النباء اليقين

بقلم/عابد المهذري”عاطفة “الشام” وعنفوان “اليمن” في تجليات “سيد” لبنان”

لم يقم السيد حسن نصرالله بأكثر مما يمليه ضميره .. لقد قام بالواجب .. قال الحقيقة دون زيادة او نقصان وهو يتحدث عن اليمن .. المظلومية والعدوان .. المؤامرة والعنفوان .. الصمود والخذلان .. مستحضرا في خطابه القريب مواقفه مع بلادنا منذ الايام الاولى للقصف السعوامريكي المتصهين حتى اخر مستجدات الساحة الساسية العاصفة باوضاع المنطقة بعدما امتدت شرارة النيران السعودية لتصل لبنان ؛ على حين غرة من بلدان المصالح الذاتية والتموضعات الضيقة .. ما يعيد للأذهان واقعية وجدوائية تحذيرات سابقة للقائد اليمني الشاب عبدالملك الحوثي كان قد اوضحها قبل عشرة اشهر في سياق رؤية بعيدة لزعيم انصارالله عما سيؤول اليه حال المنطقة نتيجة الصمت والتجاهل والتفرجة تجاه العدوان السعودي الغاشم على الشعب اليمني الصامد امام قوات وجيوش نصف العالم .. مستندا في نظرته تلك بما يحققه المقاتل اليمني من نجاحات عسكرية ملفتة ؛ حتمية انتصار الحق على الباطل بعدالة القضية وتضحيات المستضعفين لا بجبروت سلاح الطغيان ومكر وانتهازية السياسيين .. اذ نرى اليوم اوراق اجندة الساسة تتبعثر ومشاريع دهاقنة الدبلوماسيين تتعثر مساراتها .. فيما يتماسك الصف الوطني ويتصلب بشكل اقوى خندق الجبهة الجهادية على درب الخيار الايماني الوحيد : المواجهة .

سيمفونية النصر اليمني

مواجهة العدو .. اعداء الامة الاسلامية وخصوم البشرية والانسانية من دول الاستكبار وادوات الارهاب وعملاء الاحتلال .. حيث تتصدر اليمن في هذا المضمار قائمة الاحرار الرافضون للتبعية .. الكافرون بالاذعان والرضوخ والاستسلام .. المؤمنون فقط بالوعد الالهي : اني مظلوم فانتصر .. امة يمنية قرانية تشق طريقها النضالي بملاحم اسطورية تؤسس للمستقبل نظريات وقواعد جديدة في ابجديات التحدي ومعاني المقاومة .. كما تصنع للعالم تعاليم سيحتاجها مهما تقادم الزمن .

من هنا تتجلى عظمتنا كيمنيين مستضعفين قدموا قوافل الشهداء .. ارواحا طاهرة ودماء ابطال شجعان .. ليبلوروا سيمفونية روحانية خالدة عنوانها الدفاع عن الدين والوطن .. الفضيلة والاخلاق .. الحرية والشرف .. العدل والمساواة .. الكرامة والعزة .. الصدق والنزاهة .. العروبة والاسلام .. استلهاما لمنهجية الرسالة المحمدية في مقارعة الهمجية والظلم والهمجية واصلاح معايير الاختلال المجتمعي بارساء ثوابت سماوية نصت عليها الديانات بالاجماع على هامش صراع الخير والشر .. الشيطان والانبياء .. امريكا واسرائيل والسعودية والماسونية والقاعدة وداعش وكافة اشكال البربرية .. حين تجتمع في خندق حرب واحد ضد يمن وشعب الحكمة والايمان ووطن الانصار والمستضعفين .. رمانة ميزان هذا العصر الذين سيكتب النصر على اياديهم ذات يوم قريب يتداعى بمرور الوقت وتداعيات انقلاب الطاولة وتغير المعادلة بمستجدات وارهاصات واضطرابات تنذر بعالمية ثالثة .. حاملة مؤشرات ومفاجات وتعقيدات تهدد الكبار بالخطر .. لم تكن موجودة او يحسب حسابا لتطوراتها وخروجها عن السيطرة والتحكم قبل العدوان على اليمن .. ولم تكن لتتلخبط وتتخبط على النحو الراهن لولا الانجاز اليمني العظيم .. صمودا شعبيا وقدرات عسكرية في الميدان .. انعكست تاثيراتها بما نشاهده الان على مستوى الشرق الاوسط والجزيرة العربية من احتقان قطبي متفاقم المخاض مجهول المصير ومشتت الافق .. تتجاذبه اطماع الدول العظمى وتكتلات قوى شتى وسرعان ما سيزلزل ويهز بلدان اوربا وافريقا والولايات المتحدة وشرق اسيا .. وتبقى الكلمة الفصل لليمن .. اولا واخيرا .. مبتدا وخبر .. سؤالا واجابة .. اصلا وفرعا .. واقعا وخيال .. بداية المعركة ونهاية الحرب .

