النباء اليقين

3 مليارات دولار فاتورة استيراد القمح سنوياً

القمح والدقيق من أبرز السلع التي تستنفد النقد الأجنبي وتحتل المرتبة الأولى من بين 30 سلعة مستوردة

“” صحافة “” الثورة

قدرات محلية لإنتاج القمح محلياً بكمية تصل إلى 114 ألف طن وبنسبة 107.7 ضعفاً
3.4 مليون طن متري الفجوة الغذائية للقمح في ظل إمكانيات زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي إلى 12.4 %
معركة الأمن الغذائي هي المعركة الأهم والأكبر وهي الأخطر مع أعداء اليمن والأمة الذين عملوا بكل الوسائل والطرق والأساليب على تدجين شعوبنا لزمن طويل حتى تحولت إلى شعوب ودول تعتمد في غذائها على ما يصل من الخارج وتستهلك دون أن تنتج برغم وجود الإمكانيات الطبيعية والجغرافية والبيئية والمناخية والموارد المحلية التي تمكن الناس من الزراعة وإنتاج غذائهم من أرضهم، وبلادنا اليمن أرض السعيدة أحد هذه النماذج المؤسفة التي جعلها الأمريكان والصهاينة والرأسمالية والماسونية الغربية عبر أنظمة عميلة إلى بلد يستورد أكثر من 95 % من غذائه الاستراتيجي من الخارج برغم أننا بلد زراعي منذ الأزل البعيد هذه الحقيقة تؤكدها التقارير الرسمية والأرقام المهولة التي تستغرقها اليمن سنويا في فاتورة استيراد محصول القمح وفجوة الغذاء بين الإنتاج المحلي والاستيراد، وفي ظل المعركة المصيرية التي يخوضها شعبنا ضد قوى الشر العالمية والرأسمالية الغربية فإن معركة الأمن الغذائي هي الأهم والتي يجب أن تبدأ من خلال توطين الوعي الاستثماري لدى رأس المال الوطني في التحول من الاستيراد الخارجي إلى الاستثمار والإنتاج المحلي، وهذا يحتاج إلى ثورة وعي وطنية نخبوية وشعبية وذلك في ظل وجود قيادة ثورية وسياسية وطنية تحمل هذا الهم وتتبنى هذا التوجه الوطني الاستراتيجي، فلاشك أن الانتصار في معركة الأمن الغذائي ممكن جداً.. هذه الضرورة والواقع تعكسهما التقارير الرسمية.. فإلى التفاصيل:

وصلت الفجوة الغذائية في القمح عام 2017 إلى حوالي 3.4 مليون طن متري بينما قدرت نسبة الاكتفاء الذاتي بحوالي 2.8 % فقط ووفقاً لتقارير المستجدات الاقتصادية والاجتماعية الصادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي فإن مادة القمح أصبحت من أهم المحاصيل الغذائية المستوردة بواسطة القطاع التجاري الخاص، أو في شكل معونات إنسانية الأمر الذي يعكس خللاً جوهرياً في تأمين سلعة القمح الاستراتيجية للمواطن اليمني، وأنه رغم الجهود التي بذلت لزيادة الرقعة الزراعية إلا أن الفجوة الغذائية لم تجد معالجات مستدامة ومازالت كبيرة للغاية وتتسع باستمرار في ظل محدودية الإنتاج المحلي وتزايد عدد السكان وتنامي الطلب على الواردات وهو الأمر الذي يزيد من حجم التهديدات التي تواجه الأمن الغذائي في بلاد يقاسي نحو 53 % من سكانها “15.9 مليون شخص” من انعدام الأمن الغذائي الحاد ما يستدعي دراسة خيارات السياسات اللازمة لتغيير النمط الاستهلاكي في الوجبة الغذائية وزيادة الإنتاج المحلي من القمح.

المرتبة الأولى
ووفقاً للتقارير فإن واردات القمح والدقيق تعتبر من أهم السلع غير النفطية المستوردة التي تستنفد النقد الأجنبي وتشكل المرتبة الأولى بين أهم ثلاثين سلعة مستوردة عام 2016م وتمثل ما يقارب ثلث قيمة الواردات الغذائية الزراعية، وشكلت 9.6 % من إجمالي واردات السلع في المتوسط خلال الفترة 2011 – 2016م وتقدر فاتورة استيراد القمح والدقيق حالياً حسب التقارير بأكثر من 700 مليون دولار سنوياً وهي أكثر من ذلك بكثير كما يبلغ عدد مستوردي القمح النشطين حوالي 6-7 مستوردين في اليمن ما يعكس حالة الاحتكار التي تسود سوق استيراد القمح والتي تأتي معظم كمياتها من أستراليا وأمريكا وروسيا، بينما تقارير أخرى تشير إلى أن فاتورة استيراد القمح تصل إلى أكثر من 3 مليارات دولار سنوياً حسب الإعلام الزراعي والسمكي.
وأشار تقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي إلى أن المستوردين يواجهون العديد من الصعوبات بسبب الحرب على اليمن بما فيها ارتفاع تكلفة التأمين على الشحنات والتأخر في اصدار تصاريح الموانئ وإجراءات التخليص الجمركي وانخفاض قدرات الموانئ وانقسام السلطة النقدية وعجز البنك المركزي عن تمويل واردات السلع الأساسية بسعر صرف رسمي وصعوبة الحصول على العملة الصعبة والوصول إلى الخدمات المصرفية الدولية، ناهيك عن تحويل مسار السفن إلى الموانئ التي يسيطر عليها مرتزقة العدوان وتضاعف تكاليف النقل وتأخير السفن في عرض البحر وغير ذلك من الصعوبات ما يعد فرصة للمستثمرين والتجار في التحول نحو الاستثمار وإنتاج القمح في الداخل عبر تبني مشاريع في هذا الجانب الاستراتيجي المهم خاصة وان التوجه الرسمي موجود ويبقى توجيه الوعي التجاري والاستثماري في التحول من التجارة والاستثمار مع الخارج إلى التجارة والاستثمار داخل الوطن لاسيما وأن هناك فرصاً استثمارية وجدوى اقتصادية موجودة وكافية فيما يتعلق بإنتاج وزراعة محصول القمح في اليمن.

