النباء اليقين

عبدالسلام: الأمم المتحدة تخسر إنسانيا وسياسيا في اليمن

هجوم لاذع هو الأول من نوعه منذ العدوان على اليمن يشنه رئيس الوفد الوطني اليمني محمد عبد السلام يطال رأس المنظمة الاممية وأمينها العام انطونيو غوتيرش.

عبد السلام طلب إلى غوتيرش السكوت وقال في تغريدة على صفحته بتويتر الأسبوع الماضي “أن من يرفع السعودية من قائمة قتلة الأطفال لا يحق له مطلقا التحدث باسم الإنسانية”.

تغريدة كبير المفاوضين السياسيين في صنعاء أتت في معرض الرد على الادعاءات الأممية وادعاءات تحالف العدوان على اليمن حول خزان صافر – وبالمناسبة في الآونة الأخيرة لم يعد اليمنيون قادرون على التفريق بينهما، فيما يتصل بخزان صافر وملفات خلافية عديدة مؤخرا.

رئيس الوفد الوطني المفاوض أكد أن التحالف ليس بمحل المدعي في قضية خزان صافر بل هو في موقع المتهم وصانع الكارثة إن وقعت منذ 6 سنوات، وكذلك الامم المتحدة التي سكتت هي الأخرى طيلة 6 سنوات عن منع التحالف تزويد الخزان العائم بالوقود لتشغيله وصيانته، وتركه ليتدهور وضعه.

عبدالسلام في تغريدته أعاد تصويب مسار قضية صافر ووضع النقاط على الحروف” سفينة صافر منع عنها الوقود لتشغيلها منذ بدء العدوان، ومع مطالباتنا المستمرة لتقييمها وإصلاحها إلا أنها تقابل باللامبالاة والرفض، ذلك أن من يفرض حرب إبادة على شعب بأكمله ويفرض عليه أشد الحصار لا يبالي بمصير سفينة، ومن رفع قتلة الأطفال من لائحة العار لا يحق له الحديث باسم الإنسانية.”

وبالمناسبة تغريدة رئيس الوفد الوطني تأتي بالتزامن مع الذكرى ال 2 لمجزرة طلاب ضحيان التي ضج لها العالم، وذرفت منسقة الأمم المتحدة في صنعاء ليزا غراندي الدموع خلال زيارتها إلى مشافي صعدة للوقوف على هول المجزرة، طولبت حينها وأيدت إجراء تحقيق نزيه وشفاف حول الجريمة، لكنه لم يأت بالرغم من مرور عامين على الجريمة النكراء التي راح فيها أكثر من 40 طفلا لم يتجاوز أكبرهم الثانية عشرة من العمر بينما كانوا في رحلة مدرسية.

ويبدو أن غوتيرش الحريص على ود الرياض فلم يتخلف عن مؤتمرها الهزلي لدعم اليمن مؤخرا، أوكل مهمة التحقيق فيها للمجرم الذي خرج بنتيجة هزلية مفادها وجود هدف بالجوار مستغلا العالم الذي يعرف بأن القصف جرى وسط سوق مكتظ وليس في معسكر أو بجوار موقع عسكري، مع أن وجود أطفال ادعى لإلغاء الهجوم يفعل ذلك شرفاء القتال.

وبالرغم من هذه الجريمة وعشرات الجرائم المماثلة سقط فيها آلاف الأطفال اليمنيين ليبلغ عدد الشهداء والجرحى من المدنيين زهاء المائة الف وفق تقديرات منظمات مجتمع مدني، فقد مضت الأمم المتحدة وأمينها العام في إخراج السعودية من قائمة العار لقاتلي الاطفال مستغلا انشغال العالم بأزمة كورونا، لكن منظمات دولية فطنت لهذه الفضيحة الأممية المدوية والوقاحة التي صبغت فعل أمينها العام الحالي والذي لم يمتنع عن المشاركة في مسرحيات هزلية لتبييض وجه السعودية وآخرها مؤتمر الرياض.

ووفقا لتقرير الأمم المتحدة السنوي حول الأطفال والنزاعات المسلحة الصادر في يونيو الماضي فإن التحالف بقيادة السعودية مسؤول عن مقتل 222 طفلا يمنيا وشن 4 غارات على مدارس ومستشفيات في اليمن في 2019م، ومع ذلك أقدم الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش على إزالة اسم السعودية من قائمة العار التي تضم الأطراف المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال.

وقالت جو بيكر مديرة المناصرة في قسم حقوق الأطفال في هيومن رايتس ووتش ” جلب الأمين العام للأمم المتحدة العار على الأمم المتحدة عبر إزالة التحالف بقيادة السعودية من قائمة العار، حتى مع استمرار التحالف بقتل وجرح الأطفال في اليمن “.

