النباء اليقين

سبتمبر .. واحدية الثورة والانتصار

أحمد حمود جريب

يطل علينا للعام الثاني على التوالي شهر سبتمبر الأغر حاملاً بين جنباته مناسبتين عزيزتين عظيمتين هما ثورة الـ 21 من سبتمبر والـ 26 سبتمبر.

وإن كانت الثانية ضد الظلم والطغيان فالأولى ضد الفساد والمحسوبية والعمالة والإرتزاق والإرتهان للخارج في دلالة واضحية على واحدية الثورتين كونهما نبعتا من حامل واحد وهو الحامل الشعبي وهذا أكبر برهان أن الشعب هو صاحب الثورة وصاحب الحق فيها.

ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر الخالدة حري بنا ونحن نحيي ذكراها الثانية أن نستلهم منها معاني الوفاء والتضحية للشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم فداء للوطن ولكي ينعم ابنائه بالحرية والاستقلال عن التبعية لقوى الاستكبار والظلم والطغيان الإقليمي والدولي وللتخلص من رموز الانبطاح والعمالة والارتزاق الذين لفظهم الشعب دون رجعة.

مر عامين كاملين منذ خرجنا كشعب إلى الشوارع نقول لا للفساد ولا للظلم ولا لشرعنة الإرهاب ولا للخنوع والذل والهوان والصغار أمام الخارج.

مر عامين كاملين منذ طوى الشعب آخر أوراق المفسدين والمتنفذين والمرتزقة وعملاء الداخل وجنرالات الحرب ومشائخ الدفع المسبق للعدوان السعودي.

مر عامين كاملين منذ قرر الشعب أن يعيش بكرامة ويعيش بعزه ويعيش مثل بقية شعوب العالم بعيدا عن الإذلال والتبعية لمرتزقة الداخل ووحوش الخارج.

الآن وبعد عامين مرّا على اليمن بكل أحداثها ومآسيها بفعل مرتزقة الداخل وأعداء الخارج ليس لنا إلا أن نتذكر أهداف ثورة الـ21 من سبتمبر المستمرة ونتذكر التضحيات والأحلام التي انطلق الشعب من أجل تحقيقها ومن هذه النقطة على الجميع أن ينطلق نحو فضاءات التسامح وأن ينسوا جراحهم وأن يتحدوا ضد العدو الخارجي وبعدها يتجهوا نحو بناء الوطن.

وتزامناً مع حلول الذكرى الثانية لهذه الثورة المباركة نقول لآل سعود ودواعشهم ومرتزقتهم.

إننا اخترنا طريقنا لنعيش أحراراً كراما ولن تثنينا طائراتكم عن المضي قدما نحو تحرير كامل اليمن أرضا وإنسانا من تحت عباءة العمالة لكم وسنطهرها من فكركم المريض ليعود اليمن سعيدا كما كان قبل أن يعرفكم الوجود بآلاف السنين.

وتزداد أفراح شعبنا بأعياد ثورته الخالدة توهجاً بالانتصارات والتحولات الكبرى التي تحققت وتتحقق على امتداد مساحة وطن الخير والعزة ومع احتفالاتنا بالعيد الـ54 للثورة اليمنية 26 سبتمبر نكون قد انتقلنا إلى مرحلة مهمة على طريق بناء اليمن الجديد الموحد والديمقراطي المتقدم والمزدهر رغم ما يعانية الوطن حالياً من عدوان بربري واحتلال وحشي إلا أنها مخاضات التغيير لغدٍ افضل إن شاء الله.

ورغم الصعوبات والتحديات الماثلة أمامنا إلا إن الوطن ومعه ابنائه الشرفاء ماضون في استلهام الانتصارات من ثورته المباركة في كل المنعطفات التاريخية التي مرت بها وهي أخطار حقيقية لا تقل عما تعيشه اليمن في وقتنا الراهن وكلها ستبوء بالفشل كما بائت كل المحاولات السابقة ” فالثورة مستمره” والوطن باقٍ وكل المشاريع الهدامة هي إلى زوال.

وعند الحديث عن ثورة 26 سبتمبر نعرف جيداً أن لكل ثورة مقدماتها وأسبابها، فلا تتحرك المجتمعات لإحداث تغييرات كبرى في حياتها إلا لضرورات تقتضي احداثاً وتغيرات، فالمجتمعات تثور لرفع الظلم عنها، أو استعادة حريتها وحقوقها.

