النباء اليقين

ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ

تتعمد مرويات السنة مناهضة القرءان الكريم ودلالات آياته، فقولهم عن النبي بأنه قال [لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الإفطار وأخروا السحور.] مما دفعهم لتعجيل الإفطار لوقت أذان المغرب.

لكن من ينفذ آيات الله بتدبر القرءان فسيعلم أولا أن أذان المغرب للصلاة وليس للأكل، وسيعلم أيضا ما يلي:

أولا: هل هناك فرق بين المغرب والليل

مايز الله بين الغروب والليل في قوله تعالى:

1. {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى }طه130

2. ويقول تعالى بسورة ق: { فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ{39} وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ{40}

فالآيات تدلل على أن الغروب شيء غير الليل….

• فبالآية الأولى [وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ].
• وبالآية الثانية: [وَقَبْلَ الْغُرُوبِ{39} وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ].

ثانيا: علامات دخول الليل

1. أن الليل بلا ضياء وليس بلا شمس
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ }القصص71.

2. ودليل آخر على دخول الليل وهي رؤية كوكب في السماء، وذلك قوله تعالى:
{فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَـذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ }الأنعام76

ثالثا: دلالات وجود النهار.

أن تبصر الأشياء بوضوح وهذا هو ما يكون وقت الغروب حيث تكون الرؤية واضحة.

1. { الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون (61) } غافر.

2. { ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون (86) } النمل.

3. { هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون (67) } يونس.

4. { وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا (12) } الاسراء.

5. { ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون (86) } النمل.

وكما تعلمون بأننا نبصر الأشياء وقت المغرب بما يعني بأن المغرب ليس من الليل لكنه ما بين الليل والنهار.

رابعا: ما الفرق بين الإتمام والإكمال في الصيام [ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ
].
معنى [أتموا]….ولماذا لم يقل الله [أكملوا الصيام إلى الليل]…فالإتمام غير الإكمال؟.

يعني حين يقول تعالى :[الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً]…..فلا شك بأن الإكمال أمر غير الإتمام وكل منهما له مقوماته.

فما هي مقومات الإتمام المطلوب للصوم وما هو الفرق بينه وبين الإكمال؟…
فالإكمال منصب على نفس الشيء ، لرفع نقص أجزائه أو ثلمه ..أما الإتمام فهو أعم منه لأنه قد ينصب على نفس الشيء وهدفه وغرضه ..فليس الإتمام لشيئ والإكمال لشيء آخر …….لكن يمكن لأمر واحد أن نكمله ثم نتمه.

ولهذا حين ذكرت لكم أن تأخير الفطور من معين التقوى فلأن المطلوب في الصيام هو التمام وليس الإكمال فقط، بما يعني التأكد من تحقق الهدف والغرض من الصيام .لذلك يجب التأخير إلى وقت عدم وجود أثر الضوء وغلبة الظلمة على الضوء….فبهذا نكون قد وصلنا إلى الليل المطلوب إتمام الصيام له
فاذان المغرب لأداء الصلاة وهو مع غروب الشمس، لكن يبقى أثر ضوء الشمس موجودا والرؤية واضحة تماما.

*****وقوله تعالى ……يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ” (فاطر13)….فإن إيلاج الليل في النهار يوجب عليك التحرز لتقيم فريضة [وأتموا] لا أن تتعلل بذلك الإيلاج لتترخص.

فإيلاج الليل في النهار يعني التداخل بين الليل والنهار بما يمكن أن يخلط على الناس وجود الليل أم وجود النهار وأيهما هو الغالب في هذا الإيلاج

لذلك فإن ذلك التداخل يوجب علينا التروي والتحقق والتأكد ….أكثر مما يوجب الترخص والتعجل حتى يمكنا أداء فريضة [وأتموا] الصيام إلى الليل.

لذلك فنحن مطلوب منا الصيام حتى الليل وليس حتى الغروب وهو يكون بعد حوالي ثلث ساعة من أذان المغرب حين يظهر أول نجم في السماء.

وأخيرا أقول

أليس تأخير الفطور إلى غياب حقيقي لأثر الشمس هو مناط تقوى وتأكد….
بينما التعجيل مع وجود أثر الشمس هو مناط شك وتعجل.

• ألا نفرق أبدا بين التمام المطلوب والإكمال الذي نفعله بينما يطلب الله منا أن نتم الصيام إلى الليل….

• ألا نفرق بين أن إبصار الأشياء يعني عدم حلول الليل….
• ألا نعي بأن الليل هو ما لا ضياء فيه….
• وأن دخول الليل يعني أيضا على سبيل الاحتياط أن ترى كوكبا في السماء….

فذلك هو فقه القرءان [دون مذهبية] في تفصيل وتبيان كل شيئ..
فعلى ذلك يكون وقت الإفطار
ــ حين يغلب الظلام الضوء
ـــ وتبدأ الأشياء في التخفي عن الأبصار
ـــ وينتشر السواد أكثر من البياض في السماء
ـــ وتبدأ النجوم في الظهور
وكل هذا يكون بعد مرور حوالي 20 دقيقة من أذان المغرب…..

والصيام يستهدف التقوى فمن العجيب أن يكون أمامك خيار التعجل وخيار التأخير لمدة 20 دقيقة فتستكلف التأخير لعشرين دقيقة وتظن بأنك على تقوى.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي