النباء اليقين

في عيد المستضعفين السيد عبدالملك الحوثي يعايد اليمنيين بهدايا النصر و الرد المزلزل ضد العدو السعودي ||عابد المهذري

أنصاره و محبيه ينتظرون إطلالته و كأنه الغيث المدرار و ما تجود به السماء من مزن أمطار تهفو اليه الأنفس و تشتاقه الأراضي المجدبة .. لذا يأتي وقع أحاديثه .. كلماته و خطاباته .. عليهم بإيقاع له من الهيبة و الوقار ما يكفي للإستقرار في العقول و الصدور و التعامل مع كل مفردة و جملة قالها .. بإعتبارها توجيهات ملزمة التنفيذ و أوامر ضروري التقيد بها و اتباعها و عدم مخالفتها .. و هو ما يحصل غالبا في تناغم منقطع التكرار بين السيد عبدالملك الحوثي و جماعته و جمهوره داخل حركة انصار الله و المنضوين في المسيرة القرآنية ؛ و خارج الجماعة و الحركة و المسيرة من المنخرطين – بالملايين – في صفوف حالة اجتماعية ثورية تغييرية ذات بعد سياسي و منهجية فكرية يقودها السيد الشاب ابوجبريل من اليمن بتموضعات ميدانية تمازج بين السلم و الحرب كفرضيات مواجهة لكل الخيارات و كافة التحديات بثقافة جديدة و مسار مختلف لا يقبل المراوحة في زوايا الماضي الضيقة أو يستسيغ مجاراة المألوف و مسايرة السائد .
هكذا هو الحال مع أنصار الله و قائدهم .. الحوثيين و السيد .. المستضعفين و زعيمهم .. الشعث الغبر المتبردقين و قدوتهم .. الثوار الأحرار و فارسهم .. اليمنيون و إبنهم الشاب الأكثر جدلا و شجاعة و مصداقية و تضحيات مع الوطن و المواطن من اجل البلاد و الناس و في سبيل الحرية و العدالة و الكرامة للذات اليمنية و للحاضر و المستقبل و الأجيال الآتية .
واذا كان هو لدى اصحابه غيث و خير و مطر .. فإنه بالتأكيد بالنسبة لخصومه و أعدائه شر محظ و شيطان أبتر و مصدر خطر و احكامهم تلك عن السيد عبدالملك الحوثي بقدرما تتعمد التهويل و المبالغة في الإساءة و التحريض و التشويه للرجل و انصاره تمريرا لمخططاتهم ضده و تمهيدا لأرضية تآمرهم عليه .. فإنها تعكس من اللامنظور مدى قلقهم و تخوفهم منه حدا يدفعهم للمغامرة بمحاربته و القلق و الخوف المحلي و الخارجي من الحوثي و أنصار الله يثبت نجاح و تفوق و تعملق الأنصار .. يشهد بقدرتهم على تحقيق الإنجاز و تجاوز الصعاب و صناعة المستحيل .. فالفتية المستضعفة القادمة من أقاصي شمال اليمن صاروا في غضون عقد واحد من الزمان قبلة العالم و محط أنظار الكون بعدما كانوا الى وقت قريب مجهولين تطويهم عناكب النسيان .. إلا أن إرادة فولاذية و روح عزيمة صلبة يتمتعون بها استجابت لنداء قادم من وراء السحاب و ترجمته الى حيز الوجود .. عملا و حلما و قضية أفقها النصر و مشروع منهجيته القرآن و الحسين و كربلاء .. ليصبح خصوم و أعداء السيد في الناحية الأخرى يقابلون رعشة المبتهجين بهطول الغيث المدرار .. بقشعريرة رعب موازية تتنزل على فرائصهم كأنه صب من قمطرير جهنم .. و مهما تظاهروا بتجاهل اقوال ابوجبريل و قللوا من شأنه و استصغروا أعماله و استخفوا بأفعاله فالواقع يكشف الزيف و البهتان بسيف الحق و الحقيقة عندما تتداعى البراهين و الأدلة على أرض المعركة .. فتصفر و جوه و تبيض أخرى .. كما هو حاصل اليوم بعد نصف عام من الحرب العدوانية و نصف عام من المرحلة الثورية .. القسمة على عام واحد حافل برزنامة ظل بصر التاريخ شاخصا تجاهها لا تكفي للقراءة و التقييم .. فماقبل ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ كان نصف قرن من التبعية و الفساد و الارتهان لوطن سلبت سيادته و شعب فقد قراره – بشكل مضاعف – خلال سنوات ما بعد ربيع ٢٠١١ و كان الربيع الخرافي سيطول الى مالا يمكن التنبؤ بكارثيته لولا انفجار بركان ثورة المستضعفين في مثل هذا التوقيت من العام الماضي لتنهي حقبة الطغيان و تبدأ مخاض الانعتاق لليمن المتوثب فكان ما كان .. مؤامرات .. فوضى .. خيانات .. عدوان من عشرات الدول العظمى و النفطية على فقراء الجمهورية اليمنية و لا شيئ تحقق للمعتدين غير الخسران المبين .. فهانحن نحتفل بأعيادنا السبتمبرية في قلب صنعاء و وسط محافظات اليمن .. و هم يجرجرون ذيول الحسرة و العار و الخزي في المنافي منبوذين كخونة عملاء و أسيادهم من زعماء دول الخليج ينكسون أعلامهم حدادا على قتلاهم المتساقطين برصاصات اليمنيين .. يستقبلون توابيت الصرعى من جنودهم الزاعمين غزو و احتلال بلد الحكمة و الايمان .. و اليمنيون يزفون الشهداء العظماء بمواكب الابطال اكراما و تجليا لملاحم سطرت في جبهات العزة و المجد بعطر أرواوحهم و مسك دمائهم .