سيوف الحق وطاولات المصالح

ليس زعيم حزب الله اللبناني وحده من يتحدث باهتمام بالغ عن اليمن واليمنيين .. قادة وزعماء العالم بأسره مشغولون بالملف اليمني والقضية اليمنية كل من زاويته ونظرته .. سلمان المملكة واوباما البيت الابيض ونتنياهو تل ابيب وسيسي مصر وبوتين الكرملين وبشير الخرطوم وهولاند باريس ومستشارة برلين ومجلس الامن وتنين الصين وامراء النفط وروحاني طهران والامم المتحدة والاسكندنافيون والناتو واردوغان والماسونيون واليهود وبلدان المغرب والمشرق والسند والهند مهتمون بالاحداث في بلادنا حتى وان لم نشعر نحن او دون ان يظهر منهم حجم اهتمامهم لاسباب ودواعي يتحكم الاعلام والبروتوكول بغربلتها حسب معيار المصالح .
تلك المصالح التي تجعل كل هؤلاء او معظمهم يتواطؤن ضد اليمن وينحازون للعدوان .. بالمشاركة المباشرة في عملياته القتالية وجرائمه الانسانية ..او بالصمت والحياد والمتاجرة بالمظلومية اليمنية بأساليب متنوعة وطرق عديدة تكشفت بجلاء لا يشوبه بهتان طوال قرا بة العام من اقبح حرب عدوانية تشنها السعودية وامريكا وحلفائهما على اليمن ولا من احد يسعى لايقاف العدوان بقدر ما يسعون جميعا للاستفادة والتكسب واطالة الحرب للحصول على المكاسب .. صفقات اسلحة .. ثمن ولاءات .. عقود نفطية .. تسويات سياسية .. ضغوط وابتزازات حقوقية .. تأجيج نزاعات طائفية .. ترويج مفاهيم ايدولوجبة وثقافات هجينة .. والافضل حالا وموقفا بينهم يؤنبه الضمير تجاه اليمنيين ويشعر بالتقصير .

عزف المقاومة الوجداني

السيد حسن نصرالله الوحيد في الطابور الطويل والجمع المتلاطم الذي استشعر المسئولية بنوايا صادقة عبرت عنها عاطفته الجياشة تجاه اليمن .. حينما تضمن خطابه الاخير من التعابير ما يثلج الصدور ويبهج الاسارير ..فمن اول خطاب له عن اليمن استتذكره مؤخرا واعاد التذكير به في خطابه الاخير المتركز على الشأن اللبناني .. بدت عاطفة ابوهادي مرهفة الاحاسيس تنبعث ترانيما من سويداء قلب رجل مكلوم على اوجاح اهله واخوته اليمنيين و بكلمات وجدانية تحمل ايضا بين طياتها نبرة الفخر و الاعتزاز بهم .. ليضيف لمعزوفته الاولى لتى لا تنسى :” اذا لم يكن اليمنيون هم العرب فمن العرب ” معزوفة اخرى :” اعظم موقف في حياتي هو وقوفي مع اليمن ” ؛ وبين الخطابين ومن ثنايا استذكار سيد مقاومة الشام لما ترنم به قبل 11 شهر دلالات لا يغفل عن رصدها مراقب حصيف .. اذ لا شك ان خطاب للسيد عبدالملك الحوثي في بداية العدوان تكلم فيه عن استراتيجية اليمنيين لمواجهة العدوان وألمح الى ابعاد المخطط المستهدف لبلدان غير اليمن وتلويحه بورقة تغيير شكل المنطقة ضمن رسائل عديدة بعثها ابوجبريل لدول وشعوب الجزيرة والاوسط .. كانت حاضرة في ذهن السيد حسن في كلمته الاخيرة وقد صار يرى تسارع عجلة الاحداث وبلوغها بيروت بقطع المساعدة السعودية لجيش بلاده وتحضير ال سعود لهجوم بري على سوريا وعاصفة حزم وحرب ثانية على الضاحية ومحيطها وادراج حزبه في قائمة الارهاب بذات التهمة :” ايران” خدمة للمصلحة الاسرائيلية .. جسدت بالبرهان القاطع صواب النظرة الثاقبة لذلك الشاب اليمني القائد ابن بدرالدين .. خاصة وان روابط العلاقة بين السيدين عبدالملك ونصرالله مبنية على شيئ ما يشبه العاطفة الابوية بين مجاهد شهم يخطو في الستينات وبطل ثلاثيني خلوق وشجاع .. فلا لقاء مباشر تم بينهما وليس سوى الاعجاب والتأثر والاقتداء شيء اخر ينسق هذه العلاقة الحميمية الجارفة المرتبطة العرى بجسر من تلاقي الارواح يمتد من شمال اليمن الى جنوب لبنان .. متجاوزا حدود الاعداء وناسفا لكل المحاذير وتضاريس الجغرافيا والطبوغرافيا جاعلا من العنفوان عنوانا لرسم حدودا مختلفة وصناعة تاريخ جديد كما نشاء نحن لا كما يريد ويخطط ويحلم الاعداء