جدوى اقتصادية
ووفقاً لدراسة حول الجدوى الفنية الاستراتيجية والاقتصادية لإنتاج القمح نفذتها وزارة الزراعة عام 2016م فإن المنطقة الشرقية والمرتفعات الجبلية (الشمالية الوسطى) تعتبر من أهم المناطق الواعدة لزراعة القمح في البلاد، حيث تتمتع المنطقة الشرقية على وجه الخصوص والتي تشمل محافظات مارب وحضرموت والجوف بمزايا فريدة عن سواها من المناطق اليمنية كوفرة المياه الجوفية وقابلية إدخال الميكنة في العمليات الزراعية مما يؤهلها لزيادة إنتاج القمح بعوائد مجزية تصل إلى 114.000 طن أي بأكثر من ضعف مستوى الإنتاج الحالي بنحو 156.6 % وذلك من دون تغير كبير في المساحة المزروعة بنسبة 22.4 %.
وبحسب تقرير المستجدات الاقتصادية والاجتماعية لعام 2018م الصادر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي فإن بعض مناطق المرتفعات الجبلية مثل محافظات إب وذمار والبيضاء والمحويت تتميز بتوفر مصادر المياه الجوفية وقابلية إنتاج القمح في موسمي الشتاء والصيف وتتمتع بإنتاجية عالية يمكن أن تبلغ 5 أطنان للهكتار وتوجد فرصة غير مستغلة لزيادة إنتاج القمح في المرتفعات الجبلية بحوالي 122.3 % عن مستواه الحالي بالتزامن مع زيادة المساحة المزروعة بحوالي 27.6 %.

فرص واعدة
وأكد التقرير وجود فرصة كاملة غير مستغلة لزيادة إنتاج القمح في هذه المناطق بمعدل 118.2 % عن مستواه الحالي وبكمية إضافية قدرت بحوالي 228.559 طناً، وهذا إن تحقق فسيسهم في زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح في عموم البلاد إلى 12.4 % مقارنة بالنسبة الحالية المقدرة بـ 2.8 % كما ستنخفض فاتورة الواردات وعجز الميزان التجاري في حدود 57-69 مليون دولار سنويا فضلاً عن توفير الكثير من فرص العمل والدخل للأسر الزراعية.
وقدرت الدراسة الزراعية المذكورة إجمالي عائدات إنتاج الهكتار من محصول القمح في القطاع المروي بـ 2700 دولار بينما قدرت التكلفة الكلية بـ 1750 دولاراً، وبالتالي فإن العائد الصافي سيكون 950 دولاراً وكانت نسبة التكاليف إلى العائدات 65 % وهذه مؤشرات تقريبية تفيد بتوفر جدوى اقتصادية متوسطة في إنتاج القمح وتشجع على التوسع في زراعته محلياً.

سلعة استراتيجية
وخلص التقرير إلى أن القمح يبقى سلعة استراتيجية ترتبط بأمن الوطن واستقلال القرار الوطني، ويستوجب التعاطي مع الفجوة الغذائية في القمح من منظور استراتيجي واسع على المدى القصير والمتوسط والبعيد بالتركيز ليس فقط على التوسع الرأسي لزيادة الإنتاجية ولكن أيضاً على التوسع الأفقي في المساحة المزروعة، والتأثير على الأنماط الاستهلاكية بتشجيع المنتج المحلي وتعزيز وضع الميزان التجاري الزراعي من خلال زيادة إنتاج وتصدير المحاصيل ذات الميزة النسبية وأهمية دعم وتحفيز المزارع اليمني بما يضمن تنشيط دوره الإنتاجي وتعزيز مناعته ضد الأزمات وتحويله من مستهلك للمساعدات الغذائية إلى منتج للمحاصيل الضرورية.
ووفقاً للإعلام الزراعي والسمكي فإن هناك ضرورة ملحة لخلق رأي عام يخدم هذا التوجه ويدعم فكرة التحول نحو الإنتاج المحلي ليس على مستوى محصول القمح فقط ولكن على مستوى الإنتاج الزراعي بشكل عام لا سيما المحاصيل الاستراتيجية كالحبوب بأنواعها.