النباء اليقين

مصر: صمت شعبي لافت: هل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة؟

أخيرا وقعت الواقعة، ومرر البرلمان المصري – كما كان متوقعا – اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، فهو البرلمان لا يمثل الشعب، وتمت صناعته على أعين الأجهزة المخابراتية كما ذهب الى ذلك الكثير، وكان طبيعيا أن يمرر مثل تلك الاتفاقية المشبوهة التي فرطت في الأرض والعرض.

الأوساط الثقافية والقوى الوطنية بلغ منها الغضب مبلغه بعد تمرير البرلمان الاتفاقية المشبوهة، فصبت جام غضبها تارة، وسخريتها تارة أخرى على النظام الحالي، متهمة إياه بالخيانة العظمى!

على الجانب الآخر، سادت حالة من الهدوء والصمت في الشارع المصري، فهل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة أم أنه الهوان الذي قال عنه الشاعر القديم:
من يهن يسهل الهوان عليه.. ما لجرحٍ بميت إيلام.

في البداية يقول السفير إبراهيم يسري رئيس ادارة القانون الدولي ورئيس لجنة المعاهدات الدولية بوزارة الخارجية المصرية سابقا:

عندما تابعت آراء المصريين الذين يؤكدون أن تيران وصنافير سعوديتان  التمست لهم العذر لعدم الالمام بقواعد واحكام القانون الدولي الذي لا يعطي أيا من السلطتين التنفيذية حق التنازل عن اي جزء من اقليم الدول، وان الشعب وحده هو صاحب الامر وان مبدأ حق تقرير المصير الذي اكتسب صفة الأحكام الآمرة التي لايمكن الاتفاق علي مخالفتها
وان دستور 2014 قد حظر التنازل عن اي جزء من اقليم الدولة المصرية وانه قد صدر حكم قضائي بات من اعلي محكمة في الدولة ومن الطبيعي ان أتوقع ان استاذا في القانون لا بد وان يؤيد احكام الدستور والقانون.

وتابع السفير يسري: “غير انني ذهلت لتخريجات القائمين علي مجلس النواب التي قبلت الادعاءات الباطلة بسعودية الجزيرتين وان الحكم القضائي العالي البات هو والعدم سواء، وأنه لن يقبل الا ما يقوله الجيش وخرائطه ومستنداته”.

وتابع السفير يسري ساخرا:

“لذلك اعترف بأنني وقد مارست العمل في مجال القانون الدولي وكافة فروع القانون ما يراوح 50 عاما بأنني جاهل في القانون وإنني سأتقدم لكلية الحقوق لأدرس فيها عجائب التخريجات القانونية الحالية”.

المصريون سيدافعون عن أرضهم

أما الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي فقال إنه يعتقد جازما أن الجزيرتين مصريتان، مستندا في هذا الى أن مصر دولة موحدة عمرها خمسة آلاف عام على الأقل، فكيف تدعي إحدى الدول التي ظهرت فقط في القرن الماضي” القرن العشرين “ملكيتها للجزيرتين؟

وأضاف حجازي: “هذا أمر، الأمر الآخر أن الوثائق التي تم تقديمها الى القضاء المصري، جعلت القضاة يجزمون بأن الجزيرتين مصريتان، وأنا أثق في القضاء المصري وأمتثل له وأحييه، وسبق أن حييته في مقال لي في الأهرام عندما قرأت حيثيات الحكم بمصرية تيران وصنافير”.

وقال حجازي إن الأسلوب الذي اتبع لنسبة الجزيرتين للسعودية سواء من الحكومة أو من بعض المصريين لا نستطيع أن نطمئن إليه، ونشعر بالتآمر إزاء الطريقة التي اتبعت لاثبات سعودية الجزيرتين، وفي القفز على أحكام القضاء، وفي منع المعارضين، وفي الامتناع عن تزويد المصريين بالوثائق التي تثبت زعمهم أن الجزيرتين سعوديتان.

كل هذا يجعلني أن هناك شيئا يرتكب في حق مصر، وأن هذا الذي يرتكب في حق مصر لانتزاع الجزيرتين لن يمر.

واختتم حجازي حديثه مؤكدا أن المصريين سوف يدافعون عن كل رملة وكل ذرة من تراب أرضهم سواء في البحر أو في البر، المصريون قد يتحملون الجوع، ولكنهم لن يتحملوا سرقة بلادهم”.

مصر على كف عفريت

أما د. محمد أبو الغار، فقد أكد أن مصر الآن فى مرحلة خطرة، حيث يجمع كل الخبراء أن ظروفنا الاقتصادية سيئة وذلك بسبب ظروف خارجة عن الإرادة، مشيرا الى أن الأهم هو الأخطاء الفادحة فى السياسات الاقتصادية. والشعب المصرى معظمه غاضب بسبب الفقر وارتفاع الأسعار، وجزء كبير غاضب على تسليم الجزر لأنه لا يوجد نظام فى الدنيا يفعل ذلك وسوف تظل هذه نقطة سوداء فى تاريخ مصر.

وتابع أبو الغار: “الضغوط على البرلمان شملت تنظيم سفرية برلمانية من 15 عضواً هاماً فى مجلس النواب علاقتهم جيدة بالنظام إلى أمريكا لمنعهم من التصويت لأنهم جميعاً كانوا رافضين لنقل ملكية الجزر. كما دُعى عدد من النواب إلى إحدى الجهات للضغط عليهم بالتصويت بنعم. ما يحدث كارثة برلمانية مخجلة!”.

وخلص أبو الغار الى أن الموضوع ليس فقط الجزر، مشيرا الى أن هذه الخطوة ستتلوها خطوات لامتصاص مصر بالتدريج والتنازلات قادمة لا محالة وسوف تتوالى وسوف يجد النظام المصرى نفسه فى مأزق كبير.

وتابع أبو الغار: “إسرائيل سوف تهمش قناة السويس بأكثر من طريقة، الوعود بالاستثمارات سوف تذوب تدريجياً والعلاقات القوية سوف تكون بين إسرائيل والسعودية، ومصر سوف تصبح دولة هامشية فى كل شىء وسوف نصبح عبد المأمور كل يوم نتلقى أمراً وتهديداً. إذا لم نقف للدفاع عن أنفسنا وعن أرضنا فلن يكون لنا مكان فى هذا العالم وسوف ترون. هزيمة يونيو 2017 تماثل هزيمة يونيو 1967 بعد خمسين عاماً، وهى استمرار للكارثة الأولى”.

واختتم أبو الغار قائلا: “النظام اتخذ قراراً بدون استشارة أحد وقال محدش يتكلم فى هذا الموضوع، لأنه يعلم جيداً أن قراره خطير. نزلت المظاهرات وقبض على الشباب وحكمت أعلى المحاكم بأن الجزر مصرية. الشعب كله متأكد من مصرية الجزر. الضغوط على النظام كانت من الحكومة السعودية وكذلك من الشعب المصرى بالرفض ولكن النظام السعودى انتصر على الشعب المصري. النظام فقد جزءا كبيرا من شعبيته بسبب الجزر والتصرفات الاقتصادية. التاريخ سوف يحكي ويقول بأنه بعد تسليم الجزر أصبحت مصر على كف عفريت لسنوات طويلة. ولن يفى أحد بكل الوعود وسوف تستمر التنازلات حتى يضيع الوطن وتصبح مصر دولة درجة ثالثة”.

* راي اليوم