النباء اليقين

الطريق المسدود لميناء الحديدة وتحليل في المشهد السياسي اليمني

لاشك ان هناك مشكلة كبيرة عندما تكون الوحدة الوطنية لشعب قد أضعفت من خلال التحريض الطائفي والمذهبي والمناطقي ، والجبهة الداخلية غير موحدة ، والوطن يتعرض لغزو عسكري خارجي كبير وغير مسبوق ، و ثقافة الأقلمة تنتشر وتترسخ في الاذهان ، وتستغل كل ذلك دول العدوان في كل يوم فتغرس وتصب مداميك الأقلمة ومؤسساتها على ارض الواقع في عواصم مدن مايسمى الأقاليم ،


**لم يتبقى الا مدينة الحديدة عاصمة ما يسمى (اقليم تهامة ) لم تحتل وتسقط من الناحية العملية بعد اكثر من عامين من الحرب العالمية على اليمن ،

لان دول التحالف السعودي الامريكي تعتقد انها قد احتلت واسقطت وفرضت عواصم الاقاليم الخمسة في مدينة تعز (اقليم الجند ) ومدينة مارب (اقليم سباء) ومدينة عدن (اقليم عدن ) ومدينة المكلا (اقليم حضرموت ) واحدى مدن (اقليم ازال ) كعاصمة للاقليم ، وتقوم بعملية الفصل الاداري لكل المؤسسات وتعزيز صلاحيتها وخلق الهوية المنفردة فيها لتكون هذه المدن كنواة لاقامة الاقاليم ، وتحاول هذه الدول رسم وفرض حدود كل اقليم على ارض الواقع. وتدعي انها حققت نجاح بنسبة تصل الى 70% بحسب ما يزعمون

في اعتقادي ان دول التحالف السعودي الامريكي الاماراتي البريطاني. وفي خلال عامين من الحرب قد استخدمت كل امكانياتها وخططها في فرض نظرية او خطة الاقلمة على ارض الواقع من حيث انها اوجدت وكونت مداميكها ومؤسساتها الامنية والعسكرية وغيرها من المؤسسيات وبحيث اصبح لكل مدينه او عاصمة جيشا خاص بها ،حرصوان يكون كل جيش مقسم وولائه لمراكز قوى معينة متنافرة في كل اقليم وبحيث تكون هذه المراكز القوى تتبع في ولائها لدولة معينة من دول التحالف ليسهل السيطرة عليه ولايستطيع الجيش التوحد مستقبلا تحت قيادة واحدة قد يشكل خطرا على دول التحالف ، مع قيامهم بتعزيز ثقافة الولاء الضيق للهوية الجديدة لكل اقليم على حدى ، وحتى لو ان مدينة صنعاء لازالت خارج السيطرة ، إلا انهم يعتبرون انهم سوف يجبرون قوات الجيش واللجان الشعبية الى العودة الى حدود (اقليم ازال ) من خلال الضغط العسكري والحصار وسوف يصبح الجيش واللجان الشعبية كجيش خاص بأقليم ازال فقط كما يخططون، مع جعل امانة العاصمة صنعاء عاصمة لحكومة فيدرالية ضعيفة في الدولة الاتحادية

وقد اصدروا وفرضوا إجراءات على الواقع الميداني والعملي في هذه العواصم او المدن تؤدي الى طريق ترسيخ اقلمة اليمن ، من حيث فرض اجراءات ادارية وسياسية واعلامية وهوية مستقلة وغيرها على ارض الواقع يتم تطبيقها على المواطنين ويتم تطبيعهم على هذه القرارات والاجراءات كل يوم وبشكل مستمر

ولم يتبقى الا مدينة الحديدة تحاول دول الاحتلال السعودي الامريكي الاماراتي البريطاني إحتلالها لكي تكتمل خطة فرض الاقلمة في اليمن ، ولذلك نجد التكالب الكبير من هذه الدول في إحتلال مدينة الحديدة ،

