النباء اليقين

منظمة بيبول ورلد: بريطانيا تكسب المليارات من جرائم حرب السعودية في اليمن

ستبت المحكمة البريطانية العليا بعد أسبوعين في القضية التي يمكن أن تشكل سابقة مُدوية من الممكن أن تلعب دورا أساسيا في تغيير مسار سياسة تصدير الأسلحة البريطانية الى السعودية.

في الفترة من 7- 9 من فبراير القادم عقب الطلب المقدم من منظمة “حملة ضد تجارة الأسلحة” سينظر القضاة في قانونية صادرات الأسلحة إلى السعودية التي يتم استخدامها في اليمن مضى قرابة عامين الآن على شنّ القوات السعودية حملة قصف وحشية ومدمرة على الشعب اليمني اذ دُمرت المدارس والمستشفيات والمنازل في عمليات القصف التي أودت بحياة 10 آلاف شخص وتسببت في خلق كارثة إنسانية في واحدة من أفقر البلدان في المنطقة.

أدان كل من الأمم المتحدة والبرلمان الأوربي ووكالات إغاثة كبرى العواقب المروعة التي تم لمسها على أرض الواقع وحذر الصليب الأحمر الدولي من دفع البلد إلى هاوية المجاعة ووفقا لتقرير مروع صادر عن منظمة اليونيسيف يموت في اليمن طفل واحد كل عشر دقائق بسبب سوء التغذية والإسهال والتهابات الجهاز التنفسي وهناك 400 ألف طفل عرضة لخطر الموت جوعا.

وفي ذات السياق قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) يوم الثلاثاء إن اليمن خسر مكاسب حققها على مدى عقد فى مجال الصحة العامة نتيجة للحرب والأزمة الاقتصادية إلى جانب تزايد أعداد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وأضافت المنظمة أن ما يقدر بنحو 3.3 مليون شخص فى اليمن بينهم 2.2 مليون طفل يعانون من سوء تغذية حاد ويعاني 460 ألف طفل دون الخامسة من سوء تغذية أكثر حدة والنمط الأكثر حدة يترك الأطفال عرضة للإصابة بإسهال وأمراض تنفسية تهدد حياتهم.
وقالت ميريتشل ريلانو ممثلة يونيسف فى اليمن لرويترز فى مقابلة فى جنيف إن ما يقلقنا هو سوء التغذية الأكثر حدة لأنه يقتل الأطفال.

وأضافت أنه “بسبب النظام الصحي المتداعي والعدوان والأزمة الاقتصادية بسبب الحصار فقد عدنا عشر سنوات إلى الوراء ضاع عقد من الزمان فيما يتعلق بالمكاسب الصحية وتابعت قائلة إن 63 من كل ألف طفل يموتون قبل بلوغ سن الخامسة مقابل 53 فى عام 2014.
وقالت ريلانو إن الأطفال والحوامل والمرضعات هم الأكثر تضررا من أزمة سوء التغذية فى محافظة صعدة بالشمال وفى محافظة الحديدة الساحلية وفى محافظة تعز بجنوب البلاد وأضافت أن فرق اليونيسف المتحركة تهدف إلى متابعة مزيد من الأطفال والوصول إلى 323 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد هذا العام ارتفاعا من 237 ألفا العام الماضي. وذكرت أن الوكالات الشريكة ستتعامل مع بقية الأطفال.

عندما بدأ القصف تعهد وزير الخارجية البريطاني حينها، فيليب هاموند” بدعم السعوديين بكل وسيلة من خلال المشاركة في عملية التدخل القصيرة في الحرب”. وللأسف، ظلت الحكومة البريطانية وفية بكلمتها وأحد الطرق الرئيسية التي طبقت بها ذلك التعهد هو بيع الأسلحة وعلى الرغم من الدمار وعلى الرغم من سجلها المخيف بشأن حقوق الإنسان في الداخل باتت السعودية أكبر مشتر للأسلحة البريطانية إلى حد بعيد.

