النباء اليقين

قراءة في ” الأزمة القطرية ” و ” الأزمة اليمنية ” من حيث التوافق و الإختلاف ..!!

الهدهدنت/مقالات

بقلم / محمد أحمد الحاكم

كعادتها السخيفة … تستمر قوى العدوان في عدوانها على اليمن أرضاً و إنساناً بإنتهاج سياسة رسم العديد من السيناريوهات السياسية و الإعلامية , والموسومة جميعها بالسقوط و الإنحطاط الأخلاقي و المهني , نتيجة عِظم ما إشتملته من ألوان الخداع و الزيف و التضليل , منهجية لطالما أرادت أن تجعل منها صورة بديلة تشفي بها القليل من الكثير الذي لا يُعد ولا يحصى من صنوف الإنهزام السياسي و العسكري و الاقتصادي التي منيت بها طيلة أكثر من عامين على أيدي الأحرار و الشرفاء الأبطال من رجال الجيش اليمني و رجاله الشعبية .

تعتبر الأزمة التي تشهدها المنطقة العربية مؤخراً , و على وجهه الخصوص منطقة الخليج , و التي تمثلت في ” الأزمة القطرية ” … تعتبر في المنظور الخليجي من أخطر القضايا التي تمس الشأن الخليجي وحده أكثر منها بالنسبة للشأن العربي برمته , وبالرغم أن ليس للشأن اليمني أي علاقة مباشرة في تكوينها , إلا أنه يمكننا ربطها بالشأن اليمني بصورة غير مباشرة , بالجزم قولاً بأنها تمثل إحدى السيناريوهات التي لجأت إليها قوى العدوان أثناء عدوانها على اليمن بغية تحقيق بعض تطلعاتها وأمنياتها , و التي سيتم التطرق إليها لاحقاً .

بالنظر الى مدلولات الأزمتين ” اليمنية ” و” القطرية ” نجد أن هناك قواسم مشتركة تجمعهما في نواحيهما العامة و التي تتجلى في ما يلي :-

1- إن الأطراف المشكلة للأزمة اليمنية هي ذاتها الأطراف التي شكلت الأزمة القطرية , فشكلت الولايات المتحدة الأمريكية وإلى جانبها إسرائيل الأطراف الرئيسية الغير مباشرة في التنفيذ , بينما شكلت كلاً من السعودية والإمارات ومصر والبحرين والأردن , وبقية الدول الأعضاء في ما يسمى بالتحالف العربي الأطراف الثانوية المباشرة في التنفيذ .

2- إن طبيعة ومبررات الأزمة اليمنية هي ذاتها المبررات التي أحدثت الأزمة القطرية , إذ تم إعتبار الأطراف اليمنية الوطنية في الداخل و النظام الحاكم في قطر أطرافاً إرهابية تدعم الإرهاب و تهددان الأمن و السلم الإقليمي و الدولي , أضف الى إعتبارهما أطرافاً موالية للنظام الإيراني الذي يُعد في المنظور السعودي و الأمريكي و الإسرائيلي الطرف الدولي الأول في دعم وتصدير ما يسمى بالإرهاب.

3- إن طبيعة الأسلوب الممنهج الذي رسم صورة الأزمة اليمنية من إستخدام القوة العسكرية و فرض حصار اقتصادي و سياسي و إجتماعي على المستويين الداخلي لليمن أو المستوى الخارجي الدولي , هو ذاته الأسلوب الذي يرسم صورة الأزمة القطرية , مع فارق جزئي بينهما يتمثل في عدم إستخدام القوة العسكرية ضد قطر في هذه الآونة , و الذي لا يمكن إستبعاد إستخدامه مستقبلاً إذا لزم الأمر .

وبالنظر إلى ما سبق يمكننا القول بأنه على الرغم من أن القواسم المشتركة لتشكيل الأزمتين قد توافقت من حيث الصياغة العامة ,إلا أنه لا يمكننا القبول و الأخذ بمنطق جوهرية الأزمتين , و التي تعني ” واحدية القضية و المظلوميه ” ففي إعتقادي الذي أؤمن به قطعاً لا جزماً بأن القضية اليمنية تُعد قضية حقيقية تجسدت كنتيجة لأعظم مظلومية شهدتها الأمة العربية في زمننا المعاصر هذا , في حين أن ما يتم الترويج له سياسياً و إعلامياً من خلال مختلف القوى الدولية حول الأحداث التي صُنعت مؤخراً في منطقة الخليج تحت مسمى ” الأزمة القطرية ” , و التي إنطلقت كفكرة وتأليف من قبل ” الصهيونية – الأمريكية ” , وتنفذت بأيادً عربية صرفة , لم تكن إلا مسرحية هزلية تضع المشاهد لها بين موقفين …!!

