النباء اليقين

لماذا تبددت الآمال سريعا بإنجاز المصالحة المصرية السعودية في ابوظبي؟

مغادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مطار ابوظبي عائدا الى القاهرة، قبل ساعتين من وصول الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، بددت آمالا عريضة حول احتمالات عقد لقاء يجمع الاثنين تحت مظلة وساطة اماراتية تردد ان الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد الامارات، كان يقوم بها لتحقيق المصالحة السعودية المصرية واعادة المياه الى مجاريها بين البلدين.

 

ذهاب الرئيس السيسي الى ابوظبي قبل يومين من بدء الزيارة المقررة للملك سلمان تحت غطاء المشاركة في احتفالات العيد الوطني لدولة الامارات العربية المتحدة، يوحي بأنه كان “مرنا” تجاه هذه الوساطة، ومستعدا للقاء العاهل السعودي، ولكن يبدو ان الطرف السعودي لم يكن على درجة من المرونة نفسها لاسباب ما زالت مجهولة، وان كان ليس من الصعب التكهن بها، وهو عدم رغبته، اي العاهل السعودي، في تقديم اي مساعدات مالية اضافية الى مصر طالما انها تريد اتباع سياسات اقليمية مستقلة عن نظيرتها السعودية، خاصة في الملفات الحساسة مثل ملفي اليمن وسورية..

هناك تفسير آخر يمكن ادراجه حول عدم الرغبة السعودية في المصالحة، وهو الازمة المالية السعودية الناجمة عن تراجع عوائد النفط، وتآكل الاحتياطات النقدية السعودية بشكل متسارع، في ظل نفقات الحرب اليمنية الباهظة، وتفاقم العجز في الميزانيات السعودية الحالية والقادمة.

القيادة السعودية تعتقد انه طالما انها وقفت مع مصر في ظروفها الاقتصادية الحرجة، وقدمت لها اكثر من 35 مليار دولار كقروض ومساعدات ميسرة، فان عليها ان تقدم المقابل، اي الولاء المطلق، ودعم الحروب السعودية في اليمن وسورية، واشهار سيف العداء تجاه ايران، تماما مثلما تفعل الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي، او تلك التي سارعت للانضمام الى “التحالف العربي” الذي اسسته تحت قيادتها، مثل السودان والاردن، والمغرب.

هذه القيادة لم تعد تملك تفويضا مفتوحا من قبل الشعب السعودي، او قطاع عريض منه، “لتبذير” الاموال هنا وهناك، دون حسيب او رقيب، في وقت تفرض اجراءات تقشفية حادة على الشعب السعودي، حسب ما قال خبير اقتصادي خليجي كبير لـ”راي اليوم”.

القيادة المصرية في المقابل تواجه ضغوطا شعبية ضخمة بسبب الازمة الاقتصادية اولا، وعدم وصول الاستقرار الداخلي الى صورته الطبيعية بسبب الحرب في سيناء، واضطراب الاوضاع في الجوارالليبي، والعمليات الارهابية التي تستهدف العمق الداخلي من حين الى آخر، وهذا يمنعها من ارسال قوات الى اليمن للقتال الى جانب قوات وطائرات “التحالف العربي”، او التدخل في الازمة السورية، علاوة على وجود قرار بات يشكل دستور القوات المسلحة المصرية، وينص على عدم ارسال اي قوات للقتال خارج الحدود المصرية، ولغير الدفاع عن الامن القومي المصري.

المسؤولون الاماراتيون يلتزمون الصمت، ويتجنبون الادلاء بأي تصريحات حول تعثر وساطتهم التي لم يعلنوا عنها في الاساس، ولكنهم لم ينفوا العديد من التسريبات المصرية حولها، ولكن انتظار معرفة تفاصيل ما حدث في اليومين الماضيين حول الخلافات، او الاسباب التي حالت دون عقد القمة الثلاثية في ابوظبي مساء الجمعة الماضي، هذا الانتظار لن يطول كثيرا في رأينا، وقد نرى خطوات مصرية مفاجئة تجاه ايران وسورية، وربما في الملف اليمني ايضا، تكون خير تعبير في هذا المضمار.

العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز معروف بغضبه وتشدده، وتأثره، بالحملات الاعلامية، والمصرية منها خصوصا، وهو الرجل الذي حمل ملف الاعلامين العربي والسعودي لاكثر من اربعين عاما، وقبل ان يصبح ملكا، وربما يحتاج الى وقت طويل حتى يتجاوز بعض هذه الحملات الرسمية او غير الرسمية التي عكرت اجواء العلاقات بين البلدين (مصر والسعودية) في الاشهر الخمسة الماضية.

المصالحة السعودية المصرية قد تكون دخلت مرحلة من الجمود، وابرز نجاح يمكن تحقيقه في هذا المجال من الوسطاء هو ابقاؤها كذلك، واستمرار وقف الحرب الاعلامية، مع تسليمنا بصعوبة هذه الخطوة.

* راي اليوم