النباء اليقين

الحضور الصمَّـادي في وجدان اليمنيين

زينب إبراهيم الديلمي

في ذكراه يتجدّدُ الفَقْدُ والحُزنُ، والأسى يأسرُ مُحبيه بقيودِ التأسف على الحال التارك للفؤاد قاعاً عميقاً من الافتقار إلى رجالٍ تأسوا وتأسّسوا بثقافة القرآن ومسيرتها الجليّة وتربَّوا في كنفها، وَ”صمَّـادنا” كان أُنموذجاً لتلكَ الخِصال التي تشبّثت أنامِلُها بنورِ الكرامة وتزوّدت محطتها بوقود الهداية.

عرفناه إنساناً يُشاطِرُ شعبَه كُـلَّ مشاعرهم وَأحوالهم، عرفناهُ مُجاهداً في أوائلِ صفوفِ المواجهة في ميادين التنكيل، عرفناه نزيهاً في مسؤولياته، رافعاً أثقالَ الصّعوبات عن كاهلِ وطنه.

عرفناه متواضعاً بمنصبه الذي يراه تكليفاً لا تشريفاً.. وَيرى بأن أشرفَ ما يُمكن للمرء فعلُه هو مسحُ الغبار من نعال المُجاهدين، وأنها خيرٌ وأقومُ من مناصب الدنيا وملذاتها وكل ما فيها.

عرفناه رئيساً وقائداً بادر بمشروعِهِ التي تطلّعت مآلاتُ أهدافها في نهضة يمنٍ قويٍّ مُناهضٍ لجشع القراصنة الأمريكان وجلاوزتهم الصّهاينة وألعوبتهم السعوديين والإماراتيين.

عرفناه شهيداً كان جُلَّ ما رجاه وطلبه أن يُصبحَ خَليلاً للشهداء ورَفيقاً للأولياء وجليساً للأنبياء، حتى ظَفِرَ بها في توقيتٍ كانت كمائنُ الأعداء تترصّده عن كثب.

وكيف لنا أن ننسى من حضر في وجداننا واستقر أرجاءَها؟!، كيف لنا أن ننسى تلك الفاجعةَ وتناهيد الوجع وتمتمات الألم عاجزة عن السّرد؛ حزناً على ما اعتراها من هول الفراق المُتجدد في كُـلّ ذكرى!

صمَّـادَنا.. مهما أحصينا سماتِك في مُجلدات الكتب فَـإنَّ الشُّحةَ تعصفُ بنا كُـلَّما أردنا أن نفيَ بحقك.. وما أحوجنا حقاً أن نتأثرَ بمآثرك ونغترفَ من ينبوع بطولاتك العذبة ولو بجزءٍ يسيرٍ منها، ونحن على يقينٍ بأن لا أحد يُضاهيكَ قَطُّ، ورجاؤنا من الله أن يأتي بمثلك؛ لأَنَّ نهجك نُحِتَ على أرشيف المجد، وسناكَ توهج ضياؤه في ضفاف العطاء.. ومشروعُك رتّل على مسامع الأشهاد بيّناتِ التضحيات.

سيبقى الرئيسُ الشهيد “صالح الصمَّـاد” حياً في قلوب اليمانيين وصوتاً يصدحُ في ضمائرهم؛ ليوقظوا بها كُـلَّ من غفلوا عن أحقية فكره ومشروعه.