و26 سبتمبر ككل الثورات ما قامت إلا لوضع نهاية لدهور من الظلم, والعزلة, والفقر, والجهل, والمرض، وهي مظاهر كانت سمةً سائدةً في حياة الناس قبل قيام الثورة التي جاءت من رحم ظروف قاسية حاولت قوى الخير في مجتمعنا أن تضع لها نهاية، هذه الظروف كلها مجتمعة جعلت الناس يفكرون في الخلاص، وكان هناك من الشباب المدني والعسكري ومن السياسيين المجربين, ومن المشايخ و الافراد، أي من مختلف شرائح المجتمع فئة فكر جميع افرادها كيف يمكن العمل للخلاص من الواقع المريض الذي كان مفروضاً آنذاك على المجتمع.

ولعل نفس الظروف تقريباً كانت مشابهة للواقع الذي كان إلى فترة قريبة من تاريخنا المعاصر فكانت مقدمات لإندلاع ثورة الـ 21 من سبتمبر للقضاء على نفس أمراض العصر التي تقف حجر عثرة امام تقدم الشعوب وازدهارها ومن هذا المنطلق أعود للتذكير لما تحدثت عنه في بداية هذا المقال أن ثورتي الـ 21 من سبتمبر والـ 26 من سبتمبر هما ثورتان خرجتنا من رحم المعاناة الشعبية وعبرتا عن تطلعات وأحلام وإرادة شعب واحد في كل أرجاء اليمن الحبيب.

واحتفالات شعبنا اليمني بالعيد الـ 54 لثورة الـ 26 من سبتمبر الخالدة تجسيد لعظمة الإرادة اليمنية التي لا تقهر في مواجهة الطغاة والظلاميين مهما بلغ كهنوتهم وجورهم وتجبرهم مثبتاً صبيحة يوم الـ 26 من سبتمبر 1962م للعالم أجمع أنه شعب حضاري عريق قادر على كسر طوق التخلف.

إن الثورة اليمنية استثنائية بالنظر إلى الظروف والأوضاع التي قامت فيها، والتي لا يمكن مقارنتها بظروف وأوضاع أية ثورة معاصرة، لذا فإنها ثورة انسانية بكل المقاييس كما أنها ثورة شعبية هب فيها الشعب من اليوم الأول للدفاع عنها من كافة أرجاء الوطن.. منضوياً تحت لوائها جنباً إلى جنب مع قواته المسلحة الثائرة حتى تحقق النصر المؤزر بترسيخ النظام الجمهوري في ملحمة السبعين يوماً المجيدة التي وضعت الحد النهائي لتلك الأوهام التي كانت تحلم بعودة الملكية ووأد النظام الجمهوري في مهده فذهبت أوهامها أدراج الرياح أمام ذلك الصمود البطولي في معركة حشدت لها العُدة والعتاد والامكانيات في تكرار لسيناريو اليوم وكأننا امام نفس المشاهد وتكرار لنفس العدوان.

ونحن نحتفل بهاتين المناسبتين الغاليتين على قلوبنا جميعاً أوجه رسالة لجميع الفرقاء أن عليهم الانتصار لوطنهم ولشعبهم وترك خلافاتهم جانباً وأن يعرفوا أن الشقيق وقت الضيق بينما العدو لا يعرف له أخلاق ولا دين ولا حياة مهما طال الزمن أو قصر.

وأقول لكل الشعب اليمني وبكل فئاته وطوائفه مبارك عليكم ثورتكم المجيدة متمنيا لبلدي وأبناء وطني مزيدا من الأمن والسلام والكرامة والعزة.

وختاماً ونحن نعيش هذه المناسبات المجيدة يطيب لي بأسمي شخصياً وباسم اخواني اعضاء المجلس المحلي لمحافظة لحج وبإسم كافة أبناء هذه المحافظة الشامخة المناضلة أن نرفع اسمى آيات التهاني والتبريكات الى قائد الثورة سماحة السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي والى كافة الشرفاء في شعبنا اليمني العظيم متمنين ليمننا الإنتصار والشموخ.. وكل عام والجميع في عزة وخير.

ـــــــــــــــــــــــــــ

** محافظ محافظة لحج – رئيس المجلس المحلي