النباء اليقين

كيف اشترت السعودية الصواريخ ومن نقلها لـ”النصرة”؟

ما أن انتهى تحليل خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في ذكرى أربعين القيادي الشهيد السيد مصطفى بدر الدين “ذو الفقار”، حتى بدأت ملامح معركة جديدة تلوح بالافق في حلب وعمقها الاستراتيجي.

هي كلمة السر في الميدان الحلبي. المعركة باتت واضحة لدى كل الاطراف، معركة فاصلة في السياسة والحرب بكل ما للكلمة من معنى، أيام طويلة سيكون خلالها محور المقاومة في مواجهة مباشرة مع اتباع السعوديين، هناك في معارك ريف حلب، حيث يشارك بشكل فعلي ضباط سعوديون وأتراك، وغرف عمليات دولية وإقليمية.

هذه الجبهات تلقفت امر البدء من خطاب السيد نصر الله، وانطلقت في تغيير تكتيك القتال والادارة والتحكم بجبهات حلب، فأهمية معركة حلب تتعدى الجغرافيا لتصل الى منحى استراتيجي عبر تكتيكات مختلفة، من اعادة التخطيط والتجمع والتحشيد، ونشر القوات واستخدام اختصاصات جديدة في الحرب البرية ومسرح العمليات العسكرية، والتركيز على الثقل الهجومي على محاور عدة كان ابرزها المفاجأة في الريف الشمالي، ومزارع الملاح، في ترجمة واضحة لهذه المرحلة الجديدة.

 

هذه المعركة والسيطرة جسدت بشكل واضح على ارتباط الثقل الهجومي في حلب بعمق استراتيجي، يتخطى جبهة النصرة ليصل الى الدول الداعمة لها، وقد استخدمت غرفة العمليات المشتركة بين الجيش السوري والمقاومة والخبراء الايرانيين، اسلوب تقسيم المحور الواحد الى عدة جبهات، للاستفادة من الغطاء الناري الكثيف وغير المسبوق، كما حدث في الملاح في ريف حلب الشمالي، ما يمنح الافضلية للقوات البرية بالتقدم والسيطرة والتثبيت، في ظل فقدان الادراك لدى المجموعات المسلحة. هذا التكتيك مكن الوحدات المهاجمة من الوصول الى المزارع الجنوبية للملاح، بعد سيطرتها على الشمالية، ودحر المجموعات التكفيرية في تلك المنطقة.

وقد ساعد تقسيم المحاور الى جبهات الجيش السوري والمقاومة على ايهام المسلحين بان الهجوم سيكون على محور بني زيد، بعد ان تركز القصف المدفعي والجوي على محاور بني زيد والكاستلو، الا ان الهجوم الفعلي كان على جبهة الملاح في المحور الشمالي لريف حلب، وهذا ما يفسر محاولة المجموعات المسلحة فتح المعركة في جبهة الكاستلو، ظناً منها انها اكتشفت الخطة، بينما كانت تسير التحضيرات على مزارع الملاح.

أما الامر الاهم الذي ساعد المحور على تجاوز عقبة الملاح، فهو المعرفة الاستخباراتية الدقيقة بكميات الاسلحة ونوعياتها والتي دخلت الى تلك الجبهات، في محاولة من الدول الداعمة لتحصين تلك الجبهات، وهذا التسليح الكمي والنوعي كان رأس الحربة فيه السعودية وتركيا، ما يؤكد مجدداً ان تلك المعركة هي اقليمية وتتجاوز الجغرافيا، وانها تخلصت من المواجهة غير المباشرة الى المواجهة الاقليمية المباشرة، حيث تشير المعلومات التي وصلت الى غرفة العمليات المشتركة في حلب، الى ان السعودية تجاوزت التسليح الى وجود ضباط لها يقاتلون على الارض مع المسلحين، ويشاركون في إدارة غرف العمليات.

واكدت هذه المعلومات ان تكتيكات المقاتلين وطرق الاتصالات الحديثة ووسائلها، بالاضافة الى التشفير كل هذا لا تستخدمه الا الجيوش التي تدربت لدى الولايات المتحدة الامريكية، اما المعلومات اللوجستية التي حصلت عليها المقاومة، فكانت تشير الى ان جبهة الريف الشمالي لحلب، حصلت على كميات جديدة من الاسلحة تم نقلها عبر تركيا، وهي المزيد من صواريخ “تاو” المضاد للدروع والذي سلم الى قيادة الفرقة 13 وجبهة النصرة، بالإضافة الى تزويد احرار الشام للمرة الاولى بشكل مباشر بأكثر من مئة صاروخ. هذه الصواريخ التي وصلت الى ريف حلب الشمالي كانت جزءاً من صفقة صواريخ ابرمتها السعودية وكلفتها حوالي 900 مليون دولار، لامداد المسلحين بأكثر من 13 الف صاروخ، كما وردت المعلومات لقيادة العمليات بامتلاك المسلحين صواريخ من نوع ” فاكتوري” او التي تسمى “فاغوت” والتي يصل مداها الى اكثر من 2500 متر. وهذه الصواريخ كانت قد سلمت للمسلحين بشكل مباشر من الولايات المتحدة الامريكية، والتي شحنتها من بلغاريا، حيث دفعت السعودية ثمن الصاروخ الواحد حوالي 30 الف دولار، وتولت الولايات المتحدة شحنها، فيما سلمت جماعة نور الدين زنكي وجماعة جند الاقصى مدافع من عيار 152 ملم كانت قد ادخلتها تركيا، لهم وهي مدافع كانت قد اشترتها من الولايات المتحدة الامريكية في وقت سابق.

هذه المعلومات جمعيها تفسر سبب الاستخدام الكثيف للصبائب النارية، والكثافة النارية التمهيدية قبل دخول قوات المشاة، وعدم الاعتماد على الاليات والمدرعات بشكل كثيف، ما افرغ هذا التسليح الجديد من قوته، وجعل المسلحين في حيرة من امرهم، وافشل خطة الولايات المتحدة والسعودية وتركيا، بعد ان سحبت غرفة العمليات المشتركة البساط من تحت اقدام المسلحين، وزجتهم في دائرة خطتها العسكرية التي تستخدم للمرة الاولى، وهذا يفسر فشل وكشف المقاومة لخطط عديدة كانت المجموعات المسلحة تحاول من خلالها استهداف مدينة حلب واحياءها المدنية، وهذا ما يكشف عنه اسلوب المواجهة في جبهة الكاستلو من المحاور الشمالية في ريف حلب.

التقدم الاخير في محور مزارع الملاح يشكل بالعلم العسكري التمهيد الناري لاختراق جبهات بعمق اكثر، واستخدام تكتيكات مختلفة تعتمد على حرب العصابات والعملية المحدودة التي تخطط وفق معلومات استخباراتية، وتؤثر ثأثيراً كبيراً على المسلحين، وهذا ما تنتظره محاور الاشتباك في حلب وجبهاتها، بعد ان تتوافر المعلومات والظروف الميدانية، والتي ستكون اسهل بعد التقدم في الملاح واغلاق طريق الكاستلو، ما يعزز فرص الجيش وحلفائه في خنق فعلي للمجموعات المتمركزة في أحياء حلب الشرقية.

حسين مرتضى – العهد