النباء اليقين

إصطناع الثورات لا يُحقق ثورةً إلا من ورق !!

بقلم/ الشيخ عبدالمنان السنبلي .
(مع إحترامي طبعاً لكل من خرج مخدوعاً بحسن نيةٍ ذات يوم باحثاً عن حلمِ ثورةٍ لم يجده حتى في المنام)
لا أدري بصراحة ماذا يعني مفهوم الثورة لدى كل من يحاول اليوم أن يفرض علينا الإعتراف (بالحادي عشر من فبراير) كثورة شعبية، هل هو يعني الإقتتال والإنقسام وحالة الفوضى التي نعيشها اليوم، أم هو يعني الوصاية الأجنبية على بلادنا ووضعها تحت البند السابع ؟! أم هو يا ترى

 

الإستقواء بالأجنبي وجلب وتأييد الغزاة والمعتدين والدوران في أفلاكهم ورحاهم ؟!
ما ذنبنا !
ست سنواتٍ مضت من الفوضى وغياب الدولة وتقطع أوصال البلد وتهتك النسيج الإجتماعي بصورة حادة وخطيرة، ومع ذلك لايريدون أن يفهموا أنها لم تكن سوى مؤامرة !
الثورة بصراحة إذا لم تحدث تغييراً حقيقياً وجذرياً نحو الأفضل على كل المستويات بدءاً من الإنسان نفسه لا يمكن أن تُسمى بأي حالٍ من الأحوال (ثورة) ! فمالذي بعد ستٍ عجافٍ لمسناه قد تغيَّر حتى تباهونا به وأنتم تحتفلون اليوم بثورتكم هذه ؟!
الفساد الذي كنا نشكو منه، صرنا اليوم نبكي على زمانه وأيامه !
الأمن الذي كنا ننعم بشئٍ منه، صرنا اليوم نبحث عن شئٍ يسيرٍ من ذلك الشئ !
الوطن الذي كنا نشعر في حضنه بشئٍ من الدفء والحنان لم نعد نجده !
أخبرونا كم (باستيلاً) أسقطته ثورتكم أوكم حرباً أهلية أخمدتها حتي تجبرونا على الإعتراف بها ؟!
الفرنسيون. لم تكن لديهم إلا ثورةً واحدةً وكذلك الأمريكيون قبل أكثر من قرنين والبريطانيون ووووو…. ، ثوراتٌ وحيداتٌ ولكنها أحدثت لشعوبها نقلاتٍ نوعيةً في كل المجالات حتى غدوا اليوم يزاحمون بمناكبهم النجوم والشُهُب رفعةً ومجدا، فمالذي أحدثته ثورتكم من نقلةٍ نوعيةٍ لهذا الشعب المغلوب غير الفقر والقهر والعدوان ؟!
في بلادنا اليمن لوحدها وفي أقل من سبعة عقودٍ فقط إستطعت أن أعد ثمان ثوراتٍ، فأين موقعك أنت أيها الثائر الربيعي من كل تلك الثورات ؟!
كفانا إستخفافاً بالعقول و ضحكاً على الذقون ! شعبنا لم يعد يحتمل أكثر من هذا السُخف والإستغباء !
أنا في الحقيقة لا أقول هذا الكلام تعاطفاً مع أحد من السابقين أو تجنيّاً على أحدٍ من اللاحقين . أنا أقول هذا الكلام لأنه ينبغي أن يُقال، لأنه ببساطة شديدة هو الحقيقة !
إلى متى نظل نرهن أنفسنا إلى الشعارات الرنانة والتي تخفي وراءها ألف حكاية فشل وفشل ؟!!
لماذا نتعمد اللجوء دائماً إلى الممارسات والشعارات التي تُزيد من خلافاتنا وإنقساماتنا دون أن نرعى أدنى إعتبار أو شعور لأي أحد و كأنما هذا الفريق أو ذاك هو وحده الوصي الحصري على هذا الشعب ؟!
ألم تكن الست سنواتٍ الماضية من الضياع والفوضى كافيةً لنا جميعاً بأن ندرك ونعترف أننا كلنا كنا مقصرين ومتورطين في ما وصلت إليه البلاد من نكبات ؟!
لماذا ينظر كل طرفٍ إلى نفسه وكأنه هو وحده الملائكة وما سواه الشياطين الذي يتوجب رجمهم والتعوذ منهم ؟!
الثورة الحقيقية يا بني وطني هي تلك التي ينتصر فيها العقل و الحكمة على الجهل والتخلف .
كان الأجدر بنا يوم أن أردنا الثورة أن نتحرك وندفع بإتجاه ثورة (تعليمية) حقيقية نوعية تستهدف الإنسان نفسه وتنتقل بشعبنا من براثن الجهل والتخلف إلى مراتب الوعي والأدراك والتميز والتي من خلالها يتمكن شعبنا تلقائياً من إحداث تغييرٍ حقيقيٍ مستخدماً لذلك سلاحاً واحداً هو سلاح العلم . عندها لن يستطيع أي مستبد أن يجعل من شعبنا مطيةً ومرتقىً له يصعد عليه إلى حيث يستخف بهم و يسومهم سوء العذاب !
هذه هي الثورة الحقيقية، فلا يحدثني أحدٌ عن غيرها، مالم فسوف نظل ندور في نفس الحلقة المفرغة من الثورات الوهمية و الثورات الوهمية المضادة إلى ما شآالله !