هاهم اليمنيون .. دولة و شعب .. يحتفلون بالذكرى الاولى لأعظم ثورة و أنصع إضبارة تاريخية في العصر الراهن .
ثورة المستضعفين النبلاء .. الشعث الغبر الأنقياء .. الكادحين المكافحين .. الشرفاء الصابرين ..
هاهو قائد الثورة الشعبية يتحدث .. يزم شفتيه و يبتسم .. يعقد حاجبيه و يرفع سبابته محذرا .. هاهو ابوجبريل يطل و في اطلالاته اعتاد ابناء اليمن تباشير الغد و تعود الاعداء و العملاء في كل اطلالة للسيد عبدالملك الويل و الثبور و الصاعقة .. و كما هي العادة في كل خطاباته و كلماته يستفيض القائد شرحا و تبيينا عما يجري و يدور .. يوضح ما خفي و يكشف ما يدبر .. يفضح المتآمرين و يعري ادوات العمالة .. يضع النقاط على مكامن المشكلة و يرسم الخطوط الحمراء تحت الملفات المصيرية .. بروية و ثقة و امتلاء و ثقة و أنفة و كبرياء .. هاهو عبدالملك الحوثي يخاطب الشعب كواحد منه .. يحدث ملايين اليمنيين كمواطن مثلهم .. عن احداث العام الجسام و تداعيات العدوان يطرح رؤيته ورأيه بلغة سياسية حصيفة و روح يمانية تأبى الضيم و الانهزام .. يستعرض دروب الثورة الشعبية بكافة مراحلها التصاعدية .. يستنهض الهمم دفاعا عن المباديء و القيم و الحق في الحياة و الوجود .. رافضا أشكال الوصاية و الاستسلام .. بصيغة الجمع و المفرد .. المبتدأ و الخبر .. السلم و الحرب .. يتكلم قائد ثورة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ و في كلماته نبض ابناء اليمن .. وجعهم .. أمنياتهم .. عنفوانهم .. و من كلمته يستلهم الجميع عواصف التحدي و موجبات الصمود .. اذ غدى القائد الشاب عبدالملك الحوثي مغناطيس جاذبية للشباب و الشيوخ .. الصغار و الكبار .. المدنيين و الفلاحين .. في اليمن و من خارج اليمن .. يتخذونه نموذجا يحتذى و قدوة تتبع و قائد بطل يقاتل مئات الالوف تحت رايته و ثقتهم بالنصر لا تهتز ولا تتزعز .
أكثر من داعية ورجل دين صار .. و أكبر من قيادي سياسي و عسكري أصبح .. لقد طغى حضور و تأثير عبدالملك الحوثي على كل ما هو أكبر و أكثر .. بات شخصية تختزل التاريخ و الجغرافيا في أيقونة أمل يتدفق كتدفقه الميداني في اركان الخارطة .. خارطة الجزيرة العربية و الشرق الاوسط كما لم يحدث مع غيره من قبل و لن يحدث .. و لان الظرف الراهن ملتهب و مفصلي .. فهو يدرك أبعاده و يبني تقديراته وفق نظريات و تجارب و معطيات و وقائع .. يرفع نبرة رسائله الساخنة للعدو السعودي و حلفائة المستكبرين و المتغطرين بما لا يمكن ان يسمح لمآربهم بتحقيق غاياتهم على ارض الوطن .. يتعامل معهم كقوات احتلال التصدي لها حتمية الوجوب .. لم يعد حديثه متمحورا حول المطالبة بإيقاف العدوان و بات متركزا على الاستعداد للحرب الطويلة .. يطمئن الشعب بالجهوزية و القدرات القتالية لردع العدو الغاشم .. يدعو للصبر و الثبات و يتهعد بالانتصار للأبرياء و كليل ثورة المستضعفين بنصر عظيم أضخم من المعقول و خارقا للعادة .. و اذا ما كان للمراقب رأي ؛ فالسيد الشاب سيقلب الطاولة على الجميع قريبا جدا قياسا بتعهدات سابقة أطلقها و نفذها أبرزها خلال ٢٠١٤ و يبدو انه جاهزا لتكرارها هذا العام بنمط أوسع و اكتساح مترامي الأطراف .. يدل على هذا و يؤشر اليه نفسية أبوجبريل و قوة شكيمته المتماسكة البأس و الشدة في خطاب الليلة الظاهر عليها خطوات مقبلة بمثابة زلزال للعدو السعودي اولا و من معه من دول الخليج ثانيا و لأمريكا و اسرائيل دون نسيان للمرتزقة في الداخل و ما ينتظرهم من عواقب الأمور .