لم تتراجع مبيعات الأسلحة أبداً وفي الواقع أصدرت بريطانيا تراخيص لبيع أسلحة تزيد قيمتها على 3.3 مليار جنية استرليني أي (4.1 مليار دولار أميركي) منذ بدء القصف وتشمل تلك المبيعات طائرات تايفون المقاتلة التي استخدمت في عمليات القصف والقنابل والصواريخ التي ربطت تقارير هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية بينها وبين الهجمات على الأهداف المدنية وفي الشهر الماضي أقرت القوات السعودية بأنها استخدمت قنابل عنقودية بريطانية الصنع وهي أحد أقسى وأشد الأسلحة المستخدمة في الحروب فتكا.

فعندما يتم إسقاط هذه القنابل تنفجر القنبلة الأم في الهواء وتنطلق منها مئات الذخائر الفرعية ولان تأثيرها عشوائي، فمن المحتمل جدا أن تقتل أي شخص داخل المنطقة التي تسقط فيها أو أنه قد يصاب إصابة بالغة، تم تصدير القنابل في عام 1988 ولكن عمر هذه الأسلحة يعتبر أطول من مدة الوضع السياسي الذي تم شراؤها خلالها.

كيف ستستخدم الأسلحة التي بيعت الآن بمليارات الجنيهات وضد من ستستخدم؟

وإذا لم نأخذ بعين الاعتبار استخدام الجيش السعودي للقنابل العنقودية ضمن الحدود المسموح بها عندئذ ما الذي يرجّح بان أفراده يفعلون كل ما بوسعهم لتفادي سقوط ضحايا مدنيين؟ إن القضية ليست فقط قضية القنابل القاتلة بل إنها في المقام الأول قضية مبدأ السماح باستخدامها.

إن قانون تصدير الأسلحة البريطاني واضح جدا فهو ينص على أنه لاتمنح تراخيص لبيع المعدات العسكرية إذا كان هناك “خطر واضح” أو “قد” يتم استخدامها في انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي ووفق أي تفسير عقلاني تحظر هذه المعايير جميع مبيعات الأسلحة إلى السعودية التي بدورها ستستخدمها في اليمن.

بالطبع هذه العلاقة ليست وليدة اليوم والمشكلة هي بالأصح مؤسسية أكثر من كونها حزبية سياسية فالحكومات البريطانية المتعاقبة مستمرة منذ عشرات السنين في تقديم كل أنواع الدعم السياسي لنظام الحكم السعودي دون تمحيص.

رأينا في عام 2006، كيف تدخل رئيس الوزراء السابق، توني بلير، لوقف التحقيق بشأن فساد صفقات الأسلحة بين النظام السعودي وشركة “بي ايه اي سيستمز” للأسلحة وأعقب ذلك وبسرعة بيع طائرات مقاتلة أخرى تقدر بمليارات الجنيهات ورأينا في عامي 2013 و2014 كيف قام رئيس الوزراء ديفيد كاميرون وحتى الأمير تشارلز بزيارات للسعودية لالتقاط الصور الفوتوغرافية التزلفية والدفع بعملية بيع الأسلحة.

يبدو أن مجرى التوافق السياسي في حالة تحول بسبب الحزب الوطني الأسكتلندي والحزب الليبرالي الديمقراطي – والعديد من المشرعين المحافظين المغمورين-فالكل يدعو لتعليق مبيعات الأسلحة لحين إجراء تحقيق مستقل في مشروعيتها. وستكون هذه خطوة كبيرة في مشوار تحويل شروط النقاش ولكن حتى وإن حدث ذلك، فإنه لن يكون كافيا مالم يُكًمّل ذلك وضع حد لمبيعات الأسلحة في المستقبل وإحداث تغيير حقيقي في السياسة الخارجية.

وبصرف النظر عن النتيجة التي ستصدرها المحكمة الشهر المقبل فقد بات من الواضح مدى ضعف موقف مصدري الأسلحة وانتهاكهم لضوابط تصدير الأسلحة. لقد تسببت الديكتاتورية الوحشية السعودية في خلق كارثة إنسانية قتلت الآلاف من المدنيين وضربت بالقانون الدولي عرض الحائط ورغم ذلك تواصل بريطانيا دعمها وتزويدها بالسلاح.

وبدلا من أن تتبع قوانينها الخاصة بشأن مبيعات الأسلحة جعلت الحكومة أرباح شركات الأسلحة من أولياتها التي تتعدى حقوق الإنسان إذا لم يكن ذلك كافيا لوقف مبيعات الأسلحة فما الذي ينبغي أن يحدث أكثر من ذلك؟

المصدر: المرصاد