النباء اليقين

همسة غيمة ممطرة في أذن المستضعف المنتص

 

بقلم الأستاذ / عابد المهذري

………….

تهطل أمطار السحب الحبلى بالبشرى ..

نصرا .. ذكرى .. بصمات جنود الله على الارض الغبرا .

 

تهطل قطرة .. قطرة .. غيم مدرار .. يروي روضات الشهداء ويشفي النفس الثكلى بسكينة سورة عم وتبارك وطمأنينة آية طه والإسراء .

 

هاقد أسرى حادينا .. معراج يقين محفوف بالكهف وياسين وفاطر والاحزاب  .. حلم قزحي مشرق ببريق الزيتون .. غصن سلام يتدلى من فوهة مدفع .. زقزقة عصفور تتموسق في طلقة جرمل .. زغرودة نصر تصدح ملئ الافاق السفلى وسبع طباق تترجرج بصدى الصرخة من حنجرة شعب مستضعف .. اشعث اغبر .. قهر الاحمر والاصفر .. اسقط كسرى .. حطم قيصر .. كسر الاعراب ودمر خيبر .

 

الدنيا لا زالت تمطر .. بلورات بيضاء ورعود .. تغسل قلب الأم وكف الأب .. تداعب خد الطفل وترقص رقص حمائم مكة حول شفاة البهجة .. اذ تتسلل خلسة من ثغر فتاة سبحان الخالق من صورها كفراشة جنة .

 

وغدا صبحا سنطوف طواف الغائب .. سبعة اشواط نسعى بين الصفوة والمروة .. لبيك اللهم ..

لبيك اللهم ..

اللهم والصرخة ..

ان كان يجوز مجازا للرائي تأشير جواز الفتح بتلاوة : إذا جاء … ورأيت الناس … فسبح .. وهاأنذا استغفر وأسبح وأخر سجودا ؛ ركعة شكر .

 

انظر لقبور العظماء .. ما أجملها مبتلة بالماء .. زاهية رطبة .. باردة وندية .. ناعمة خضراء كجثامين الشهداء .. ما ازكى رائحة القبر بعد نسيم الامطار ..

إشحن يا زائر قبر الفرسان صدرك بالغبطة .. إشحنها بالفخر .. ازدد صبرا .. ازدد بأساء .. ارفع كفيك واتلو وادعو ..

واتلو وادعو ..

واتلو وادعو ..

وتذكر صغار البطل الخالد واستذكر سفرا من ايامه .. صفحات كتابه .. نبل سجاياه .. صدقه .. بذله .. جوده وعطاءه .. اطبع صورته في عينيك واغرس ريحانة ؛ بجوار ضريح اليمني الشهم المدفون هنا وتيمم بتراب الطهر العالق بأحجار القبر ..

يمم وجهك شطر الجبهة .. جهة المتراس .. ناحية الخندق .. اخشع للخالق واخفض للشهداء جناح الهيبة والرحمة وصل صلاة كرامة .

 

لا تتحسر او تبكي .. إياك وأن تضعف .. ان تنهار .. ان تتقهقر .. بلورات الامطار تحذرك الغفلة .. تناشدك الفرحة .. كنها فرحة .. كنها ركعة .. كنها دعوة .. كنها روضة .. كنها قطرة مطرة .. كنها خنجر  يبتر جبروت الطاغوت .. سيفا مسلولا بوجه الباطل .. ضربة حيدر تقصم ظهر الاعداء .. تفتت كبد الغازي وجمجمة المحتل .. درسا للباغي .. صفعة للصهيوني المتسعود .. للخائن والمتأمرك .. تنكيلا بحلف الشر الأبتر .. تنكيسا لراية إبليس الأصغر وقرن الشيطان الاكبر .

 

بلل روحك بالامطار .. امطرهم برصاص كتائب جند الله .. اثخنهم هجمات .. زلزلهم قصفا .. زومل .. زغرد .. أنشد .. دندن شعرا .. موالا .. نثرا .. زمجر مثل الليث ومثل الثائر لطف .. ألحان إباء أسطورية .. سطر ملحمة كبرى .. في صرواح ومأرب .. في باب المندب والبيضاء .. في صنعاء وميدي ومتون الجوف وصحراء اليتمة .. أخرس ألسنة العدوان في خوبة جيزان .. ادحرهم في نجران .. مرجحهم شرقا في صافر .. جنوبا في شبوة .. في عمق عسير الجيش يحث السير رويدا رويدا رويدا على خط الركن .