الموقف الأول …. ” فكاهي ” يثير الضحك نتيجة لما تضمنه نص تأليف هذه المسرحية , و الذي تم صياغته كنص مشابه للأزمة اليمنية الحقيقية , إرتكزت محوريتها في نقطتين رئيسيتين أولها كصورة عامة يتجلى في ” تحقيق و الأمن و الإستقرار الدولي ” من خلال محاربة ما يسمى بالتطرف و الإرهاب الدولي , وثاني تلك النقطتين يتجلى كصورة ثانوية يكمن في ” كبح جماح التمدد الإيراني في المنطقة ” .

الموقف الثاني …. ” تراجيدي ” يثير البكاء نتيجة الإزدواجية في تطبيق الأسلوب الذي أستخدم في هذه الأزمة , إذ إرتكز هذا الأسلوب على تطبيق ما أسمي بالمقاطعة الكاملة و الشاملة على قطر , سياسياً و إقتصادياً و إجتماعياً , تمثلت في قطع العلاقات الدبلوماسية و إغلاق كافة المنافذ البرية و البحرية و الجوية , وإلغاء كافة التعاملات التجارية معها , وغيرها من الأساليب التي قد لا تستحق ذكرها , بينما تم الأخذ بمنطق التغاضي وعدم الجدية في التعامل مع قطر عسكرياً كما تم التعامل به في الأزمة اليمنية .

لقد أراد مؤلفوا هذه المسرحية و من سار على شاكلتهم عند إصطناعهم للأزمة القطرية أن يقدموا سيناريو جديد يتضمن العديد من النقاط التي يجب أن تترسخ في ذهن كل مواطن عربي في هذا الزمن تؤكد على ما يلي :-

1- أراد مؤلف هذه المسرحية إن يوحي لنا بأن الأطراف المشكلة لهذه الأزمة كا ( السعودية – البحرين – الإمارات – مصر) و المحققة لجوهرها , لم و لن تكن ذات يوم دولاً تعرف معنى الإرهاب أو كيف لها أن تصنعه أو تدعمه , و بأنها أيضاً دولاً لا تكل جاهدة في أن ترسخ دعائم الأمن و الإستقرار في المنطقة و العالم , مثلما تحققه في أوساط شعوبها و جيرانها العرب .

2- أراد مؤلف هذه المسرحية أن يؤكد للعالم بأن هذه الدول هي الأجدر و الأقوى في تحمل مختلف القضايا التي تهم المنطقة برمتها سواء ما كان منها موجود على أرض الواقع , أو ما سوف تحدثه مستقبلاً , وبأن هذه الدول أيضاً قادرة على حل جميعها مهما كانت الظروف معقدة .

3- أراد هذا المؤلف أن يثبت للمتابع لمتغيرات تلك الأزمة و تطوراتها جدية وصرامة تلك الدول في تنفيذ توجهاتها حتى و إن كلفها الأمر الى تمزيق و تشتيت أوصال الأمة العربية ووحدتها إرباً أربا .

4- تحوير توجهات قوى العدوان فبدلاً من الإستمرار في الغوص أكثر في الأزمة اليمنية التي باتت أكثر تعقيداً بالنسبة لهم , يتم حرف البوصلة نحو خلق هدف جديد مشابه للقضية اليمنية , تمكنهم من تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه في اليمن , و تحفظ ظاهرياً ماء وجهها الذي مرغ في التراب نتيجة هزائمهم المتعددة والمتكررة .

5- الإستمرار في لفت أنظار المجتمع الدولي و على رأسها منظمة الأمم المتحدة عن ما يحدث من جرائم و إنتهاكات إنسانية في حق الشعب اليمني برمته , جراء أعمالهم العسكرية و حصارهم الاقتصادي .

6- خلق صورة أكثر ظلاميه من صور التمزق للحمة العربية , مع الإستمرار في تغييب القضية المحورية للأمة العربية المتمثلة في القضية الفلسطينية , و التي شارفت أن تغيب في الأفق و إلى الأبد.

هناك صورة وحيدة أراد المؤلف أن يثبت للعالم أجمع مستوى إنحطاط القدرة العقلية التي يمتلكها قادة تلك الدول المنفذة لتلك الأزمة , التي أكسبتهم الكثير من الصفات و التي كان أجلها عدم القدرة على تمييز طبيعة الأهداف والتوجهات التي يسيرون عليها , و الإزدواجية في تطبيق المعايير و الأسباب التي تشكل طبيعة أي قضية , كما أراد أن يثبت مستوى افتقادهم القدرة في معرفة المخاطر المستمرة التي تحيط بهم وبشعوبهم نتيجة تلك الصفات والتوجهات .فاقية المشؤومة على وجه الخصوص.