اواصر العلاقة بين سيدين

خصوصية العلاقة بين اليمن ولبنان .. المقاومة وواحدية المشكلة .. الخروج عن المالوف والشموخ .. الجهاد بالبندقية والكفاح المسلح بالايمان .. عداء اسرائيل والتمرد على الامريكان .. علاقات تستند الى تقاليد وضوابط يفرضها الواقع بلا تخطيط مسبق او غايات وترتيبات خطط لها من قبل كما قد.يفهم بعض المحللين والخبراء .. القاسم المشترك في العلاقة هو القضية الجامعة .. الامة والمستضعفين .. القران وكربلاء .. الاقصى والحرمين الشريفين .. بيد ان قواسم غير هذه تفرزها معطيات الصراع حسب الظروف والتعاطي الخاص بكل طرف تجاه كل حدث هنا او هناك .

لن انجرف عاطفيا وراء خطاب السيد حسن نصرالله كيمني يشعر بالخذلان العالمي تجاه مظلوميته ووطنه واندفع لتقديس اي صوت متضامن مع بلادي وشعبي .. مع ان شخص مثل فارس حزب الله حدير بالتقديس وبما اكنه من الاجلال والتعظيم لشخصية بمقام السيد حسن نصرالله .. فاني ككاتب وصحفي اتعامل مع الموقف من زاوية سياسية بحتة ومغايرة كحق لصاحب وجهة نظر يكن احتراما وتقديرا ضخما للسيد حسن .. الا ان تعظيمي لليمن لا حدود له .. تعظيم وقدسية تتوازى بذات القدر لقائد يمني ثائر يخوض بالمستضعفين الشعث الغبر غمار المستحيل .. يواجه بهم جبابرة الكون وينتصر بهم على نصف العالم .. وبهم يتهدى اقوى واغنى دول الدنيا .. وحيدا اعزل من اي اسناد او حليف غير الله يعيد لليمن ارضا وانسانا ودولة وكيان الاعتبار والمكانة اللائقة بها بين الامم .. بما تيسر من الأيات وبالصبر والعقل والحنكة والنفس الطويل يدير معركة الاجيال ضد الطغاة الى يوم القيامة ليقترن موعد قيام بانتصارنا ولنا الفخر .

 

دروس المخضرمين الميدانية

من تجربة السيد المقاوم حسن نصرالله في حربه مع الاسرائليين .. يفهم عظمة القدرة اليمنية وهي تواجه الجيش السعودي وتنتصر عليه وتذله .. تسليح قوات السعودية يوازي تسليح القوات الاسرائيلية عتادا وقوة عسكرية ومقدرات متطورة .. فار ق لقوة والتسليح بين الجيشين اليمني والسعودي يفهمها السيد حسن نصرالله بشكل يفوق اي خبير عسكري .. واذا ما اضفنا لضخامة القوة العسكرية السعودية قوة 11 دولة مشاركة معها عسكريا في العدوان على اليمن و اكثر من 20 دولة تسندها بقوة دعم لوجيستي متنوع .. ندرك اسباب العاطفة القادمة من صدر مقاتل ورجل حرب كالسيد حسن تجاه اليمن .. انها حالة اعجاب وانبهار يعبر عنها بوجدانية يمكن وصفها بالوجدانية السياسية حين تنعكس موقفا وخطابات حماسية تكسر رتابة التصلب الانساني وتكسر قيود الحسابات السياسية .

ذات الحالة تلتعج بها نفسية السيد عبدالملك الحوثي ونفس كل يمني غيور وحر ونقي سريرة .. ولو راجعنا الموقف اليمني تجاه قضايا الامتين العربية والاسلامية سنجد صفحات يمنية ناصعة وايادي بيضاء واضبارات اباء وكبرياء مع فلسطين ولبنان وسوريا والعراق وايران وكل ملف وكل قضية في العشر السنوات الماضية على سبيل التقييم .. ولازال الموقف هو ذاته حتى مع المصطفين الى جانب تحالف العدوان كدولة ابومازن ونظام مصر .. من هنا يأتي حصاد المواقف وتقلبات الاصدقاء كاستثناءات يمكن تاصيلها كحصيلة وجزاء عما اقترفته انظمة يمنية سابقا في حالات مشابهة نسبيا للواقع الراهن .

 

الاهم من الامتنان والثناء لشهامة السيد حسن هو الاحتراز من الرهان على الخارج مهما كان مغريا وبراقا .. فلا الدب الروسي ولا النووي الايراني ولا حتى الانبطاح والاستسلام سيجنبنا تلابيب المؤامرة .. ولن يوقف العدوان ويردع العدو هاشتاق في الشبكة العنكبوتية او وقفة احتاجية بعواصم الغرب .. فالكلاشنكوف المعلق على اكتاف حفاة الاقدام وحده من يجب الرهان عليه بعد القوي المتعال