 

دمعت غيمة ..

نبتت وردة ..

انبجست البذرة .. قنبلة ونخلة .. هز اليك بجذع المدفع يتساقط حمما .. بركان قذائف .. تجتثث حصون الظلمة .. تدك خطوط الخصم .. تحرق قواته .. تنسف ابراج القصر .. تطحن اعتى ترسانات العصر بقدم اليمني الحافي ؛وحفيد الأشتر يقاتلهم بيده المبتورة .. كلاشنكوفه عكاز خشبي ..

وذخيرته مصحف .

……

………

………….

عفوا عفوا لقطع الاسترسال ..

لحظة لحظة .. داهمتني هذي الفكرة :

الاسرى وصلوا .. وسموات الدنيا تستقبلهم برذاذ الامطار .. عاد الاسرى مصحوبين بظلال الغيمة وسرب طيور ..

زهر شجيرات الصيف يهدي العائد من خلف الاغلال .. اوسمة شجاعة .. نوط شموخ .. عنقود عنب .. رمانة .. أيقونة .. سيمفونية .. عقود فل .. جعبة بندقية .. قصص استبسال .. ضحكة تينة .. بسمة يقطينة .. رقصة رمش العين على إيقاع فؤاد ينبض لهفة .. ولهان بالمولى .. تواق للقيا .. مشتاق لهبوب رياح الموسم .. وهاقد هبت .. عاتية صرصر .. جعلت بوابة مملكة النفط قاعا صفف ؛ وستجتاح اعاصير اليمني المستضعف إمارات خلايجة الثروة حتى تتركها كالعهن المنفوش .. في اليوم المعلوم وغيوم اليوم المعلوم تخبرنا ان الساعة قد اقتربت وفجر النصر يدنو .. يشدو .. يتدلى من شرفة قمر عرجوني يتكور ايذانا بتمكين الضعفاء المظلومين من حكم المعمورة .. ترجمة لوعد رباني مكتوب في الطور المسطور .. بآيات مكية نرتلها كل صباح .. في غسق التعويذ من غاسق وما وقب .. وعند الشفق وعند السجى وعند الضحى ومطلع ومنتهى كاف هاء ياء عين صاد .

 

الغيمة ما زالت تداعب اذن الأشعث بنبوءات الثلاث المنزلات من ملكوت السماوات العلى .. فيما الأغبر الذي لو أقسم بالباري لأبر .. خجلان محمر الأوجاد يتمتم حوقلة .. تنتاب جوارحه رعشة متواضع .. يقرع بالابهام اطراف اصابعه .. س بحانك ربي .. غفرانك .. حمدا لك .. تهتز جوانحه خوف التقصير .. يخشى التفريط .. تنساب الدمعة من عينيه .. تلعقها النحلة .. ياسبحان الله .. يارضوانك .. يا سبحانك .. وشعيرات الأبدان تقشعر قشعريرة منتصر .. لمهابة مشهد لا يتجسد إلا في حضرة من ذاد جهادا عن رسالة ربه .

 

هل انتم ممن أعطيها .. أم ممن للقاهر باع النفس وانتصب كالطود الشامخ بين صفوف الأجناد المتراصة : هاتوها إني شاريها .

هاك زاربي مبثوثة .. همست أخت الغيمة .. هاك قطر المزن .. نهر السدر .. رحيق الزهر .. لحم الطير .. رحاب عليين .. نور الملائكة .. جنات عدن وما يشتهيه الشهداء المجاهدون .. ورضاب الابطال الجرحى بلسم عذب من ماء زمزم ذات كساء قادم للكعبة برداء الانصار المنسوج بأيادي يمنية قدت من صعدة .

قدت من صعدة ..

قدت من صعدة ..

قدت من ……

…………..

……………..

وتسألني الغيمة .. باحثة عن خيط الشك الفاصل بيني ويقينيات الغيب .. فتلجم حنجرتي ثغثغة العبرة .. ثقة ويقين .. وعي .. إيمان .. قران .. حكمة .. إدراك لا يتزحزح بأن الشعث الغبر .. سيسودن الارض .. سيرسون العدل ويعيدون المجد الآفل للأمة .. ثقة لا تزعزع بالمستضعف .. سيد هذا العصر .. القادر وحده على بلورة الامر .. كيفما يشاء المتعال اذ يصدق عبده وعده … من قبل ومن بعد .

همسة غيمة ..

قدت من صعدة ..

قدت من صعدة ..

قدت من صعدة