والجدير بالذكر ان دول التحالف قد اقامت معسكرات خاصة تضم مجموعات من ابناء محافظة الحديدة بعدن واريتريا وغيرها بغرض تجنيدهم وتدريبهم ليقوموا بالمهام الامنية والشرطية المحلية في مدينة الحديدة عندما يتم احتلالها ولتكون نواة لجيش (اقليم تهامة)

كل هذه المحاولات الخبيثة والحثيثة لدول التحالف تريد ان تفرض الاقلمة على الارض لتفرضه. رسميا وبقوة على طاولة المفاوضات السياسية بين الاطراف اليمنية في اي تسوية لليمن ، لانه وخلال عامين من المفاوضات ظلت حركة انصارالله وحلفائها يرفضون كل هذه الخطط التقسيمية لليمن تحت اسم الدولة الاتحادية والتي ستؤدي بالنهاية الى تكون دويلات تكون محتله عمليا من دول التحالف العدواني في اليمن.

نعود لمدينة الحديدة من جديد، فالامارات والسعودية وحلفائهم يعلمون مدى صعوبة احتلال مدينة الحديدة بل انهم قد وصلوا الى قناعة بإستحالة إحتلالها في ظل الحسابات الميدانية العسكرية لطرفي الحرب ،

فالخسائر الكبيرة والفادحة الذي تكبدوها في احتلال الشريط الساحلي فقط من باب المندب الى مدينة المخاء وايضا لازالوا يتكبدون كل يوم المزيد من الخسائر الفادحة البشرية وفي المعدات في هذه الجبهة بغرض تأمين احتلالهم لمدينة المخاء والشريط الممتد لباب المندب ، وخاصة أنه لازالت قوات الجيش واللجان الشعبية تفرض تواجدها وسيطرتها على كل المرتفعات المطل على هذا الشريط الساحلي والى مدينة المخاء إبتداء من مرتفعات كهبوب مرورا بالعمري والى جبل النار في جبهة متواصلة تم تعزيزها جيدا ويصعب اختراقها من قوات دول التحالف نظرا لجغرافيتها الجبلية ،

هذه العوامل اعطت دول التحالف الانطباع الجيد والاكيد لحجم الكلفة المهولة التي تواجههم اذا ما قرروا خوض معركة الحديدة وإحتلالها ، فكل حساباتهم ودراستهم ومعطياتهم وإمكانياتهم العسكرية والاستخباراتية. تشير وتؤدي الى نتيجة سلبية و الى قناعة نهائية بعدم قدرتهم على احتلال مدينة الحديدة ولو استمروا سنين إضافية في الحرب المتواصلة ومهما استعانوا بقوات جنوبية او سودانية كما تم في جبهة المندب – المخاء ،

ولذلك سمعنا اللواء احمد عسيري الناطق الرسمي لقوات التحالف العدواني يتراجع. في تصريحاته الاخير في هذا الشأن ويقول ان قوات التحالف في هذا الوقت تعمل على تأمين احتلال مدينة المخاء بعد ان كانوا قد اعلنوا في السابق الحديدة منطقة عسكرية والبدأ في معركة إحتلال الحديدة ،

وهذا يعني ان السعودية والامارات وبقية التحالف سوف لن تستطيع تطبيق خطة الاقلمة على الارض وسوف تنعكس الاوضاع عليهم ويصيبون بهزيمة كبيرة وتخرج الامور عن السيطرة من ايديهم كلما مضى الوقت دون اي تقدم في الميدان ، وبصريح العبارة لقد وصلوا الى طريق مسدود في حربهم في اليمن.

