقع وأرتاب المجاهدين المؤمنين ، كلنا شوق ولهفة لتقر أعيننا برؤية أولياء الله الذين طالما قرأنا عنهم الآيات المحكمات وسمعنا فيهم المواعظ البالغات من الاعلام الهداة وتشعبت أخيلتنا في تصويرهم وحارت وقد اجتهدت كلماتنا في وصفهم .

التقينا بهم وان قلت تشرفنا بلقائهم فقد جانبت الانصاف فلاشرف الا شرفهم وشرف جهادهم ، وحين صافحناهم شعرنا بجينات الكرامة التي تجري في دمائهم ، وحين عانقناهم تعرفنا على هرمونات الشموخ التي تنبعث و تتدفق في أجسادهم ، وحين تكلموا توقف بنا الزمن وخرست الالسن قبل الاقلام ونضب الكلام.



استمعنا الى رسائلهم الصادقة التي حملتها كلماتهم القوية البسيطة ولهجاتهم الخالية من التنميق والتلفيق ، رسائل بالستية لو عقلها العدو لما غامر ولو فهمها العميل لما تآمر ولو استوعبها المتربص لما خاطر ، فإيمانهم الصادق بالله لايزول و إن زالت الكواكب والافلاك ، ثقتهم المطلقة بالله لاتهتز ولو اهتزت الارضين ، ويقينهم الحق بنصر الله وتأييده لايتزحزح وان تزحزحت الجبال التي انحنت اجلالا واكراما لطهر اقدامهم .

لم نسمع منهم حرفا واحدا متذمرا او شاكيا ، كل حروفهم رضا وكل كلماتهم طمأنينة وكل كلماتهم حمد وشكر وثناء وتسبيح ، وكلما حاولنا ان نسمعهم كلمات تشعرهم بأهمية دورهم وعظمة عطائهم جعلونا نستشعر مسؤوليتنا وأهمية الدور المناط بنا ، وكلما اجتهدنا في الحديث لرفع معنوياتهم اوقفتنا معنوياتهم البالغة من العلو مالايوصف ، وكلما انتوينا ان نقول لهم مايشد من عزائمهم ألجمتنا عزائمهم المتقدة وبدل الحوار الادوار فما ذهبنا من اجله ها نحن عائدون به .

قال لي أحدهم عند مغادرتنا : ” اتقوا الله ولا تفرطوا .. دوركم كبير .. وعوا الناس ولا تتركوا فرصة للمنافقين والمرجفين .. حثو الناس على التكاتف والتكافل ” فشعرت كم هو ورفاقه عظماء وكم نحن صغار أمامهم فبرغم انشغالهم بجهادهم ومرابطتهم في موقعه لم ينس الانشغال والاهتمام بأوضاع واحوال الناس وواجب التوعية والتصدي للمرجفين والمنافقين ، فياالله ما أعز واكرم واعظم وأسمى رجالك ، وما أبلغه أثر كتابك وثقافته في قلوب عبادك المؤمنين ، وما أصدق أولياءك وما أوضح سبيلهم الداعي اليك والساعي بهديك .