وأضافت بيكر: أزال بان كي مون الأمين العام السابق القوات السعودية من قائمته للعام 2016م، بضغط من الحكومة السعودية، لكن يحسب له أنه انتقد علنا الابتزاز السعودي للأمم المتحدة عبر التهديد بالتوقف عن تمويل برامج الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين وغيرها.

وأكدت هيومن رايتس ووتش إن نهج غوتيرش يتعارض مع النداء الذي أطلقه مطلع العام 2020م بشأن احترام القانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان، غير أن قراره بإزالة دول من القائمة والتغاضي عن أخرى مسؤولة عن ارتكاب انتهاكات خطيرة بحق الأطفال يثير تساؤلات حول مدى التزامه بمحاسبة الدول علنا عن هذه الانتهاكات.

وأضافت المنظمة بأن “الأمين العام الحالي للأمم المتحدة يواصل مغازلة الدول القوية، ويستمر بتجاهل الدعوات المتكررة إلى إصدار قائمة ” عار” مبنية على الأدلة وتعكس بدقة الأدلة التي تمتلكها الأمم المتحدة”.

انفجار بيروت أتى ليضيف مزيدا من النار المشتعلة إلى قضية خزان صافر الذي يحوي نحو 1،4 مليون برميل من النفط الخام، ويقدر الخبراء أن خزان صافر العائم فيما لو انفجر فإنها ستعطل موانئ اليمن والسعودية على البحر الأحمر، عوضا عن تأثيراتها البحرية والبيئية السعودية وستعيق إلى حد كبير حركة السفن قبالة السواحل اليمنية والسعودية.

وفود أوروبية سبق لها زيارة صنعاء للتباحث معها حول خزان صافر ظهر فيما بعد ارتباطها بمهمة المبعوث مارتن غريفث.

تتمسك صنعاء بدخول طرف وسيط للقيام بعملية التقييم لصافر وعلى ضوئها تجري عمليات الصيانة، وفي هذا السياق ثمة معلومات متقاطعة لدى صنعاء ونوايا أكثر وضوحا لدى التحالف حول إشعال معركة الساحل الغربي ونقض اتفاق السويد، وبقاء خزان صافر بما يحمله من نفط قد يفشل العملية العسكرية التي يخطط لها التحالف، ويراد للأمم المتحدة أن تلعب دورا بإزالة هذا التهديد تحت غطاء إنساني ليس إلا، وهو ما يتطابق مع ما ذهب إليه رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام حول سبب الاهتمام المشترك والمفاجئ للأمم المتحدة والتحالف بقضية خزان صافر.

انتقاد كبير المفاوضين اليمنين اليوم للأمم المتحدة وقبلها بنحو أسبوعين دعوة رئيس المجلس الأعلى لتنسيق المساعدات والتعاون الدولي عبد المحسن الطاووس الامين العام للأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة إلى الحياد وكشفه في مؤتمر مشترك مع وزارة الصحة عن انسحاب منظمات أممية من مهامها الإنسانية بغية الضغط على صنعاء بالتزامن مع احتجاز التحالف لسفن المشتقات النفطية منذ ما يزيد عن 4 أشهر، يشير بوضوح إلى أن الأمم المتحدة باتت تخسر إنسانيا وسياسيا في اليمن.

وانتقاد عبد السلام اللاذع لغوتيرش بعد أقل من أسبوعين على لقاء صحافي انتقد فيه مبعوثه إلى اليمن مارتن غريفث لا يحتاج إلى كثير تحليل أن انحراف غريفث عن مهمته جزء من انحراف كلي للمنظومة الأممية عن مهامها في اليمن سياسيا في صنع السلام وانسانيا بإغاثة الشعب اليمني المحاصر دون شروط وإملاءات سياسية يفرضها تحالف العدوان.

المؤشرات تبدوا واضحة في اتجاه حالة طلاق كامل بين صنعاء والأمم المتحدة الحريصة على الحصول على اموال السعودية كما يفعل ترامب تماما، مع فارق أن الأخير يأخذها ويهين ملكها فيما غوتيرش ومنظمته يهينان الأمم المتحدة إكراما للرياض .

وأيا يكن صعوبة الوضع الذي تقبل عليه اليمن في ظل الحصار، وانسحاب أممي بدء بتقليص برامج المساعدات تباعا وصولا لنحو 80 %، فإن الأمم المتحدة في ظل أمانة غوتيرش قد خسرت سمعتها و‘نسانيتها في اليمن، ولا يعلم مستقبلا مدى بقائها أو الثقة بها مجددا من قبل الشعوب والحكومات حول العالم، ومن غير المستبعد كذلك أن يؤول مصيرها إلى ما آلت إليه عصبة الأمم.