ولذلك قرروا أنه لا مفر من استدعاء تدخل جيش امريكي بري وجوي وبحري ليساعدهم مباشرتا في خوض معركة الحديدة وإحتلالها والذي بدأت الدوائر الامريكية في التمهيد لهذا. التحرك الامريكي المباشر والكبير وفي تصريحات مسؤولي الادارة الامريكية ، لما لمدينة الحديدة من اهمية. في التقريب في حسم الحرب في اليمن وتنفيذ التسوية الذي يريدونها في اليمن و في فرض الدولة الاتحادية والاقاليم ومسودة الدستور التقسيمي والاحتلال المقنع وغير المقنع للارض اليمن وجزرة والتحكم في باب المندب ونهب ثروات اليمن وا وا وا… ،

وكانت لزيارة محمد بن سلمان لواشنطن والاجتماع بالرئيس الامريكي ترامب وتعهدة بضخ 200مليار دولار للخزينة الامريكية والاقتصاد الامريكي الاثر الكبير في التفكير الجاد والموافقة الامريكية بالتدخل البري لقوات امريكية برية في احتلال مدينة الحديدة

لكن في اعتقادي ان الامريكيون يعلمون جيدا ان هناك حسابات لدول الكبرى وخاصة روسيا والصين في المنطقة ستقف في طريقهم و اعتقد انهم لن يمرروا تدخل امريكي واسع في الحديدة بدعم من مجلس الامن وأن مصالحهم في هذه المنطقة ستتعرض للضعف والخطر الكبيرين ولذلك اعتقد انهم لن يقفوا متفرجين ،

قلقد رأينا رفضا روسيا في السابق وبشدة لمحاولة قيام الرباعية. الدولية (امريكا وبريطانيا والسعودية والامارات ) في تحويل الملف اليمني لهذه الدول واخراجة من مجلس الامن عند اجتماعهم الاخير في لندن، والطلب الروسي انذاك من مجلس الامن للانعقاد لمناقشة الملف اليمني ، اي ان الروس يرفضون تفرد دول الرباعية. في الملف اليمني ، كما ان الصين لديها الهواجس الكبيرة في هذه المنطقة بعد تحول السياسةالخارجية الصينية الى تعزيز وجودها العسكري في غرب اسياء وافريقيا لحماية مصالحها هناك، لذلك سمعنا اعتراضا صينيا قبل اسابيع على اي ترتيبات تستحدثها دول التحالف في جزيرة ميون وهذا مؤشر الى ان الامريكيون لن تكون الطريق سهلة وومهدة لهم في القيام بخطوات احادية في الحديدة ، وخاصة مع تسارع الاحداث في سوريا وكوريا الشمالية بالنسبة لدول مجلس الامن مجتمعة وحسابات كل دولة.

أن القيادة في صنعاء واعية وبشكل كبير لكل خطط تحالف دول العدوان الذي ذكرنها سابقا فهي تنفذ خطط مضادة لها في الميدان. افشلت وعرقلت الكثير من هذه الخطط طوال عامين من الحرب ، بل أنها احبطت تحقيق الهدف الاستراتيجي الاول لدول التحالف وهو القضاء نهائيا على حركة انصار الله وحلفائها وأخرجته من التداول نهائيا لإستحالة تحقيقه تماما ،

كما أن قيادة الجيش واللجان يعلمون جيدا أن الدفاع عن مدينة الحديدة مصيري ومهم والتي تعتبر الرئة التي تتنفس بها صنعاء.واليمن والذي يعتقد العدو أنه اذا إستطاع إحتلالها سوف يمارس الخنق الاقتصادي لشعب اليمني و الجيش واللجان الشعبية وفرض الشروط الاستسلامية عليهم ،

اذا فلا مجال لتهاون فيها وكل الساحل الغربي، فلقد حشدت قوات كبيرة من الجيش واللجان والدعم الشعبي لهذه المعركة ، وأتخذت الترتيبات والخطط اللازمة لهذه المعركة والتي سوف تجعل منها (جهنم الحمراء ) بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى على كل غازي يريد احتلال مدينة الحديدة، والعالم كل سوف يشهد ذلك على ارض الواقع اذا ما حاول العدوان احتلالها، فلا وجود خيار الا النصر فيها .