هل أصبحنا على مشارف الخطوات الإستراتيجية التي هدد بها منذ شهرين ؟! نستطيع الجزم انها ستبدأ إن لم تكن قد بدأت طبقا لما يتخذه السيد عبدالملك الحوثي في أجندته ترتيبا و اعدادا للمعركة الحاسمة المنتظرة بالرغم من حديثه عن القدرة على خوض الحرب لعدة سنوات بذات الصمود الحالي .. حتى و ان كانت الاخلاق و الإنسانية و الشرف عناوين عريضة في كلمته فذلك ليس إلا تأكيدا لرغبته كفارس نبيل في منازلة فرسان يحترمون على الأقل أخلاقيات الحرب .. كما إن تركيزه على قضية منع الحجاج اليمنيين من اداء فريضة الحج هذا الموسم و تعريضه بآل سعود جنبا الى جنب مع ابولهب و ابا جهل تجاه الكعبة فيه من المحفزات للذهاب لأبعد نقطة ما يحتمل المجازفة المحسوبة ناحية الركن اليماني .
كل الممكنات واردة .. خاصة و ما كان صعب المنال قبل عام استحال واقعا معاشا الآن .. و بما ان السعودية كنظام و دولة وضعت نفسها في فوهة المدفعية فلا غريب إن جاء العام القادم و المستضعفين اليمنيين يحتفون بذكرى ٢١ سبتمبر في عسير و نجران و جيزان بنكهة ذات مزاج استراتيجي و رنين مميز بالجديد المشابه لجديد الدعوة التي اطلقها ابوجبريل بخصوص تشكيل مجلس أعيان اليمن كإجراء غير منفصل عن الحكومة المرتقبة و المجلس الرئاسي على مبدأ الشراكة .
لتبقى التمهيدية في اعلانه عن بدء الخطوات الاستراتيجية هي الشغل الشاغل من اللحظة الى انتهاء المعركة .. و اعتماده درجة التمهيد دليل على ارتفاع تدريجي مستقبلي تشرئب نحوه اعناق الترقب .. عوضا عن استحضاره للقضية الفلسطينية و تدارك ما نساه قادة العرب و المسلمين والعدو الاسرائيلي يجوس في المسجد الاقصى هذه الايام .. أما طرحه عن بقاء البات مفتوحا للحلول السياسية للأزمة اليمنية فلا أراه – من وجهة نظر شخصية – سوى اسقاط واجب للإستهلاك الاعلامي .. فالسيد يعرف اكثر من سواه ان الحل السياسي مع هذا العدو الهمجي المخادع و المغرور لا طائل منه .. لذا كان حديث ابوجبريل عن الحرب و المعركة و القتال و الاستعداد العسكري مسيطرا على معظم الخطاب و اكتفى بجملتين عن الحلول السياسية بعد ساعات قليلة من مغادرة وفد يمني مطار صنعاء الى مسقط لخوض جولة جديدة من المفاوضات .. بينما كان اليوم حافلا في جبهات الحرب بمناطق الحدود حيث التوغل لابطال الجيش و اللجان مستمرا في العمق السعودي و منذ الصباح زفت الاخبار انباء اقتحام مواقع و تدمير أليات لجيش السعودية و مثلها في مأرب حيث أسقطت طائرة لقوات الاحتلال و دمرت مدرعات كثيرة .. و الغد القريب سيعكس تأثير كلمة القائد على معنويات المقاتلين بانتصارات متعاظمة كتعاظم أعياد الوطن اليمني بعيد الاضحى و ثورتي ٢١ و ٢٦ سبتمبر و الخيارات الاستراتيجية لا زالت في اول خطوة تمهيدية .