وثانيا القيادة في صنعاء نفذت خطة مضادة لفرض الاقاليم على ارض الواقع.، وذلك من خلال إستماتت قواتها من الجيش واللجان الشعبية في الامساك بالكثير من المناطق في هذه الاقاليم ولكي لاتكون قواتها فقط متواجدة في اقليم ازال وبالتالي تحقق خطة الاقلمة ،

فقوات الجيش واللجان الشعبية تتواجد في اكثر من مديرية في محافظة شبوة ، وقواته تنتشر ايضا في الكثير من مديريات الجوف ومارب ، كما ان قوات الجيش واللجان لها تواجد في لحج والضالع ، وفي معظم محافظة البيضاء ومحافظة اب ومحافظة تعز ومحافظة الحديدة ،

كما ان الجيش واللجان الشعبية اعتمدت خطة ذكية وشجاعة في نقل المعارك العسكرية الى داخل الاراضي المحتلة في نجران وجيزان وعسير ، بهدف إستنزاف الجيش السعودي وتكبيدهم الخسائر ورفع فاتورة تكاليف الحرب السعودية وممارسة الضغط على الجبهةالداخلية السعودية وتحقيق مكاسب للاوراقها على طاولة المفاوضات عند اي تسوية قادمة

كما ان محاولة الحصول على اسلحة رادعة وتطوير قدراتها الصاروخية هو من ان تجبر دول السعودية والامارات وحلفائهم بوقف التدخل العسكري في اليمن وتحيد القوة الجوية الضاربة للعدوان وبحيث تبقى قوات ما يسمى المقاومة والجيش الوطني بلا غطاء جوي لتنقض بعد ذلك عليهم وتعيد تحرير كل اراضي ومحافظات وجزر الوطن .

في الاخير نقول ان وعي الشعب اليمني وخاصة بعد ما شاهدوا كل ما حدث في اليمن وفي هذه الحرب وسقوط كل الاقنعة وكل المبررات الواهية وكل الكذب والدجل الذي تم سوقها من اجل الاعتداء على اليمن وعدم تحقيق كل الوعود البراقة من قبل دول التحالف وقيامهم بالتدمير الممنهج للبنى التحتية لدول اليمنية وكل مقدرات الشعب اليمني والتدمير الشامل للاقتصاد اليمني والقيام بالقتل والمجازر البشعة ضد المدنين الابرياء بكل تعمد وحقد كل ذلك يجب ان يكون قد رفع من وعي الشعب اليمني في كل محافظات الوطن الجنوبية والشمالية ، ان هذا الوعي يعتبر احدى اهم الضمانات الرئيسية لليمنين للافشال خطط العدوان الخارجي والانتصار عليهم وبحيث تنتشر قيم التسامح والمصالحة بين اوساط الشعب اليمني لتدفعهم مرة اخرى الى تمتين عرى اواصر الوحدة الوطنية بينهم لينطلقوا جميعا مرة اخرى في تحرير بلادهم من المحتلين وبحيث يقرروا مصيرهم بانفسهم بدون اي تدخل خارجي او ارتهان او وصايا من الخارج.

والضمانة الثانية لليمنين . في افشال خطط دول العدوان تتمثل في إستمرار واستبسال وصمود الشعب اليمني بكل قبائلة وقواه الاجتماعية الحية في المدن والقرى ورجال الرجال من الجيش واللجان الشعبية ، في القتال ضد هذا العدوان الغاشم الاقليمي والدولي وادواتهم في الداخل

والضمانة النهائية والحاسمة لليمنين والقادرة والمقررة على هزيمة وفشل كل خطط دول العدوان في اليمن تتمثل بالارادة الالاهية لله سبحانه وتعالى فهو وحدة من يقرر هزيمة اي طرف وانتصار اي طرف في هذه الحرب العالمية في الميدان اليمني وفي عرين الشعب اليمني العظيم، وقد توكل الشعب اليمني على الله وراهنوا على تأيد الله ونصرة عندما قرروا من البداية خوض هذه الحرب و الدفاع عن وطنهم من الاحتلال في مواجهة عشرات الدول الاقليمية والدولية.

بقلم/صلاح القرشي